الاقتصاد الروسي في مواجهة طوفان العقوبات.. هل صمد؟
أنهى الاقتصاد الروسي عام 2022، على انكماش يقل عن 2.5%، رغم دخول موسكو العام الثاني للحرب في أوكرانيا.
تلقى الاقتصاد الروسي على مدى 10 أشهر أكثر من ستة آلاف عقوبة في مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية والبنكية والعسكرية والعلمية، فضلاً عن فرض حد أقصى لسعر برميل النفط الخام الروسي المنقول بحراً عند 60 دولاراً.
ورأى خبراء اقتصاد أن هذا الاقتصاد تمكن من الصمود بعد 10 أشهر من العقوبات والمقاطعة الأوروبية والأمريكية بعد أن توقعت جهات ومؤسسات دولية عدة انهيار الروبل وانكماش الاقتصاد بين 10 و20 بالمئة، فيما توقع الخبراء أن عام 2023 لن يكون سهلاً عليه.
لكن الناطق باسم الكرملين قال، إن بلاده وصلت إلى يقين بأن العام المقبل والأعوام القادمة، "سندخل في مسار النمو.. لا تزال توجد لدينا بعض الثغرات في بعض الصناعات وبسبب العقوبات، فإن هذا يسبب لنا بعض الصعوبات ولكن بشكل عام سنعود إلى مسار النمو".
وفي وقت سابق، أظهرت بيانات رسمية أن الاقتصاد الروسي سجل أداء في العام 2022 أفضل من المتوقع على الرغم من العقوبات غير المسبوقة، فبعد تقديرات لصندوق النقد الدولي في أبريل/نيسان 2022، تشير لانكماش 18.5%، حققت الدولة انكماشا فعليا بأقل من 2.5%.
وأعلنت هيئة الإحصاء الروسية "روس ستاتا"، أن الاقتصاد الروسي انخفض بنسبة 2.1% العام الماضي، مسجلا بذلك نجاحا في استيعاب العقوبات الغربية بشكل أفضل مما كان متوقعا.
فيما أشارت تقديرات لصندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصاد الروسي سيعود إلى النمو العام الجاري، إذ يتوقع نموا له بنسبة 0.3% وفي العام القادم 2024 بنسبة 2.1%.
وعلى الرغم من 9 مجموعات من العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي، لم يشهد الاقتصاد الروسي سوى انكماش بسيط في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022.
وأشاد الرئيس فلاديمير بوتين الثلاثاء من الأسبوع الماضي بـ "مرونة" الاقتصاد الروسي خلال خطابه عن حالة الأمة؛ ومع ذلك، يشير بعض المراقبين والسياسيين الغربيين إلى نقاط غير مرئية في الإحصاءات الرسمية التي قدمتها موسكو.
الواقع الذي يزعج الغرب، أن الاقتصاد الروسي يقاوم بعيدا عن "الانهيار" الذي تنبأ به وزير المالية الفرنسي برونو لومير بعد الموجات الأولى من العقوبات الغربية في أعقاب اندلاع الغزو الروسي لأوكرانيا.
ترجع المرونة الواضحة للاقتصاد الروسي في المقام الأول، إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز في عام 2022، والذي عوض عن انخفاض حجم الصادرات، وهو انخفاض بنحو 25% للغاز.
تمكن الاتحاد الأوروبي، الذي كان سابقا أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين لروسيا، من خفض وارداته من الغاز الطبيعي الروسي بنسبة 55%، بهدف تقويض قدرة موسكو على تمويل الحرب في أوكرانيا.
لمعالجة العجز، لجأت روسيا إلى مشترين جدد بما في ذلك تركيا والهند والصين على وجه الخصوص؛ وزادت شحنات الغاز إلى الأخيرة عبر خط أنابيب غاز سيبيريا بنسبة 48%.
لكن على ما يبدو أن الغاز الروسي إلى جانب النفط والمشتقات، واصل طريقه نحو دول الاتحاد الأوروبي عبر أطراف ثالثة، كالشركات الهندية أو الصينية، ما يعني استفادة روسية إلى جانب تلك الشركات، وتضرر الأوروبيين.
مع دخول الحرب الروسية في أوكرانيا عامها الثاني، ساهمت صناعة الأسلحة أيضا في النشاط الاقتصادي لموسكو، إذ شهدت الصناعة زيادة حادة في الإنتاج.. وهذه علامة واضحة على نجاح بعض فروع المجمع الصناعي العسكري الروسي في التكيف".
على سبيل المثال، هناك مصانع في جبال الأورال تعمل على مدار الساعة، بحسب وكالة تاس الروسية.
من القطاعات القوية الأخرى للاقتصاد الروسي، القطاع الزراعي؛ فبحلول نهاية العام الزراعي، أي بحلول 30 يونيو/حزيران 2023، ستكون روسيا قادرة على رفع الحجم الإجمالي لصادرات الحبوب إلى 55-60 مليون طن.
قطاعات الغاز والنفط والتمويل والتجارة والتكنولوجيا، لحقت بهم تأثرات، بفعل موجات متتالية من العقوبات الغربية؛ ومع ذلك، فإن الشركات الروسية تتكيف باستمرار، عبر حلول محلية أو التفاف على العقوبات الغربية.
يتم استيراد السلع الغربية بسهولة عبر دول ثالثة مثل قيرغيزستان أو أرمينيا أو جورجيا، وهي دول حدودية تقع في قلب دائرة التجارة الموازية التي تزود الصناعة الروسية.
كما تمكنت صناعة المواد الغذائية من الانتعاش من خلال ظهور شركات محلية، حلت محل العلامات التجارية الغربية، مثل بيبسي أو كوكا كولا.
لكن، يعد قطاع السيارات في روسيا من أكثر الصناعات التي عانت تحت وطأة العقوبات؛ وفقا لجمعية الأعمال الأوروبية (AEB)، إذ تم بيع ما يقرب من مليون سيارة أقل في العام الماضي مقارنة بعام 2021 في روسيا.
هذا يمثل انخفاضا بنسبة 59%؛ حيث يوضح هذا الرقم الكثير عن تأثير العقوبات، ولكنه يشير أيضا إلى فقدان شراء المواطن الروسي القوة الشرائية.
aXA6IDMuMTM5Ljk4LjEwIA== جزيرة ام اند امز