المدير الإقليمي بـ"الصحة العالمية" لـ"العين الإخبارية": كورونا يتطور سريعا بالشرق الأوسط
الدكتور أحمد المنظري يوجه التحية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة على شمول المواطنين والمقيمين بخدمات الفحص
تتواصل الجهود الدولية لمواجهة فيروس كورونا الجديد "كوفيد-19"، من أجل إيقاف انتشاره المتواصل، والسعي لتطوير لقاح للقضاء عليه.
وقال الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، إن وضع كورونا في إقليم المتوسط يتطور "بسرعة كبيرة"، وتقييمه في الإقليم والعالم بأنه "عالي الخطورة".
وأكد "المنظري"، في حواره مع "العين الإخبارية"، أنه على الرغم من هذه التقييمات إلا أنه "لا تزال أمامنا الفرصة لاحتواء الفيروس"، عبر إظهار أعلى درجات الالتزام بإجراءات الوقاية، والبحث النشط عن حالات الإصابة.
ولم يخف "المنظري" قلقه بعد أن قفزت حالات الإصابة المؤكدة في إقليم شرق المتوسط خلال الأسبوعين الماضيين إلى 100 ألف، ونحو 5 آلاف وفاة.
وحذر "المنظري" الحكومات من التسرع في رفع القيود المفروضة على نشاط السكان، أو تقليل ساعات الحظر، موجها التحية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة على شمول المواطنين والمقيمين بخدمات الفحص، وذلك في سياق الحوار التالي..
هل انتقال فيروس كورونا يتم بوتيرة متسارعة في الشرق الأوسط؟
الوضع في إقليم شرق المتوسط يتطور بسرعة كبيرة، إذ تجاوزت أعداد حالات الإصابة المؤكدة فيه الـ100 ألف، كما تجاوز عدد الوفيات 5 آلاف وفاة.
تلك الأرقام منخفضة نسبياً إذا قورنت بأعداد الإصابات في مناطق أخرى، حيث يحل إقليم شرق المتوسط في المرتبة الـ4 بين أقاليم منظمة الصحة العالمية الـ6، من حيث نطاق انتشار "كوفيد-19".
ولكن في الوقت نفسه لا يزال الوضع يتطور بين يوم وآخر، وشهدنا تسارعا مثيرا للقلق في بلدان الإقليم، وخلال أسبوعين تقريبا تضاعف عدد الحالات في إقليمنا، وقفز من نحو 32 ألفا إلى أكثر من 100 ألف.
هل تخشى عدم فاعلية بعض النظم الصحية أمام ارتفاع المصابين بكورونا؟
يساورنا القلق أن يؤدي الطلب المتزايد على المرافق الصحية والعاملين الصحيين إلى إنهاك بعض الأنظمة الصحية، ومن ثم تصبح غير قادرة على العمل بفعالية.
وأتحدث بصفة خاصة عن النظم الصحية في بلدان الصراعات والطوارئ الممتدة، التي تعاني من الإنهاك وضعف البنية الأساسية، وبصفة عامة نقيم الوضع في الإقليم وفي العالم بأنه عالي الخطورة، ولكن لا تزال أمامنا الفرصة لاحتواء الفيروس والحد من آثاره.
- هل سنلجأ لاتخاذ خطوات أكثر صرامة لمواجهة كورونا؟
ليس بعض الحكومات العربية فقط، ما نأمله وندفع في اتجاهه أن تعمل جميع البلدان في كل مكان بكل عزم وقوة وجدية على تطبيق إجراءات أكثر صرامة وفعالية لاحتواء الفيروس، ووقف سلاسل انتقاله.
نحن نعرف الآن أن السبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو إظهار أعلى درجات الالتزام، بتطبيق الإجراءات المتعلقة بالبحث النشط عن حالات الإصابة في المجتمع.
وعلينا أن نعلم أن اكتشاف الحالات مبكرا يجعل وقف الانتقال أمرا ممكنا قبل استفحال الوضع، ولا بد من التوسع في الفحوص المختبرية لتحديد المصابين، وتحديد المخالطين لهم، وعزلهم، ومعالجتهم معالجة داعمة.
- ما قولك في دعوات التوسع في إنشاء المستشفيات الميدانية؟
لا بد من توقع السيناريوهات كافة، والاستعداد لأسوأ سيناريو، ويعني ذلك التوسع في إعداد مراكز للعزل مهيأة لاستيعاب أعداد أكبر من المصابين، ومجهزة جيدا، وتطبق فيها تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها.
- ما المطلوب من الأنظمة الصحية في العالم العربى؟
مضاعفة العمل الجاد للتصدي لفيروس كورونا، وفي الوقت نفسه الاستعداد للسيناريوهات والمسارات التي قد يأخذها الفيروس في أي لحظة.
- كيف ترى دعوات تخفيف القيود المفروضة في الدول العربية؟
ننصح بعدم التسرع في رفع القيود المفروضة على نشاط السكان، أو تقليل ساعات الحظر، فقد لاحظنا بعد عدة أسابيع من تطبيق حظر التجول والحظر الشامل أن بعض البلدان تخطط بالفعل لرفع القيود المفروضة على الناس بالبقاء في المنزل.
وترغب منظمة الصحة العالمية كما يرغب الجميع في رفع هذه القيود، ولكن في الوقت نفسه قد يؤدي رفع القيود بسرعة شديدة إلى انتشار فتاك لحالات العدوى والوفيات.
- ما المطلوب بدقة من الدول قبل رفع القيود؟
نحثّ البلدان قبل رفع القيود على الأخذ في الاعتبار ببعض العوامل المهمة، وهي أن مكافحة انتقال المرض قد اكتملت، وأن الخدمات الطبية والمتعلقة بالصحة العامة متاحة بقدر كافٍ، وأنه قد تم الحدّ من مخاطر الفاشية في أماكن محددة مثل مرافق الرعاية الطبية، وأن التدابير الوقائية قد تم تنفيذها في أماكن العمل والمدارس والأسواق والأماكن الأخرى التي يرتادها العامة.
وهذا مع التأكيد على أن المجتمعات المحلية على علم تام بهذه المرحلة الانتقالية وتشارك فيها، وأن لكل فرد دورا في إيقاف هذه الجائحة.
- ما الإجراءات المطلوبة لحماية الأطقم الطبية؟
ننصح بأهمية تدريب الكوادر الصحية على كيفية وقاية أنفسهم من العدوى داخل المرافق الصحية، خاصة عند التعامل مع مرضى كوفيد-19، وكذلك تدريبهم على الطرق الصحيحة لاستعمال معدات الوقاية الشخصية ومتى وأين يجب ارتداؤها.
وعلى العاملين الصحيين الحرص التام على تطبيق إجراءات الوقاية من العدوى، ومكافحتها داخل المرافق الصحية، والاهتمام بالاطلاع على الإرشادات المتعلقة بها وإجادة تطبيقها.
ومن المهم للغاية توفير الإمدادات من معدات الوقاية التي يحتاجها العاملون الصحيون، فهذه الموارد ثمينة ويجب الحفاظ عليها وعدم إهدارها.
ونوصي العاملين الصحيين بالوقاية. ولا بد من التعامل بكل حرص وجدية مع مصادر العدوى، وتجنبها من خلال إتقان طرق ارتداء أدوات الوقاية الشخصية، والمعرفة الجيدة لتدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها داخل المرافق الصحية والحرص على تطبيقها دون تهاون.
ونقول لهم اعتنوا بأنفسكم وأنتم تواجهون كوفيد-19، واستعينوا ببعض الممارسات المفيدة للتأقلم، واحصلوا على قسط كاف من الراحة أثناء العمل أو بين المناوبات، ومارسوا التمارين الرياضية، وتناولوا قدرا كافيا من الطعام الصحي، تواصلوا مع الأسرة والأصدقاء.
- ما نصائحكم للمجتمعات العربية؟
نصيحتنا لكل المجتمعات في الإقليم وخارجه هي المثابرة على جهود الاستجابة للجائحة دون كلل أو ملل، والتحلي بروح الالتزام والتضامن والانضباط في التقيد بالإجراءات التي تفرضها الحكومات والسلطات المحلية، فكل هذه الإجراءات مهما بلغت شدتها تهدف لحماية أفراد المجتمع، والحد لأدنى درجة ممكنة من أضرار الجائحة.
نعلم أن لهذه الإجراءات تبعاتها الاقتصادية والاجتماعية، بل ربما النفسية ولكنها لازمة وضرورية، وكلما التزمنا بها بجدية وشمولية كلما أتت بنتائج إيجابية وفعالة.
كما ننصح مجتمعاتنا بالتحلي بالوعي اللازم والاطلاع المستمر على المعلومات الصحيحة من مصادرها المعروفة والموثوقة، وتجنب الشائعات والأخبار المغلوطة.
وفي الوقت نفسه نحذر من الاستغراق المبالغ فيه في التعرض لأخبار الجائحة على نحو يضر بالصحة النفسية، ويثير الفزع بلا مبرر أو يسبب الاكتئاب.
كلنا مسؤولون عن حماية أنفسنا من خلال تطبيق تدابير الوقاية ونشر الروح الإيجابية، ومساعدة السلطات في اكتشاف حالات الإصابة بسرعة التوجه إلى الجهات الصحية المعنية في حال ظهور أعراض فيروس كورونا على أي منا أو من المحيطين بنا.
- أعلنت وزارة الصحة في دولة الإمارات توسيع نطاق الفحوصات لحصر الحالات المصابة بكورونا.. ما تعليقكم؟
هذه من الخطوات الضرورية والمطلوبة في تلك المرحلة من الاستجابة لجائحة كورونا. فالتوسع في الفحوصات يمثل أحد الإجراءات المهمة لاكتشاف الإصابات وتحديد الحالات المؤكدة، وكذلك تتبع مخالطي تلك الحالات، وكل ذلك يؤدي إلى محاصرة الفيروس والحد من انتقاله وكسر سلاسل الانتقال داخل المجتمع.
ونحيي دولة الإمارات العربية المتحدة على شمول المواطنين والمقيمين بخدمات الفحص، فالفيروس لا يعرف حدودا ولا يعرف جنسيات، وشمول الجميع بالفحوصات يمثل ضمانة لاكتشاف أي بؤر مجهولة للعدوى.
- هل اقترب العالم من إنتاج لقاح لفيروس كورونا؟
تطوير لقاح يتطلب فترة زمنية لا تقل عن عام بل ربما تزيد قليلا، لضمان المرور بكافة مراحل التجارب السريرية اللازمة لضمان فعالية اللقاح ومأمونيته.
وقد قطعنا مراحل لا بأس بها على طريق تطوير لقاح، وهناك عدة لقاحات من عدة بلدان ومراكز بحثية جميعها قيد التجريب، وسترى النور في الوقت المناسب.
ولكننا لا نقف عُزلا من الأسلحة في انتظار إنتاج علاج أو لقاح، بل نعول كثيرا على التدابير الوقائية والإجراءات الاحترازية، ومضاعفة جهود الاكتشاف المبكر للحالات وتتبع المخالطين لوقف سلاسل الانتقال، والتطبيق الحاسم والرشيد لإجراءات التباعد البدني وتوعية الأفراد بمسؤوليتهم عن حماية أنفسهم ومن حولهم من خلال تطبيق تدابير الوقاية المختلفة.
aXA6IDE4LjIyNi4xNy4yNTEg جزيرة ام اند امز