الأوليغارش الروس.. عقوبات الغرب تهدد رحلة 30 عاما من الثراء
وسط الحرب الروسية الأوكرانية، تبرز على السطح بعض المصطلحات والشخصيات، من ضمن هؤلاء طبقة الأوليغارش.
ومنذ بدء العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، تواصل الدول الغربية تصعيد عقوباتها الاقتصادية ضد موسكو، والأوليغارشية الروسية بأوروبا.
وتحاول الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها تضييق الخناق على البنوك والشركات الروسية المملوكة للأوليغارش.
من هم الأوليغارشية؟
تقول إليز جوليانو، المحاضرة في قسم العلوم السياسية بجامعة كولومبيا، المتخصصة في الشؤون الروسية ما بعد الاتحاد السوفيتي، إن الأوليغارش هم رجال أعمال أثرياء مؤثرون سياسيًا واجتماعيًا، وغالبًا ما يكونون مرتبطين شخصيًا بكبار القادة السياسيين في الدولة، ولكن ليس دائمًا.
وقد يتمتع الأوليغارش بتأثير سياسي، وفقًا للتعريف الكلاسيكي لنظام حكم الأقلية، ولكن أصبح واضحًا منذ بدء الحرب، أن معظم أصحاب المليارات في روسيا ليس لديهم نفوذ كبير، أو لا يتمتعون بأي نفوذ على الإطلاق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
جمعت طبقة الأوليغارش الأصلية في روسيا ثرواتها خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي، خلال فترة الفوضى التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفيتي، حيث تم بيع أصول الدولة في مزادات لرجال أعمال من القطاع الخاص.
شهدت فترة التحول إلى نظام السوق الحرة، استحواذ رجال أعمال ومسؤولين سابقين، على حصص كبيرة في الشركات الروسية العاملة في قطاعات النفط والغاز والمعادن والتعدين والسكك الحديدية والنقل والمنتجات الزراعية والصناعات الأساسية الأخرى.
ظهور الأوليغارش بعد الاتحاد السوفيتي
ظهرت طبقة الأوليغارش الروسية بين عامي 1992 و1994، عندما أنشأ الاتحاد الروسي المستقل حديثًا نظام خصخصة الأسهم، حيث تم توفير أسهم نحو 15 ألف شركة مملوكة للدولة بموجب البرنامج، لصالح مشترين من القطاع الخاص.
كان البرنامج يهدف إلى السماح للروس العاديين بشراء الأسهم، لكن بدلاً من ذلك، حصل رجال الأعمال اللذين يتمتعون بعلاقات مع الدولة، على حصص كبيرة من الأسهم، مما منحهم حصصًا كبيرة أو سيطرة على الشركات.
أدى البرنامج إلى امتلاك أشخاص من داخل الشركات ثلثا الأسهم المخصخصة، وفقًا لدراسة أجراها صندوق النقد الدولي عام 1999.
وحول نظام القروض مقابل الأسهم لعام 1995 -الذي وضعه الرئيس الروسي في ذلك الوقت بوريس يلتسين- بعض رجال الأعمال إلى أغنى الأوليغارش في روسيا.
تضمن البرنامج إقراض الأموال إلى الحكومة الروسية التي كانت تعاني من العجز المالي، بالإضافة إلى تمويل حملة إعادة انتخاب يلتسين، وفي المقابل، حصل عدد قليل من رجال الأعمال الأثرياء على أسهم في 12 شركة في مجالات الطاقة والتعدين المملوكة للدولة في شكل "عقود إيجار"، مع تحول عقود الإيجار إلى ملكية عند فوز يلستين.
ومن جانبه، أشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا، دانيال تريسمان، إلى أنه إذا كان الزعيم الشيوعي في ذلك الوقت، جينادي زيوغانوف، قد فاز بالانتخابات في عام 1996، فكان من المتوقع أنه سيؤمم ببساطة هذه الشركات، ويستعيد الأسهم التي تم طرحها.
كانت الأزمة المالية في روسيا عام 1998 بمثابة نكسة مؤقتة للطبقة الأوليغارشية، حيث أدت أسعار السلع المرتفعة والاندماج الاقتصادي المتزايد لروسيا في النظام الغربي خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، إلى انضمام العشرات من كبار رجال الأعمال الجدد إلى صفوف أثرياء روسيا.
وفي عام 2001، كان لدى روسيا ثمانية مليارديرات تبلغ ثرواتهم الإجمالية 12.4 مليار دولار، وبعد عشر سنوات، كان هناك 101 ملياردير تبلغ ثرواتهم الجماعية 432.7 مليار دولار، وفقًا لتقديرات فوربس.
جيل جديد من الأوليغارش
مع تأكيد سيطرة الدولة على المزيد من الشركات الخاصة، ظهر جيل جديد من الأوليغارش، "السيلوفارش". وهو المصطلح، الذي صاغه تريسمان عبر دمج بين عبارتي الأوليغارش والسيلوفيكي، وهي كلمة روسية للنخبة العسكرية والأمنية في البلاد.
يعرف العديد من قادة السيلوفارش بوتين شخصيًا عندما كان يعمل في جهاز المخابرات السوفيتي، الكي جي بي، أو خلال العمل تحت قيادته في سانت بطرسبرج بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
وكتب الأستاذ في إدارة الأعمال الدولية بجامعة ساوث كارولينا، ستانيسلاف ماركوس: يعد من يُطلق عليهم اسم سيلوفارش نخب الأعمال الذين استفادوا من علاقاتهم في FSB (جهاز الأمن الفيدرالي الروسي) أو الجيش لجمع ثروة هائلة.
وأضاف ماركوس: منذ عام 2003، سيطر السيلوفارش على القطاعات الأساسية في الاقتصاد، وشغلوا مناصب مهمة في الفرع التنفيذي للدولة.
وأشار الأستاذ في جامعة ساوث كارولينا إلى أن السيلوفارش يتم تمثيلهم بشكل غير متناسب في مجالس إدارات ما يسمى بالشركات الحكومية، وغالبًا ما يمتلكون حصصًا كبيرة في شركات تعمل في قطاعات تعتمد فيها الربحية على تفضيل الحكومة.
الأوليغارشية وغزو أوكرانيا
لا يبدو المستقبل مشرقًا أمام طبقة الأوليغارشية، فبعد عقوبات الغرب على روسيا، يخضع 20 منهم منذ 14 مارس/آذار، لعقوبات شخصية من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، بغض النظر عن أي طرف يقفون بجانبه، روسيا أو أوكرانيا.
والأوليغارش الذين باعوا أصولهم الروسية ونقلوا ممتلكاتهم إلى الغرب يبعدون بأنفسهم بسرعة عن بوتين ونظامه. لكن العديد منهم يقع تحت طائلة العقوبات في جميع الأحوال.
aXA6IDMuMTMzLjE1Ny4xMzMg جزيرة ام اند امز