"جيش مصر الأبيض".. طبيب متطوع بمستشفى لعلاج كورونا يروي تجربته
الطبيب يقول لـ"العين الإخبارية": "تعلمنا في وقت الأزمات ألا نعطي الأولوية للمصالح الشخصية، في وقت الأزمة لا بد من الاتحاد صفا واحدا"
16 يوما، هي المدة التي قضاها الدكتور حسام فتحي، نائب جراحة العظام (27 عاما) متطوعا بمستشفى إسنا المركزي بمصر، وهي أحد المستشفيات التي تم تخصيصها لعزل الحالات المصابة بفيروس"كورونا".
ويوضح الطبيب الشاب لـ"العين الإخبارية" تجربته في التعامل مع الحالات المصابة بفيروس كورونا، فيقول: "أنا طبيب مقيم نائب جراحة عظام بمستشفى إسنا المركزي منذ 6 أشهر، وبعد تخصيص المستشفى للعزل تم عمل قائمة بالأطباء المكلفين، وللأسف لم يرد اسمي بها، فقررت التطوع لأكون ضمن فريق العزل خاصة أن بعض المكلفين طرأت لهم ظروف حالت بينهم وبين الحضور".
وتابع: "المستشفى بدأ العزل بـ10 أطباء؛ 6 للطوارئ، وطبيب للأشعة، وعظام، و2 أطباء عناية مركزة، وطبيب واحد للجراحة، ثم انضم بعد نصف المدة طبيب صدرية وجهاز هضمي وحميات وطبيب تحاليل، ومؤخرا انضم عدد آخر من أطباء العناية المركزة والطوارئ".
وعن الأجواء في أول أيام لاستقبال الحالات المصابة، يقول: "استقبلنا 12 حالة مصابة من مركب سياحي من مختلف الجنسيات، ألمانا وإيطاليين وأمريكيين، وكذلك مصريون، وكانت الأجواء متوترة في البداية، ثم اعتدنا الأمر بعد شفاء عدد كبير من المصابين".
وأوضح عن رد فعل أسرته على قرار انضمامه للفريق الطبي بمستشفى العزل، أنه مهد لهم الأمر تدريجيا وعلموا بتطوعه بعد مرور أسبوع من العزل، خاصة أنه موجود بالمستشفى من 10 مارس/آذار، وأكد أنه طمأنهم بأنه يتبع كافة الاحتياطات.
وعن دوره في المستشفى، يقول إن أغلب المرضى كانوا من كبار السن، فلا بد من وجود طبيب من كل تخصص حتى وإن كان ليس له علاقة بالفيروس، ويوضح أنه اشترك مع فريق مكافحة العدوى في التعقيم والتوعية للفريق الطبي والمرضى، وكذلك في فريق الدعم النفسي للمرضى.
وفيما يتعلق بالعلاج، فيذكر أنه تم وضع بروتوكول مسؤول عنه أطباء الصدرية والعناية، وكان يقوم بتسجيل الملاحظات والمتابعة، تحت إشرافهم، وذلك بسبب العجز الشديد في الطاقم الطبي.
وأكد أنه يتم حاليا إعداد فريق طبي سيكون موجودا بالمستشفى كبديل، ولم يتضح بعد إن كان سيتم الانتظار معهم أو الخروج من المستشفى بعد طلب إدارة المستشفى منهم ضرورة الوجود؛ نظرا لاحتياجهم لجهودهم معهم.
وقال: "كنا معزولين مع المرضى المصابين، وكنا ممنوعين من التواجد خارج المستشفى، وطوال المدة لم تظهر علينا أي أعراض بما أننا نتعامل مع المرضى بشكل مباشر، وقبل الخروج يتم إجراء تحليل الـ Pcrوبناءً على النتيجة سيتم تحديد الخروج من عدمه".
وعن الفرق بين إعلان الحالات السلبية عن الحالات التي شفيت من الفيروس يقول: "بعد التعامل مع الشخص المؤكدة إصابته، ببروتوكول العلاج المناسب له، يتم عمل عدد من التحاليل والأشعة المقطعية والعادية، ويتم متابعة تحسن الحالة، ثم يتم عمل تحليل Pcrبعد دخول المريض للمستشفى مرة أخرى بعد مرور 3 إلى 5 أيام لحين ظهور سلبية التحليل، يتم عزل المريض، ونستكمل جرعات العلاج، لمدة 48 ساعة أخرى، ثم يتم إجراء التحليل، فإن ظهرت سلبيته للمرة الثانية فهو بذلك تم شفاؤه تماما ويخرج من المستشفى".
وأوضح أن الفيروس يعود في حالة واحدة إن اختلط مع مريض آخر، ولكن الشخص المشفى ليس منه أي قلق فهو شخص طبيعي، وذكر أن الأطباء كانوا يقومون بالتصوير والتعامل معهم بدون أي واقيات، ويتم المتابعة معهم حتى بعد خروجهم خاصة في حالة بقاء بعض الأعراض، ولكن هذا ليس دليلا على بقاء الفيروس أو عودته.
وعن كيفية توفير الحماية لهم من العدوي يقول: "من خلال البدل الصفراء اللون التي وفرتها الوزارة، فقيمتها تكمن في الحماية من رذاذ المريض أو سوائل أخرى منه مثل القيء أو البول، مع استخدام القفازات الطبية والماسكات والعدسات الزجاجية، وتابع: "هذه البدل يتم تطهيرها بالكحول والكلور آخر اليوم، ولكننا طلبنا بِدلا يتم استخدامها مرة واحدة ولكنها لم تتوفر".
وعن الطبيبات في العزل، يوضح: تعمل اثنتان فقط من الطبيبات، وهما دكتورة إلهام محمد استشاري مكافحة العدوى من أمانة المراكز المتخصصة والمشرفة على مكافحة العدوى داخل العزل، وآلاء محمد دكتورة أشعة، ودورهما مثل دورنا أبطال في المعركة.
ولفت إلى إجراء تحليل بشكل دوري لأعضاء الفريق الطبي؛ للاطمئنان عليهم باعتبارهم حالات مشتبه بها طبقا لبروتوكول وزارة الصحة، وأوضح أن تحليل الفيروس يتم إجراؤه في آخر فترة حضانة المرض من 7 إلى 14 يوما ما بين الإصابة وظهور الأعراض، وذلك لعدم توفر آليات التحليل بكمية كافية حتى يتم إجراء ذلك بشكل دوري.
وتابع: "أتمنى تفعيل هذا الأمر لأن إصابة أحد من الفريق الطبي كارثة في ظل العجز الذي نعاني منه، فإن ظهر على الطبيب أعراض يتم عزله وأخْذ تاريخه المرضي، فإن زادت الأعراض نبدأ بالتعامل من خلال إجراء أشعة مقطعية على الصدر، فإذا كانت نتيجتها جيدة فالطبيب لم يُصَبْ، وهذه الخطوة بديل لتحليل الـPcr، ولكن الحمد لله هذا لم يحدث معنا".
وعن شعوره خلال عمله يقول: "لا أنسى عندما حضرت أول حالة إلى المستشفى وكانت امرأة أمريكية (75 عاما)، كنا في قمة الرعب، وحتى تطمئنا في التعامل معها قامت بأخذ عدة صور سيلفي معنا، فهي كانت شخصية لطيفة وودودة جدا، ثم اعتدنا الأمر، وهذا لا يمنع من الجدية في التعقيم والوقاية"، وأوضح أن متوسط العمل كان من 12 لـ16 ساعة، ووصف يوم العمل الـ12 ساعة بـ"المريح"، ويقسم اليوم لفترتين من 9 صباحا لـ9 مساءً والعكس، بينما الفريق الطبي متقسم صباحا ومساء، ومن يساهم في فريق مكافحة العدوى يعمل طوال اليوم، وهم 5 أفراد فقط.
وعن دور فريق مكافحة العدوى يقول إنهم يقومون بإدارة المشهد من خلال الإشراف على تعقيم الفريق الطبي والمرضى وتطهير متعلقاتهم الشخصية، والإشراف على بروتوكول العلاج وسحب العينات وطرق العزل ما بين الحالات، الخطرة والمتوسطة والأقل ضررا.
ويختتم حديثه عن عدم رفع بدل العدوى الذي يطالب به الأطباء بقوله: "تعلمنا في وقت الأزمات ألا نعطي الأولوية للمصالح الشخصية أو مطالب فئوية، ففي وقت الأزمة لا بد من الاتحاد صفا واحدا لنتجاوزها على خير، ومن ثم ننظر في مستحقاتنا الطبيعية، ولكن حاليا المال ليس له أي قيمة نحن معزولون عن العالم، فنحن جيش مصر الأبيض وما كان يليق بالجنود أن يفروا من المعركة".