«كريسماس حزين» في بيت لحم.. غزة الغائب الحاضر
المئات تجمعوا بكنيسة المهد في بيت لحم لإحياء عيد الميلاد وسط أجواء قاتمة للعام الثاني على التوالي في ظل الحرب المستعرة بغزة.
وللسنة الثانية، لم توضع أي زينة في المكان في غياب السياح والحجاج الذين كانوا يتوافدون إلى بيت لحم في أعياد الميلاد في الماضي.
ويعكس ذلك أجواء الحزن السائدة في ظل الحرب المتواصلة بين إسرائيل وحماس في غزة.
وفي ساحة المهد وسط المدينة الفلسطينية حيث الكنيسة المقامة في الموقع الذي يؤمن المسيحيون بأن المسيح ولد فيه، كسرت مجموعة من الكشافة الصمت الذي ساد خلال الصباح.
وقال عمدة بيت لحم المحامي أنطون سلمان في رسالة الميلاد، إن «مدينة بيت لحم ليست بعيدة عما يدور حولها في المدن الفلسطينية».
وأضاف في الرسالة التي تلقت «العين الإخبارية» نسخة منها: «فمنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، عانت المدينة من العزلة نتيجة القيود المفروضة عليها» من قبل إسرائيل.
وأوضح: «توقفت السياحة وأغلقت الأبواب أمام حجاجها، وجفت الموارد وانتشرت الحواجز على مداخلها (...) وعم الركود أسواقها».
وتابع بعد إدانته استمرار الحرب على غزة: «لذلك قررت بلدية بيت لحم اقتصار احتفالات الميلاد المجيد لهذا العام على الصلوات والشعائر الدينية، تأكيداً على رفضنا للظلم الواقع على شعبنا في غزة وكل فلسطين والإبادة التي يتعرض لها».
واليوم الثلاثاء، استقبل سلمان، غبطة البطريرك بيير باتيستا بيتسابالا بطريرك القدس للاتين، لدى وصوله إلى ساحة المهد في مدينة بيت لحم.
وانطلق الموكب البطريركي من بطريركية اللاتين في القدس، وصولاً إلى كنيسة مار الياس، ثم توجه إلى بيت لحم.
ولدى وصوله قبة راحيل، كان في استقباله نائب رئيس بلدية بيت لحم حنا حنانيا وعدد من أعضاء المجلس البلدي، ثم انطلق الموكب نحو كنيسة المهد مروراً بشارع النجمة.
وتقدمت الفرق الكشفية موكب البطريرك قبل وصوله إلى ساحة المهد، حيث غابت مظاهر الاحتفال التقليدية.
وعند وصوله لساحة المهد، وجه البطريرك رسالة تضامن وأمل للمؤمنين من بيت لحم للعالم أجمع، مشيراً إلى أن عيد الميلاد هذا العام يأتي في أجواء حزينة، حيث أغلقت أبواب المدينة، مما جعل الأجواء مختلفة تمامًا عن الأعوام السابقة.
«عيد ميلاد حزين»
وأضاف: “هذه هي آخر مرة نحتفل بعيد ميلاد حزين، ولن نسمح للحرب أن توقف حياتنا”، داعيا الحجاج من مختلف أنحاء العالم إلى عدم الخوف والقدوم إلى بيت لحم.
وذكر بأن “العام الماضي كان عاماً صعباً للغاية، لكنه أكد أن الإيمان والرجاء يمنحان القوة للاستمرار وعدم الاستسلام“.
وأرسل البطريرك رسالة المحبة والسلام من أهل غزة، قائلاً: “أوصل تحيات وتهاني الميلاد من إخواننا في غزة. كنت هناك بالأمس، وشاهدت حياتهم اليومية. هم شعب لا يستسلم، ونحن أيضاً يجب ألا نستسلم”
وكان البطريرك زار غزة، الأحد، للاحتفال بعيد الميلاد المجيد في كنيسة العائلة المقدسة بالقطاع.
وقال: "نحن نعيش في فترة مليئة بالظلمات، ولا حاجة لشرح ذلك لأنكم تعرفونه جيدًا".
واندلعت الحرب في قطاع غزة بعد هجوم مباغت شنته حركة حماس على البلدات الحدودية جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وأسفر الهجوم الذي كان الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل، عن مقتل 1208 أشخاص، بحسب حصيلة لفرانس برس تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وأما العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة التي انطلقت ردا على الهجوم، فأودت بحياة 45338 شخصا، بحسب أرقام وزارة الصحة في القطاع والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
لا مظاهر احتفالية
وعادة، تضاء شجرة ميلاد كبيرة في ساحة المهد، لكن السلطات المحلية فضّلت الابتعاد عن المظاهر الاحتفالية الكبرى للعام الثاني على التوالي.
ويقول رئيس بلدية بيت لحم أنطوان سلمان لوكالة فرانس برس "هذا العام قلصنا طقوس الفرح، نريد التركيز على الواقع الفلسطيني ونظهر للعالم أن فلسطين لا تزال تعاني من الاحتلال الإسرائيلي، لا تزال تعاني من الظلم".
لكن الصلوات، بما فيها قداس منتصف الليل الذي تعرف به الكنيسة، ستقام بحضور بطريرك اللاتين للكنيسة الكاثوليكية.
إلا أن الاحتفالات سترتدي طابعا دينيا بخلاف الاحتفالات التي كانت تشهدها المدينة في الماضي.
ورغم الأجواء الكئيبة، يجد بعض مسيحيي "الأراضي المقدسة" البالغ عددهم حوالى 185 ألفا في إسرائيل و47 ألفا في الأراضي الفلسطينية، ملاذا في الصلاة.
ويقول سلمان "عيد الميلاد هو عيد الإيمان.. نصلي ونطلب من الرب أن ينهي معاناتنا".
وأما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فوجّه رسالة إلى المسيحيين حول العالم شكرهم فيها على دعمهم معركة تل أبيب ضد "قوى الشر".
وقال: "وقفتم إلى جانبنا بصمود وبشكل دائم وبقوة في وقت تدافع إسرائيل عن حضارتنا بمواجهة الهمجية".
aXA6IDMuMTQyLjI1NS4xMDMg
جزيرة ام اند امز