ما هو الركود التضخمي؟.. "توليفة سامة" تثير الذعر في أمريكا
تخشى الولايات المتحدة من حدوث تضخم مصحوب بالركود، أو ما يعرف بـ"الركود التضخمي" في وقت يسارع الفيدرالي الخطى لزيادة أسعار الفائدة.
وبدأت معالم التضخم تظهر على الاقتصادين الأمريكي والعالمي بشكل عام اعتبارا من الربع الثالث 2021، إلا أن وتيرته قفزت منذ بدء الحروب الروسية على أوكرانيا، ما دفع البنوك المركزية حول العالم لإعلان حالة الطوارئ.
واليوم، يرتفع الحديث عن تضخم غير مسيطر عليه يرافقه ركود اقتصادي قوي، وهي توليفة بإمكانها الهبوط بأقوى الاقتصادات العالمية إذ اجتمعا معا لعدة شهور وربما سنوات في دولة أو قارة ما.
صحيفة واشنطن بوست، نشرت مؤخرا تقريرا تتحدث فيه عن الركود التضخمي، في وقت يحذر فيه الاقتصاديون من أن الاقتصاد العالمي قد يتجه نحو بطء النمو وارتفاع الأسعار والبطالة المرتفعة، وهو مشروب سام قد يعيق تعافي البلدان من جائحة فيروس كورونا.
والأسبوع الجاري أيضا، حذر البنك الدولي من أن "التضخم المصحوب بالركود"، يمكن أن يؤدي إلى سنوات من النضال لإعادة مسار الاقتصاد نحو التعافي، بالتزامن مع عقبات سلسلة التوريد، والهجوم الروسي على أوكرانيا، واستمرار موجات حالات كوفيد -19.
وهذا "التضخم المصحوب بالركود"، يمكن أن يلحق الضرر بالمستهلكين وأرباب العمل على حد سواء، مما يدفع الأسواق العالمية إلى الانكماش الذي تجنبوه إلى حد كبير عندما ضرب الوباء لأول مرة في عام 2020.
ما هو الركود التضخمي؟
التضخم المصحوب بالركود هو مصطلح يجمع بين الكلمتين الركود والتضخم؛ فهو يصف الاقتصاد الذي يعاني من خلل، حيث تستمر الأسعار في الارتفاع بينما ينخفض النمو الاقتصادي، وارتفاع في معدل الزيادة لإنتاج السلع والخدمات.
ومن شأن هذه التوليفة "السامة"، أن تقود إلى الافتقار إلى النمو الاقتصادي بمرور الوقت، ومن ثم إلى ارتفاع نسب البطالة، وقد تصل حد الفقر إن استمر بقاؤه فترة طويلة في الدول.
في ظل الركود التضخمي ، تبدأ الأسر والشركات في القلق من استمرار التضخم في الارتفاع على المدى الطويل، وهو ما يصبح نبوءة تتحقق من تلقاء نفسها، مما يدفعهم إلى تعديل سلوكهم الاقتصادي بطريقة تضمن استمرار التضخم.
بدأ استخدام المصطلح في السبعينيات، عندما كان الاقتصاديون ومحافظو البنوك المركزية مرتبكين بسبب فترة غير عادية من التضخم المرتفع والنمو الاقتصادي الضعيف الناجم عن الصدمات النفطية المزدوجة.
بشكل عام ، يحدد التضخم المصحوب بالركود "الاقتصاد الكلي الذي لا يعمل بشكل جيد"، كما يقول ديفيد ويلكوكس، كبير الاقتصاديين في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي وبلومبيرج إيكونوميكس.
لماذا الركود التضخمي سيئ؟
يكون الناس أكثر سعادة بشكل عام عندما يكون الاقتصاد مزدهرا والأسعار منخفضة؛ بس ما يقوله براين كولتون، خبير اقتصادي في لندن مع وكالة التصنيف فيتش جروب، لصحيفة واشنطن بوست.
من الصعب إصلاح التضخم المصحوب بالركود؛ حيث تقع المهمة إلى حد كبير على عاتق المصرفيين المركزيين مثل الاحتياطي الفيدرالي، الموجود لضمان استقرار الاقتصاد، والبنوك المركزي في الدول التي تعاني هذه الأزمة.
وقال ويلكوكس إن كل التضخم والنمو الضعيف، يصبح أكثر صعوبة عندما يقتنع السكان بأن التضخم موجود ليبقى؛ ثم يجبر ذلك محافظي البنوك المركزية على رفع أسعار الفائدة بشكل أكثر قوة لمحاولة السيطرة على التضخم، الأمر الذي يمكن أن يبطئ النمو بشكل أكثر دراماتيكية.
لماذا يعتبر التضخم المصحوب بالركود خطرا الآن؟
تشهد الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي معدلات تضخم لم نشهدها منذ عقود؛ وقد نتج ارتفاع الأسعار إلى حد كبير عن اضطرابات في توريد السلع وتغير في طلبات المستهلكين.
وأجبر الوباء المصانع على الإغلاق لأسابيع أو شهور في كل مرة، وهي مشكلة ما تزال تعاني منها أكبر شركة مصنعة في العالم -الصين- حيث أدت عمليات الإغلاق الصارمة لمنع انتشار العدوى إلى منع الموانئ ومنشآت التصنيع من العمل كالمعتاد.
أدت الحرب الروسية في أوكرانيا إلى تفاقم المشكلة، حيث عطل صادرات روسيا من النفط والغاز وأدى إلى تضخم أسعار الطاقة العالمية.
كما أدى الحصار الذي تفرضه روسيا على صادرات الحبوب من أوكرانيا، وهي أحد أكبر منتجي القمح في العالم، إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم وإثارة مخاوف بشأن الجوع في العالم النامي.
بعض هذه العوامل نفسها أضعفت النمو الاقتصادي العالمي. فيما خفض البنك الدولي، الثلاثاء، توقعاته للنمو السنوي إلى 2.9% من 4.1% في يناير وتوقع أكبر هبوط بعد الانتعاش الأولي بعد الركود الذي عانى منه الاقتصاد العالمي منذ أكثر من 80 عاما.
هل من الممكن تجنب الركود التضخمي؟
من الصعب تجنب التضخم المصحوب بالركود، لأنه يتعين على المنظمين الماليين أن يوازنوا بين مصلحتين متنافستين: التضخم والبطالة.
عادة ما ينطوي التعامل مع التضخم على رفع أسعار الفائدة، مما يجعل اقتراض الأموال أكثر تكلفة؛ يؤدي ذلك إلى خفض طلب المستهلكين ويجعل إدارة الأعمال التجارية أكثر تكلفة؛ وغالبا ما يستجيب أرباب العمل بقص القوى العاملة.
على العكس من ذلك، يمكن لمحافظي البنوك المركزية محاولة خفض البطالة عن طريق خفض أسعار الفائدة، وخلق حافز لأصحاب العمل للقيام باستثمارات كبيرة، والتوظيف، وتحمل مخاطر السوق.
ولكن عندما يقوم أصحاب العمل بالتوظيف، ترتفع الأجور، وعندما ترتفع الأجور ترتفع أسعار المستهلك (أي التضخم)؛ لذا فإن الهيئات التنظيمية عالقة في الغالب عندما يتعلق الأمر بالركود التضخمي.
الحكمة التقليدية لحل الركود التضخمي هي التعامل مع التضخم عن طريق رفع معدلات الفائدة، والتضحية بالنمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة. الأساس المنطقي هو أن السوق يتعافى من البطالة أسرع مما يتعافى من استمرار ارتفاع أسعار المستهلكين.
aXA6IDMuMTQ1LjEwOS4xNDQg
جزيرة ام اند امز