رسالة "مهمة" من "أوبك" لصندوق النقد.. السر في أوكرانيا
أبلغت أوبك، اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية بصندوق النقد الدولي الخميس، بأن الارتفاع في أسعار النفط يرجع إلى الأزمة الأوكرانية.
وذلك في أحدث إشارة إلى أن منظمة البلدان المصدرة للنفط لن تتخذ إجراءات أخرى لزيادة المعروض.
ارتفاع برنت 18 دولارًا في الربع الأول من 2022
وقالت أوبك في بيان إلى اللجنة اطلعت عليه رويترز إن سعر خام برنت القياسي العالمي بلغ في المتوسط 98 دولارًا للبرميل في الربع الأول، بارتفاع 18 دولارًا تقريبا عن الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2021.
وأكدت المنظمة أن ذلك يعود إلى التوتر في شرق أوروبا والمخاوف من نقص الإمدادات.
وأضافت في البيان "أسعار النفط في ارتفاع، لا سيما في مارس/آذار من هذا العام... ويرجع ذلك أساسا إلى التوتر الجيوسياسي المتصاعد في شرق أوروبا والمخاوف من أن يؤدي ذلك إلى نقص كبير في إمدادات النفط وسط اضطرابات تجارية".
واللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية جزء من اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي ومجلس محافظي البنك الدولي.
وتقاوم أوبك، التي شاركت في اجتماع اللجنة العام الماضي، دعوات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لضخ مزيد من النفط لتهدئة الأسعار التي بلغت ذروة 14 عاما فوق 139 دولارا الشهر الماضي بعد أن فرضت واشنطن وبروكسل عقوبات على موسكو بسبب الحرب في أوكرانيا.
وسترفع أوبك+، التي تتكون من أوبك ومنتجين آخرين منهم روسيا، الإنتاج بنحو 432 ألف برميل يوميا في مايو/ أيار المقبل، في إطار التراجع التدريجي عن تخفيضات الإنتاج التي قررها التجمع خلال أسوأ فترات جائحة كوفيد-19.
وقالت أوبك إن "أوبك+" أظهرت التزاما بضمان أن تكون أساسيات العرض والطلب على النفط متوازنة خلال أزمة أوكرانيا لدعم الاقتصاد العالمي.
وسلطت أوبك الضوء أيضا على التأثير السلبي القصير المدى للأزمة الأوكرانية والجائحة المستمرة، مضيفة "الارتفاع القوي في أسعار السلع الأساسية، جنبا إلى جنب مع الاختناقات المستمرة في سلاسل التوريد والقيود اللوجستية المرتبطة بكوفيد-19، (كلها عوامل) تغذي التضخم العالمي المرتفع بالفعل".
وكانت منظمة أوبك قد أعلمت السوق الأوروبية المشتركة في اجتماع لهما في بروكسل، في 11 أبريل/نيسان الجاري، أنه ليس من الممكن تعويض انخفاض الإمدادات النفطية الروسية.
وبحسب تقرير لوكالة رويترز حول الاجتماع بين المنظمتين، فإن وفد السوق طالب المنظمة بزيادة الإنتاج النفطي؛ لأن الأقطار في السوق الأوروبية بصدد الدراسة والإعلان عن احتمال فرض عقوبات على الصادرات النفطية الروسية لأوروبا.
وقد قررت السوق إيقاف استيراد الفحم من روسيا الذي يشكل نحو 19% من مجمل الفحم الذي تستهلكه أوروبا، والخطوة التالية قد تشمل الحظر النفطي. لكن "رويترز" أضافت أن الأمين العام للمنظمة محمد باركيندو صرح في كلمة له أثناء الاجتماع: "إن تقديرات المنظمة تشير إلى إمكانية خسارة أكثر من حوالي 7 ملايين برميل يومياً من النفط الخام والسوائل البترولية للصادرات الروسية، نتيجة الحظر المفروض حالياً والممكن فرضه مستقبلاً".
وبحسب تصريحات سبقت الاجتماع، صرح وزراء خارجية أيرلندا وليتوانيا وهولندا بأن السوق بصدد دراسة فرض عقوبات جديدة على روسيا؛ لكن لا يوجد اتفاق لحظر النفط الروسي حتى الآن. وقد فرضت 3 دول غربية حظر الصادرات النفطية الروسية لبلادها: الولايات المتحدة، وكندا، وأستراليا، وهي دول مصدرة للنفط، ولا تعتمد على النفط الروسي.
وهناك خلافات ما بين الدول الأوروبية حول الحظر النفطي، مما أجَّل اتخاذ قرار بهذا الشأن بعد أكثر من شهر لحرب أوكرانيا. من الجدير بالذكر أن السوق الأوروبية مخططة لتقليص اعتمادها على النفط نحو 30% بحلول عام 2030، وذلك ضمن مخططاتها لتقليص الانبعاثات الكربونية بحلول منتصف القرن، إلا أن أي تخفيض للنفط الروسي الآن سيؤدي إلى الاضطرار لتعويض الإمدادات النفطية الروسية بنفوط من دول منتجة أخرى.
معضلة المعروض النفطي
طالبت السوق الأوروبية أقطار منظمة "أوبك" بزيادة إنتاجها لتفادي زيادة عالية في أسعار النفط، مما سيؤدي إلى تفاقم التضخم. لكن الأمين العام لأوبك محمد باركيندو قال إن الأسعار العالية الحالية مردها «عوامل غير أساسية» وخارج إمكانية المنظمة في التحكم بها.
وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن الطاقة الإنتاجية الإضافية لدى أقطار "أوبك" هي بحدود 1.8 مليون برميل يومياً، نحو مليون منها من السعودية و800 ألف من دولة الإمارات.
وقد بادرت معظم الدول النفطية الإنتاج بأعلى طاقاتها لتلبية ازدياد الطلب الحالي وللاستفادة من الأسعار العالية. كما يجب الأخذ بنظر الاعتبار أن الشركات العالمية قد خفضت بنسبة كبيرة استثماراتها خلال الفترة الأخيرة، في زيادة الطاقة الإنتاجية، تلبية لنداءات وكالة الطاقة الدولية لتصفير الانبعاثات، كما أن قطرين عضوين في "أوبك" (إيران وفنزويلا) يواجهان انخفاض مستوى إنتاجهما بسبب العقوبات. وهناك دولتان أخريان (ليبيا ونيجيريا) يعانيان من مستوى إنتاجي منخفض بسبب عدم الاستقرار السياسي فيهما.
تقلبات جديدة بالأفق
وكانت أسعار النفط قد ارتفعت في تداولات اليوم الخميس 21 أبريل/نيسان 2022، بأكثر من دولارين، بعد أن طغت المخاوف من ضعف الإمدادات على تراجع الطلب المتوقع.
وتجاوز سعر خام برنت القياسي العالمي 108 دولارات للبرميل، لتتجاوز مكاسب النفط منذ بداية العام الحالي 33%.
وتتجه ألمانيا لوقف وارداتها من النفط الروسي بنهاية العام الحالي، في وقت تحاول أوروبا خفض اعتمادها على الطاقة الروسية.
وقال محللون إن تقلبات السوق ستزيد على الأرجح من جديد قريبا، إذ لا يزال الاتحاد الأوروبي يدرس حظر واردات النفط الروسية بسبب حرب أوكرانيا.
وأعلنت ليبيا، العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"، أمس الأربعاء، أنها تخسر أكثر من 550 ألف برميل يوميا من إنتاجها النفطي بسبب حصار حقول نفط كبيرة ومرافئ تصدير.
كما لا تزال توقعات الطلب في الصين تلقي بظلالها على السوق، مع تخفيف بكين، أكبر مستورد للنفط في العالم، تدريجيا القيود المفروضة لمكافحة جائحة "كوفيد-19" التي أضرت بشدة بنشاط قطاع الصناعات التحويلية وسلاسل الإمداد العالمية.
لكن سوق النفط لا تزال متوازنة مع سعي تكتل "أوبك+"، الذي يضم "أوبك" وحلفاء منهم روسيا، إلى الالتزام بأهداف الإنتاج المحددة وانخفاض مخزونات الخام الأميركية بشدة في الأسبوع المنتهي في 15 أبريل/نيسان الجاري.
aXA6IDE4LjIyMS4xNjcuMTEg جزيرة ام اند امز