برنامج التمكين السياسي يسير بخطوات ثابتة وواضحة وفق مراحل متدرجة تكمل كل واحدة منها الأخرى
بنظرة سريعة لإجراءات عملية الانتخابات التشريعية (المجلس الوطني الاتحادي) في دولة الإمارات واستعداداتها إلى يوم إجراء الانتخاب الرئيسي يوم السبت الموافق 5 أكتوبر، يمكن الحكم فيها بأنها خرجت بصورة رائعة وحضارية، وأنها كانت تقدم دروساً ميدانية تؤهل فيها "شعب الاتحاد" تدريجياً لكيفية التعامل مع مثل هذه الفعاليات الوطنية الكبيرة التي تفاعل معها أغلب شرائح المجتمع بالانتخابات أو بالتطوع فيها أو بالتغطية الإعلامية أو بتوعية الرأي العام أو حتى بتنظيم الحملات الانتخابية التي رغم بعض الملاحظات التي وجهت لها فإنها لم تخرج عن السياق العام لمجتمع الإمارات.
إن الخبر الذي تداولته وسائل الإعلام التقليدية والحديثة عن تمديد فترة التصويت لمدة ساعة بعد انتهاء الوقت الأصلي في جميع المراكز الانتخابية هو أفضل تعبير عن مدى نجاح هذه التجربة الإماراتية الرابعة والتي يتم ترسيخها تدريجياً وفق رؤية تناسب طبيعة وخصوصية المجتمع الإماراتي، بل إن مبررات هذا التمديد والذي جاء نتيجة لتفاعل المقترعين هو برهان وإثبات عملي على حماس أبناء الإمارات وتنافسهم في اختيار -من لهم حق التصويت أو الشريحة المختارة لتنوب عن باقي أبناء الإمارات- مَن هو الأجدر والأنسب لخدمة الوطن والمواطن.
قد يكون الذين كانوا على احتكاك مباشر بالعملية الانتخابية، سواء منظمين أو ناخبين، شعروا بقيمة المناسبة بشكل أكبر وأصدق من غيرهم باعتبارها مسؤولية وطنية، ولكن الأجواء التي عاشها الجميع في دولة الإمارات منذ بداية أغسطس الماضي لحين الإعلان عن القائمة الأولية يوم السبت الموافق 5 أكتوبر تؤكد أنه فعلاً كان عرساً سياسياً
التقييم الذي لا يختلف عليه اثنان حول العملية الانتخابية في شقيه التنظيمي والإجرائي بعد أربع تجارب أنه: حقق نجاحات مشهودة، خاصة أنها –العملية- تتم مراقبتها من الرأي العام العالمي في الخارج والداخل وهي شهادة تحسب للقائمين عليها، وعندما تنجح الجهة المنظمة للانتخابات في هذين الشقين تكون النتيجة أن الجميع يفوز لأن أغلب التحديات التي تواجه الانتخابات بشكل عام هي في هذا الجانب حتى في تلك التجارب التقليدية، ووفق ذلك، فإن نجاح هذا الجانب في العملية الانتخابية يستتبع نجاح باقي المراحل كونها الركيزة الأساسية وعليه يمكننا القول إن التجربة الانتخابية الإماراتية تعبُر بنجاح كباقي تجاربها التنموية التي أصبحت أيقونة.
هناك العديد من الجوانب حدثت في هذه العملية التي يمكن رصدها وتحليل دلالاتها؛ منها الاهتمام الإعلامي العالمي وكذلك رغبة الكثيرين في الترشح ولو من باب تسجيل موقف للتاريخ، لكن النقطة المهمة التي ينبغي التوقف عندها طويلاً ومحاولة قياس المدى الذي وصلت إليه فكرة المشاركة السياسية في المجتمع أو ما يسمى "الوعي السياسي" أن هناك احتضانا شعبيا لهذه التجربة من واقع تفاعل الناس معها، بحيث تجاوز هذا التفاعل من المتابعة وانتظار من سيفوز إلى مرحلة محاولة التأثير في اختيارات المصوتين وأن يكون الخيار للأفضل من منطلق أن صوتك أمانة، بل إن الأمر تجاوز المتخصصين في التعبير عن أهميتها إلى أن تبدي امرأة عجوز برأيها في نوعية المرشحين الذين ينبغي أن يمثلوا المجتمع، وإلى طرح أسئلة حول لماذا ينبغي أن نشارك في الانتخابات كما نقل لنا البعض أو تمت قراءته في وسائل الإعلام.
وبزاوية أوسع فإن المرأة الإماراتية في هذه الانتخابات كانت واحدة من السمات الأساسية لها ليس فقط لأنه خصص لها نصف مقاعد المجلس (عشرون معقداً من أصل أربعين) ولكن من حيث حضورها الإعلامي من خلال المشاركة بقوة وطرح قضايا كان لها صدى مجتمعي في دلالة على حالة الجرأة والرغبة في الانتقال من "منطقة الظل" والتعبير أن قضايا المجتمع تهمها وتأكيد حرصها على مخاطبة "نبض الشارع" وكذلك الحماسة في إنجاح هذه الملحمة الوطنية.
قد يكون الذين كانوا على احتكاك مباشر بالعملية الانتخابية، سواء منظمين أو ناخبين، شعروا بقيمة المناسبة بشكل أكبر وأصدق من غيرهم باعتبارها مسؤولية وطنية، ولكن الأجواء التي عاشها الجميع في دولة الإمارات منذ بداية أغسطس الماضي لحين الإعلان عن القائمة الأولية يوم السبت الموافق 5 أكتوبر تؤكد أنه فعلاً كان عرساً سياسياً يعكس تفاعل كل أبناء الإمارات مع القضايا الكبرى بقدر تفاعلهم مع أي مناسبة وطنية أخرى مثل وصول أول إماراتي إلى الفضاء في دلالة واضحة للمقولة الخالدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ولي عهد أبوظبي: "البيت متوحد".
برنامج التمكين السياسي يسير بخطوات ثابتة وواضحة وفق مراحل متدرجة تكمل كل واحدة منها الأخرى وتبني على ما حققته التجربة السابقة وضمن الرؤية الواضحة التي رسمتها القيادة السياسية التي تصب في إشراك أبناء الإمارات في عملية صنع القرار.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة