أصل الحكاية.. قصة الصراع الأمريكي مع هواوي
جزء من حرب تجارية أم صراع سيطرة وتجسس وجيل خامس في قبضة هواوي؟
أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شرارة تصعيد جديد في العلاقات الاقتصادية المتوترة مع الصين، بإعلان شركة جوجل العالمية، الأحد، تعليق أعمالها التجارية مع عملاق الاتصالات الصينية شركة هواوي، في خطوة من شأنها عرقلة أنشطة الشركة الصينية في الأسواق الخارجية.
رسميا قالت شركة "Alphabet" المالكة لجوجل إن وقف أي تعاون بينها وبين هواوي يتطلب أي نقل لقطع قطع غيار أو برامح فيما عدا تلك مفتوحة المصدر، وترتب على ذلك حرمان الشركة الصينية من بعض تحديثات نظام التشغيل أندرويد وفقدان إمكانية الوصول إلى متجر تطبيقات جوجل والبريد الإلكتروني "GMAI".
يأتي ذلك بعد عدة أيام من إصدار وزارة التجارة الأمريكية ضوابط تضع شركة هواوي تكنولوجيز و70 شركة تابعة لها إلى ما يطلق عليه "قائمة الكيانات" الخاصة بها، في خطوة تمنع شركة الاتصالات الصينية من الحصول على مكونات وتكنولوجيا من شركات أمريكية بدون موافقة مسبقة من الحكومة.
وحسب ما ذكرته صحيفة "تشاينا تايمز" الصينية، قد تؤدي الخطوة إلى تعطيل عمل شركة هواوي خارج الصين.
هذه الخطوات السريعة والمتعاقبة جاءت بعد حرب كلامية بين المسؤولين الأمريكيين والصينيين حول اتهامات الولايات المتحدة لشركة الاتصالات الصينية بتهديد الأمن القومي من خلال ممارسة أعمال تجسسية، وهو ما قابلته الصين بالنفي والرفض القاطع للاتهام، مما طرح تساؤلات حول كون هذا التصعيد يقوده بالفعل مخاوف أمنية أم ورقة ضغط ضمن الحرب التجارية المشتعلة بين الاقتصادين الأكبر في العالم.
بواد الأزمة تعود إلى إعلان الرئيس ترامب منذ وصوله إلى سدة الحكم في عام 2017 ضرورة تطبيق سياسات اقتصادية عادلة ومواجهة القرصنة الصينية لحقوق المعرفة والملكية الفكرية ولاسيما بالقطاع التكنولوجي، مع فرض رسوم على سلع صينية بمئات المليارات من الدولارات، كان آخرها الرسوم المفروضة على سلع بقيمة تصل إلى 200 مليار دولار مطلع هذا الشهر من أجل تشجيع الطلب على المنتجات الأمريكية وتحفيز الاستثمارات الخارجية على العودة إلى البلاد.
وتواصل السجال بين الصين وأمريكا في فرض رسوم متبادلة، حتى جاء نبأ اعتقال السلطات الكندية منغ وانزهو، المديرة المالية ونجلة مؤسس شركة هواوي في 6 ديسمبر/كانون الأول 2018 بموجب مذكرة فيدرالية وترحيلها إلى الولايات المتحدة للاشتباه بانتهاك العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران بتوريد أجهزة اتصالات لها.
وكان لهذه الخطوة وقع سيئ على العلاقات الأمريكية الصينية، حتى وجهت وكالة الاستخبارات الأمريكية اتهامات لهواوي بالحصول على تمويل من أمن الدولة الصيني ووجود علاقات توحي بأن معدات شركة هواوي قد تحتوي على "أبواب خلفية" في شبكات آمنة لاستخدام الجواسيس الصينيين.
وعلى الرغم من نفي عملاق الاتصالات الصيني هذه الاتهامات، إلا أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو حذر من مخاطر استخدام أنظمة لتكنولوجيا متصلة بشكل وثيق بمشاريع مملوكة للحكومة لها صلات بالصين.
- اتهام "هواوي" بالحصول على تمويل من جهات أمنية صينية.. والشركة ترد
- طبول حرب تجارية تقرع.. أمريكا تدرج "هواوي" في قائمة سوداء والشركة ترد
هذه الخلافات الأمنية، تحولت إلى قرارات ذات بعد اقتصادي لتدخل بحسب تحليلات اقتصادية ضمن الحرب الاقتصادية الأمريكية الصينية، وذلك بتوقيع دونالد ترامب الأسبوع الماضي قرارا يقضي بحظر استخدام الشركات الأمريكية لمعدات الاتصالات التي تصنعها شركات يُعتقد أنها تمثل تهديداً للأمن القومي.
كما أن وزير التجارة الأمريكية ويلبور روس ذكر في بيان رسمي في 16 مايو/أيار الحالي أن القرار يأتي لمنع استخدام كيانات يملكها أجانب للتكنولوجيا الأمريكية بطرق قد تقوض الأمن القومي الأمريكي أو مصالح السياسة الخارجية".
اعتبرت الصين أن هذه الخطوة ذات مغزى تجاري، إذ قال قاو فنج، المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية، الخميس الماضي، إن بكين تعارض بشدة فرض دول أخرى عقوبات أحادية على كيانات اقتصادية صينية.
كما اعتبرت هواوي أن الولايات المتحدة انتهكت حقوقها بفرضها قيوداً غير معقولة.
ولم تقتصر أمريكا على فرض عقوبات على هواوي، بل تحاول أن تتخذ الدول الأوروبية نفس النهج في محاولة لتتضيق الخناق على الشركة الصينية، وهو ما أعلنه وزير الخارجية الأمريكية بومبيو بأنه يعمل على إقناع الاتحاد الأوربي بتجنب تبني نظام هواوي تكنولوجيز، وأن الولايات المتحدة لن تكون شريكا أو تتبادل المعلومات مع الدول التي تتبنى هذا النظام.
ولكن اللافت في الأمر أن الدول الأوروبية الكبرى تجاهلت التحذيرات الأمريكية، وفضلت استمرار الشراكة مع هواوي، حيث أعطت تيريزا ماي رئيسة الوزراء البريطانية الضوء الأخضر لشركة هواوي الصينية، للمساعدة في بناء شبكة 5G.
فيما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده لن تسير على خطى الولايات المتحدة في حظر عمل هواوي بأسواقها.
كما أعلن رسمياً يوخن هومان، رئيس الوكالة الفيدرالية للشبكات الألمانية، أن بلاده لن تقصي هواوي من الشركات الموفِّرة لخدمات الجيل الخامس، مضيفاً أنه حتى الآن لا تتوافر أي دلائل على خرق هواوي لقواعد تسيير الاتصالات والأمن المعلوماتي في ألمانيا.