من يسدد فاتورة الحروب التجارية؟.. عرق العمال يملأ خزائن الأثرياء
حروب تجارية تشتعل من حين لآخر في أنحاء العالم، حتى بلغت ذروتها أخيرا بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، فمن يسدد فاتورتها؟
وتنوعت الحروب التجارية بين فرض رسوم وتعريفات جمركية ومنع استيراد أو تصدير بعض الخامات، أو فرض قيود على عمل شركات محددة.
من هنا قدم المؤلفان ماثيو كلاين ومايكل بيتيس رؤية حول هذه النزاعات، في كتاب "الحروب التجارية حروب طبقية" الصادر العام الماضي 2020.
الكاتبان قدما مفهوما مختلفا للحروب التجارية بين الدول، عما هو كان شائعا في الماضي، بأن الأمر يتعلق بتعارض مصالح الدول، وفق صحيفة فاينانشال تايمز.
من خلال تتبع أصول الحروب التجارية توصل المؤلفان إلى أن السبب الرئيسي في اندلاع الحروب التجارية، يعود إلى الاختيارات السياسية المحلية التي تخدم الأثرياء على حساب العمال والمتقاعدين.
وتتبع الكتاب القرارات التي اتخذها السياسيون وكبار رجال الأعمال في الصين وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، على مدار الثلاثين عاما الماضية.
ازدهار الأثرياء على حساب العمال
يقول المؤلفان في كتابهما إن الحروب التجارية أسفرت عن ازدهار الأثرياء في أنحاء العالم.
في حين يتحمل العمال الثمن حتى أصبحوا عاجزين عن تحمل تكلفة شراء ما يقومون بإنتاجه، وفقد الكثير منهم وظيفته، أو اضطروا إلى استدانة مبالغ ضخمة.
ووفق رؤية الكاتبين، فإن النزاعات التجارية هي بالأساس حروب طبقية.
واستعرض الكتاب تاريخ التجارة العالمية ودور التحرر المالي في توليد تدفقات رأس مال غير مستدامة، والعلاقة بين المدخرات والاستثمارات والاختلالات الخارجية.
كيف تطور الاقتصاد الصيني؟
قدم المؤلفان تحليلاً لتاريخ الصين وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية على مدى العقود الثلاثة الماضية.
ويشير الكتاب إلى أن الاقتصاد الصيني نجح في تنفيذ نسخة متطرفة لما أسمياه نموذج التنمية القائم على المدخرات ذات العائد المرتفع، بالإضافة إلى استغلال الفرص التجارية.
ولكن في المقابل هناك انخفاض حاد في نصيب الأسر الصينية في الناتج المحلي الإجمالي للدولة، منذ أوائل التسعينيات وخاصة بعد عام 2000، بسبب ارتفاع مدخرات الأسر، وانخفاض معدلات الفائدة، والضرائب التنازلية.
ومن أجل التغلب على هذه المشكلات، فعلى السلطات الصينية نقل الثروات من أيدي النخبة إلى الناس العاديين، حسبما طرح الكتاب.
ماذا حدث في ألمانيا؟
تطرق المؤلفان إلى تاريخ إعادة توحيد ألمانيا في التسعينيات، وتحرير سوق العمل خلال العقد الأول من القرن العشرين.
هذه المرحلة شهدت ارتفاع أرباح الشركات، وضعف استثمار الشركات المحلية، في المقابل انخفض الإنفاق المحلي بشكل كبير، مما أدى إلى وجود فائض ضخم في الحساب الجاري.
في حين، عوضت ألمانيا ودول أوروبية أخرى هذا الفائض من خلال تنفيذ طفرات في القروض بشكل غير مستدام، حتى اندلعت الأزمة المالية العالمية في عام 2008، والتي صاحبتها أزمة منطقة اليورو، وشهدت بعدها المنطقة ارتفاعا في الفائض المالي.
هذا الفائض قابله عجزا في الدول الناشئة، وكذلك في الولايات المتحدة الأمريكية التي شهدت عجزا في الحساب الجاري، بسبب الطلب الخارجي على الأصول الأمريكية الآمنة.
هذا العجز تم مقابلته من خلال الفقاعات المالية التي ظهرت في سوق الأسهم بالتسعينبات ثم الرهن العقاري في عام 2008.
ما حلول الحروب التجارية؟
طرح المؤلفان عدة حلول اقتصادية للأوضاع الحالية، تقوم على توزيع الدخل على الأشخاص الذين سينفقونه، بدون أن يضطروا إلى الاستدانة.
كما طرحا اقتراحا بإنشاء منطقة اليورو سلطة مالية مركزية لديها القدرة على إعادة توزيع الموارد.
كما اقترحا المؤلفان أن تنفق الحكومة في ألمانيا أموالا أكبر على الاستثمارات والرفاهية.
aXA6IDE4LjE4OC4xMDcuNTcg
جزيرة ام اند امز