الإمارات كدولة عربية رائدة في مجال التسامح هي الأقدر على أن تكون أرضها "جنيف العرب" نتيجة علاقاتها المتوازنة مع الأطراف السورية
ربما تستعصي تعقيدات المشهد السوري اليوم من زاوية الحل على أعتى السياسيين أو صناع القرار، لأن الحاجة لإنتاج رؤية شاملة لاستقرار قريب في سوريا أمر يبدو شبه مستحيل مع وجود قوى إحلال متعددة الأوجه ومختلفة الأشكال، لا سيما أن التنسيق الإيراني الروسي التركي يقتصر على تفاصيل يرفضها الغرب وتواجهه أمريكا بمزيدٍ من الشكوك الجديدة كل ساعة.
ولن ترسم حكاية تشكيل اللجنة الدستورية السورية من قبل الوسيط الأممي بيدرسون الابتسامة على وجوه السوريين المعذبين والمنكوبين، ولا بأس هنا أن نطلع القارئ الكريم على حيثيات فنية يحيط بها الغموض من حيث الصلاحيات والأداء المفترض القيام به داخل منظومة العمل في هذه اللجنة.
فمحالٌ أن يتفق 150 شخصية سورية من الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني على بندٍ أو مادة دستورية دون إيجاد اتفاق بين الرعاة الدوليين، وقد يمتد عمل هذه اللجنة المشكلة حديثاً شهوراً بل سنوات تحت عنوان "راوح مكانك"، وسيحصد السوري اللاجئ والنازح والمشرد كل يوم ثمرات الموت البطيء السلبية دون تحريك أي ساكن.
الجواب ببساطة شديدة يكمن في حلول منطقية وجذرية بل عاجلة تنهي حالة الاحتلال لسوريا الدولة والمجتمع، والدعوة الجادة لحوار سوري - سوري تحت مظلة عربية ودعم سعودي مصري إماراتي، لأن هذه الدول الثلاث الكبرى هي الوحيدة القادرة على إحداث أي اختراق إيجابي في جدار اللامبالاة الدولية
ليبقى بعد كل هذا العامل الإيراني شديد الخطورة الأكثر فتكاً وضرراً بجسد العملية السياسية السورية من حيث الواقع والمستقبل، فالمليشيات لا تزال تعبر الحدود من العراق ولبنان نحو سوريا من أجل تحقيق أحلام الملالي في طهران بالانتقام من الدولة السورية ومواطنيها، وإيقاف عجلة الاستقرار الجزئي أو الكلي، فضلاً عن عمليات النهب المنظم للثروة السورية.
أما الاحتلال التركي في الشمال فأجندته مفضوحة، وأزلامه معروفون بولائهم لأمر المخابرات الأردوغانية، وهيمنتهم على قوت الناس ومقومات عيشهم معلومة بديهية تدر أرباحها على الخزينة التركية ملايين الدولارات يومياً، ناهيك عن لبوس المسميات التي يطلقها الأتراك على عملائهم من الائتلافيين الإخوانيين أو من يطلق عليهم مجازاً حكومة مؤقتة ووزراء.
ولأن الشروط الفرنسية الأخيرة على أي انتخابات منتظرة في سوريا تعدُ الأكثر وضوحاً لمن يريد سبر أغوار الموقف الأوروبي ككل، لا بد أن نجيب عن سؤال المقالة المفترض ألا وهو "ما الذي يحتاج إليه السوريون اليوم بكل طوائفهم وأعراقهم ومذاهبهم السياسية والاجتماعية؟".
والجواب ببساطة شديدة يكمن بحلول منطقية وجذرية، بل عاجلة تنهي حالة الاحتلال لسوريا الدولة والمجتمع، والدعوة الجادة لحوار سوري - سوري تحت مظلة عربية ودعم سعودي مصري إماراتي، لأن هذه الدول الثلاث الكبرى هي الوحيدة القادرة على إحداث أي اختراق إيجابي في جدار اللامبالاة الدولية والتسويف الأممي والمصالح الضيقة غربا وشرقا.
ولعل الإمارات كدولة عربية رائدة في مجال التسامح والحوار هي الأقدر على أن تكون أرضها "جنيف العرب" نتيجة علاقاتها المتوازنة والممتازة مع جميع الأطراف السورية، وكون أبوظبي تحظى بدعم الرياض والقاهرة في كل خطوة حوارية، لا شك لديَّ بأن حكامها لم يقصروا يوماً بدعم وإغاثة السوريين التواقين للخلاص من الاستبداد والإرهاب والاحتلال، وسجل الإماراتيين يزخر بالمصالحات التاريخية المشهودة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة