راية بيضاء في الأفق.. هل تستسلم أوروبا أمام الغاز الروسي؟
رغم تخطيط دول الاتحاد الأوروبي إلى الاستغناء عن الغاز الروسي، فإنها لم تصمد أسبوعًا بدونه.
هذا ما أعلنه نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديميتري ميدفيديف، حيث قال في تصريحات نقلتها وكالة سبوتنيك الروسية اليوم: "نحن نقدر تنسيق ونزاهة شركائنا الأوروبيين، لا سيما بالنظر إلى حقيقة أنه وفقًا للبيانات الأخيرة لصندوق النقد الدولي، ستكون أوروبا قادرة على الاستغناء عن غازنا لمدة لا تزيد على ستة أشهر. لكن إذا تحدثنا بجدية، لن تصمد أسبوعًا واحدا".
استمرار شحنات الغاز
وأشارت "سبوتنيك" إلى أن الاتحاد الأوروبي سيحظر واردات الفحم الروسي اعتبارا من أغسطس/آب، لكن شحنات الغاز ستستمر.
وفي حين اتخذت دول مثل أمريكا وكندا وبريطانيا قرارات بحظر النفط والغاز من روسيا، كان الأمر صعبا على دول أوروبا نظرا لاعتمادها الكبير على موسكو في تلبية حاجتها من الطاقة.
وفي الشهر الماضي، وصفت مجموعة من 9 خبراء اقتصاديين جامعيين تداعيات الحظر الكامل على الطاقة بأنه "يمكن التحكم فيه"، قائلين إنه سيؤثر على الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا بنسبة تصل إلى 3% فقط.
تداعيات الحظر ستكون أكثر حدة
ومع ذلك، حذر القادة الصناعيون من أن التأثير سيكون أكثر حدة، كما رفض السياسيون المزاعم بأن الضربة الاقتصادية ستكون محدودة، حيث وصف المستشار الألماني أولاف شولتس هذه التقديرات بأنها "خاطئة" و"غير مسؤولة" بحسب سبوتنيك.
وفي اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن يوم الخميس، دعت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين الاتحاد الأوروبي إلى "توخي الحذر" بشأن حظر واردات الطاقة الروسية، محذرة من الضرر الذي يمكن أن تلحقه مثل هذه الخطوة بالاقتصاد العالمي.
وتتواصل العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، والتي حددت موسكو أهدافها بالقضاء على عسكرة أوكرانيا، وعلى التوجهات النازية في هذه الدولة، وتقديم جميع مجرمي الحرب المسؤولين عن "الجرائم الدموية بحق المدنيين" في دونباس إلى العدالة.
ووفقًا لوزارة الدفاع الروسية، تقوم القوات المسلحة بقصف البنية التحتية العسكرية والقوات الأوكرانية، التي لا تلقي السلاح، من دون المساس بالسكان المدنيين، وفق الوكالة الروسية.
الدفع بعملة غربية دون انتهاك العقوبات
وقد رأت المفوضية الأوروبية، أنه بإمكان شركات دول الاتحاد الأوروبي الاستمرار في دفع ثمن الغاز الروسي بعملة غربية دون انتهاك العقوبات الأوروبية ضد موسكو.
وقال متحدث باسم المفوضية في بروكسل إن هناك حلا مقترحا لإكمال مدفوعات الغاز وبما لا ينتهك العقوبات التي فرضت بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا.
وفيما يتعلق بالمرسوم الروسي الصادر الشهر الماضي والذي يطالب بمدفوعات بالروبل مقابل إمدادات الغاز للغرب، قال المتحدث "لقد قمنا بتحليل دقيق للمرسوم الجديد ونجري اتصالات مع السطات في الدول الأعضاء وشركات الطاقة المعنية".
وقال الاتحاد الأوروبي في وثيقة "الأسئلة المتكررة" إن "شركات الاتحاد الأوروبي يمكن أن تطلب من نظيرتها الروسية الوفاء بالتزاماتها التعاقدية بنفس الطريقة السابقة قبل تبنى الرسوم. بمعنى إيداع المبالغ المطلوبة باليورو أو الدولار".
ووفقًا لوثيقة "الأسئلة المتكررة" فإن المرسوم الروسي الصادر يوم 31 آذار/مارس "لا يستبعد عملية دفع تتوافق مع الإجراءات المقيدة التي اتخذها الاتحاد الأوروبي".
ألمانيا ترفض السداد بالروبل
من جانبها، رفضت ألمانيا، صراحة، طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سداد مدفوعات الغاز الروسي بالروبل، كاشفة عن حزمة سادسة من العقوبات ضد موسكو.
وأكد ذلك وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر، مشددًا على أن الشركات التي تشتري الغاز الطبيعي الروسي ليست مضطرة إلى فتح حسابات بالروبل لسداد مدفوعات الغاز، رافضا طلبا في هذا الخصوص كان بوتين أعلنه الشهر الماضي.
وقال ليندنر، خلال مقابلة مع تلفزيون "بلومبرج" في واشنطن الأربعاء 20 أبريل 2022: العقود عقود، والعقود قائمة على الدفع بالدولار أو اليورو، وعلى ذلك ينبغي لشركات القطاع الخاص أن تدفع بالدولار أو اليورو.
ويقضي مطلب بوتين بقيام مشتري الغاز الأوروبيين بفتح حسابين، أحدهما بعملة أجنبية وآخر بالروبل، على أن يتولى مصرف شركة جازبروم "جازبروم بنك" المسؤولية عن تحويل العملة الأجنبية إلى الروبل ونقل المال إلى شركة جازبروم، عملاقة الطاقة الروسية.
وأضاف ليندنر أن بلاده وحلفاءها "مستعدون لفرض المزيد من العقوبات على روسيا"، وأحجم عن الرد على سؤال بشأن ما إذا كان ينبغي إدراج النفط ضمن هذه العقوبات.
رهان الروبل.. وفشل سياسة العقوبات
بحسب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فمن الواضح أن العامل السلبي الرئيسي للاقتصاد في الآونة الأخيرة كان ضغط العقوبات، ضغط العقوبات من الدول الغربية، وكان الهدف هو تقويض الوضع المالي والاقتصادي في بلدنا بسرعة، لإثارة الذعر في الأسواق وانهيار النظام المصرفي، ونقص السلع في المتاجر على نطاق واسع، لكن الآن يمكن القول بثقة أن مثل هذه السياسة تجاه روسيا قد فشلت.
التضخم مستقر والبطالة عند أدنى مستوياتها في روسيا، كما أن النقد الأجنبي يتدفق عائدا إلى البنوك الروسية، وأن عملة بلاده (الروبل) مستقرة برغم العقوبات الغربية التي وصفها بأنها أدت إلى تضرر الاقتصاد في الغرب.
ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، فرضت القوى الغربية عقوبات تصاعدية على روسيا زاد عددها على 5 آلاف عقوبة حسب بعض التقديرات، تركز على تجميد الأصول الروسية وحرمان موسكو من الوصول إلى الأسواق الغربية وحظر الطيران، ما ألحق أضرار كبيرة باقتصاد موسكو.
وفي إشارة فسرها البعض على أنها فشل للعقوبات الغربية، عاد الروبل الروسي إلى ما كان عليه قبل الحرب، بفعل الإجراءات الاقتصادية السريعة التي اتخذتها موسكو مثل التشديد على تدفق رؤوس الأموال منها.
لكن مراقبين توقعوا أن يكون هذا الارتفاع ظرفيا، ويعتمد حال العملة والاقتصاد الروسيين على مدى استمرار العقوبات ونطاقها في المستقبل المنظور.