أردوغان، الذي احتل أجزاء من سوريا وسرق ثرواتها واشترى ولاءات البعض، يضع يده اليوم على العاصمة الليبية أمام صمت عالمي.
منذ سقوط الخلافة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى وإلغاء مصطفى كمال أتاتورك الخلافة العثمانية عام 1924، وتأسيس الجمهورية التركية، وهوس الكثير من المسلمين -ومنهم "الإخوان"- في إعادة الخلافة التي تعتبر رمزا لوحدة المسلمين وسلاحا من الممكن استخدامه ضد الأعداء دائما وبشكل فعال.
الأمر الذي جعل استغلالها والمتاجرة بها سلاح الكثير للوصول إلى غايات وأهداف غير شريفة كما يفعل أردوغان حاليا، ومن هنا نرى تشويه صورة أتاتورك في كتب جماعات الإسلام السياسي رغم أنه أنقذ تركيا حينها من الهوان والذل والاحتلال وحررها، ورفض "اتفاقية لوزان" المذلّة التي وقّعها السلطان العثماني، لهذا فإن للرجل قيمة كبيرة عند الشعب التركي اليوم أكثر من عبدالحميد وبقية السلاطين.
من هنا أردوغان يراهن كثيرا على الإخوان، بعدما نصّب نفسه صاحب مشروع إسلامي من الوجهتين التاريخية والدينية، وإيجاد الأثر الإيجابي على الكثير من المسلمين المغرر بهم، اتضح ذلك جليا في إعادة آيا صوفيا من متحف إلى مسجد؛ هذه الخطوة الأردوغانية فتحت الكثير من الشجن وسذاجة الكثيرين من المسلمين، وساعدته في ذلك جماعة الإخوان الحزبية بواسطة بروباجندا إعلامية مركزة نجحت من خلالها في التأثير على عواطف الكثير، ما يجعلنا نقرع أجراس الخوف والتوجس من أخطار المد والاستعمار العثماني الجديد.
أردوغان، الذي احتل أجزاء من سوريا وسرق ثرواتها واشترى ولاءات بعض مواطنيها، يتبجح بأن له حدودا مع سوريا وأنه يتدخل ليحميها، فهو يضع يده اليوم على العاصمة الليبية أمام صمت عالمي، وهو بذلك يمثل تهديدا مباشرا بمليشياته ومرتزقته لكل الدول العربية التي لها حدود مع ليبيا، فتركيا تريد ثروات ليبيا وحماية الإخوان فيها؛ لأنهم الضامن لنجاح المشروع في بقية الدول المجاورة العربية "تونس - الجزائر - المغرب - مصر - السودان" بعد ضمان التواجد في الصومال.
أردوغان، الذي احتل أجزاء من سوريا وسرق ثرواتها واشترى ولاءات بعض مواطنيها، يضع يده اليوم على العاصمة الليبية أمام صمت عالمي، وهو بذلك يمثل تهديدا مباشرا لكل الدول العربية التي لها حدود مع ليبيا.
إن ليبيا حاليا أرض خصبة لتجميع المرتزقة وجماعات الإرهاب، حيث ساهم موقعها لأن تكون نقطة انطلاق لهم، وأن تكون خنجرا مسموما في خاصرة دول شمال وغرب أفريقيا في ظل وجود جماعات موازية إرهابية في تشاد ومالي ونيجيريا، لأن جماعة الإخوان المسلمين وكل الحركات الإسلامية المتشددة تنطلق من وعاء فكري واحد ومنهج واحد.
وهو منهج الجماعة التي أسسها حسن البنا، ولأن تنظيم الإخوان قائم على أنهم جماعة الإسلام، لكنهم في الحقيقة يثيرون الفتن والاضطرابات، والقلاقل باستحلال الدماء والأموال بين أبناء المجتمع الواحد تحت دعاوى مختلفة منها: التكفير للحاكم أو للدولة، أو لطوائف معينة من الناس ومنها: استحلال دماء المسلمين تحت دعوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحرية والديمقراطية وغيرها من الشعارات، بينما واقعهم لا يقبل إلا شرعيتهم ولا يقبل إلا ما يقوله المرشد الأعلى للجماعة.
لا شك أن قرار أردوغان بالدخول إلى ليبيا ليست له علاقة بالإسلام وإنقاذ ليبيا كما تقول الجماعة، إنما يخدم المرتزقة والتطرف عند الجماعات الإسلامية التي ترى هذه القرارات وكأنها جاءت لتغذي فكرها المتشدد بحروب وفوضى عبثية ستزيد الأوضاع أكثر سوءا مما هي عليه الآن، وسيزيد الصراع الدولي على ليبيا ليصل إلى مرحلة المواجهة.
ليبقى السؤال الأهم، هل عرفتم ماذا يريد أردوغان من بلاد العرب؟ ولماذا أيده الإخوان المجرمون والتكفيريون وصفقوا له في احتلال ليبيا؟ ومـاذا يريدون مـن شعب طيب وبـلد حبيب؟
أخيرا على الدول العربية الاستفادة من دروس التاريخ في عدم استسهال العدو والحرص منه، وفي شنّ الحروب وغزو البلدان والأمم والشعوب من الداخل، فما تسريبات خيمة القذافي إلا تأكيد للمؤكد والخيانة، وقد عرف تاريخ الحروب منذ الأزل بأن الإمبراطوريات والممالك المأزومة اقتصاديا وسياسيا تلجأ إلى الحروب من أجل تأمين موارد طبيعية.
وتحسين أوضاعها السياسية عن طريق الهجوم والاستيلاء على دول أخرى، عندها سيكون قد فات الأوان، ولا يمكن معالجة الخطأ والهروب من الخطر والعدو معا، فيأخذ التاريخ مجراه الطبيعي في ضمهم إلى صفحاته بسبب الغفوة، والتردد، والاستهتار، وسيسجل التاريخ أسماء الخونة من العرب الذين وقفوا مع الأتراك ضد أوطانهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة