تقنية هولندية تطبع أول قارب ثلاثي الأبعاد بسرعة غير مسبوقة
يعمل عدد من خبراء صناعة القوارب على تطوير قاعدة أساسية تنطلق منها ثورة جديدة في هذا القطاع، بالاعتماد على تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.
وبعد عامين من التجارب، نجح خبير الطباعة ثلاثية الأبعاد الهولندي مارتن لوغتنبرغ في الوصول إلى مادة مناسبة تُعد مزيجًا خاصًا من اللدائن الحرارية والألياف الزجاجية، وتتميز بالقوة والمتانة، ولا تحتاج إلى طلاء إضافي لحمايتها من أشعة الشمس، كما أنها مقاومة للتراكم والنمو البحري.
ويقول لوغتنبرغ لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" إن هذه المادة تُعد القاعدة المثالية لطباعة قارب ثلاثي الأبعاد.
وتتطلب القوارب قدرة عالية على تحمل طبيعة البيئة البحرية القاسية، وهو أحد الأسباب التي تجعل بناء القوارب عملًا يتطلب جهدًا كبيرًا. لكن بعد أشهر من تعديل التركيبة الكيميائية للمادة، استغرق الأمر أربعة أيام فقط لإخراج أول هيكل من الطابعة في المصنع الجديد الذي يديره لوغتنبرغ وزملاؤه.
ويقول: "نقوم بأتمتة ما يقرب من 90% من عملية بناء القوارب، وفي وقت فائق السرعة".
فعادةً ما يستغرق بناء هيكل السفينة أسابيع، أما الآن فيتم طباعة هيكل واحد كل أسبوع. وهذا هو ما وعدت به الطباعة ثلاثية الأبعاد منذ زمن طويل: عملية إنتاج سريعة، وموفرة للعمالة، تُخفّض التكاليف بشكل كبير.
ورغم أن هذه الوعود لم تتحقق دائمًا، إلا أن لوغتنبرغ مقتنع بأن قطاع النقل البحري هو القطاع الذي يمكن للطباعة ثلاثية الأبعاد — أو ما يُعرف أيضًا بالتصنيع الإضافي — أن تلعب فيه دورًا تحويليًا، وتكون نقطة انطلاق لتغيير حقيقي في قطاعات أخرى مستقبلًا.
ويُعد لوغتنبرغ المؤسسَ المشارك لشركة CEAD، وهي شركة تُصمّم وتُصنّع طابعات ثلاثية الأبعاد كبيرة الحجم، ويتواجد مقرها في مدينة دلفت الهولندية. وحتى الآن، كان عمل الشركة يقتصر على توفير الطابعات لاستخدامها من قبل الآخرين، لكن مع مشروع بناء القوارب قررت CEAD الانخراط في الإنتاج أيضًا.
ويقول لوغتنبرغ: "لا تزال القوارب المطبوعة ثلاثية الأبعاد بحاجة إلى قبول السوق".
ويضيف: "لن يستثمر الناس ثم يأملوا في تطور السوق، بل يفضلون الشراء بناءً على الطاقة الإنتاجية أولًا، لذا بدلًا من مجرد تصنيع الآلات، سنقوم بذلك بأنفسنا".
ويتطلب بناء القوارب التقليدية المصنوعة من الألياف الزجاجية قالبًا وعملًا يدويًا مكثفًا لضمان المتانة المطلوبة. أما في الطباعة ثلاثية الأبعاد، فإن معظم الجهد يُبذل في مرحلة التصميم، بدءًا من إعداد البرنامج وصولًا إلى تجهيز الطابعة، وهو أمر يتطلب عملًا تقنيًا دقيقًا.
وتعمل الطابعات ثلاثية الأبعاد من خلال بناء طبقات صغيرة من المادة الأساسية وصولًا إلى تصميم رقمي مُحدَّد مسبقًا، حيث تلتصق كل طبقة بالتي تسبقها لتكوين جسم واحد متماسك. وفي مرحلة الإنتاج، طالما توافرت المادة الأساسية، تكون الحاجة إلى التدخل البشري ضئيلة أو شبه معدومة، مع إمكانية تعديل التصميم بسهولة دون تغييرات كبيرة في عملية البناء.
ورغم انتشار الطباعة ثلاثية الأبعاد على نطاق صغير — ويُعد قطاع طب الأسنان أحد المجالات التي تأثرت بها بشكل واضح — فإن إنشاء قارب قادر على العمل في ظروف العالم الحقيقي يمثل تحديًا مختلفًا تمامًا.
ويبلغ طول أكبر طابعة ثلاثية الأبعاد لدى شركة CEAD نحو 40 مترًا (131 قدمًا)، وقد استخدمها أحد العملاء في أبوظبي لطباعة عبّارة كهربائية. وخلال 12 شهرًا منذ تشغيل مركز التطبيقات البحرية في دلفت، تمكّن المهندسون من بناء نموذج أولي لقارب سريع بطول 12 مترًا، يشبه القوارب المطاطية، لصالح البحرية الهولندية.
ويقول لوغتنبرغ: "عادةً ما تستغرق البحرية سنوات قبل استلام قارب جديد، وتدفع مبالغ طائلة".
ويتابع: "لقد أنجزنا ذلك في ستة أسابيع وبميزانية محدودة للغاية، ويمكننا التعلم من ذلك وبناء قارب آخر في ستة أسابيع، بل وحتى إعادة تدوير القارب الأول".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTE5IA== جزيرة ام اند امز