هل تستمر تقلبات أسواق الطاقة المتطرفة حول العالم؟
في أبريل/نيسان 2020 تم تداول سعر نفط برنت عند 15 دولارا للبرميل، وعقود الخام الأمريكي كانت تتداول عند (40-) دولارا للبرميل.
بينما في الأسبوع الأول من مارس/آذار 2022، تم تداول نفط برنت عند 139 دولارا للبرميل، قبل أن يستقر حاليا عند متوسط 96-100 دولار للبرميل الواحد، بالنسبة لخام مزيج برنت.
لم تشهد سوق النفط العالمية، مثل هذه التقلبات الهائلة في أسعار النفط منذ الأزمة المالية لعام 2008، عندما انهار النفط من 148 دولارا للبرميل إلى أقل من 40 دولارا، حيث أدت المخاوف من الركود العالمي إلى انهيار الطلب.
- أسواق الطاقة.. مؤشرات قوية على "مستقبل ممتد" للطلب على النفط والغاز
- أسواق الطاقة.. فوائض السعودية والإمارات صمام أمان لشتاء صعب
في يونيو/حزيران 2008 بلغ سعر برميل نفط برنت 148 دولارا، لكن مع اشتداد حدة الأزمة المالية العالمية وأزمة الرهن العقاري في السوق الأمريكية، تراجع سعر برميل برنت إلى متوسط 35 دولارا في ديسمبر/كانون أول 2008.
هذه المرة، كان تقلب أسعار النفط ناتجا عن عدة عوامل أبرزها جائحة كورونا؛ وانتقال الطاقة إلى نقص الاستثمار في المشاريع الجديدة؛ السياسة داخل أوبك بلس، وقبل كل شيء بسبب عدم القدرة على التنبؤ بقرارات روسيا.
وكانت النتيجة أن تأثرت كلفة استهلاك الوقود سلبا بالنسبة لسائقي السيارات، وارتفاعا حادا في التضخم، ولعبة إلقاء اللوم في الولايات المتحدة على شركات الطاقة الأمريكية وتحالف "أوبك+" قبل انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر/تشرين الثاني.
ما الذي يحرك سوق النفط؟
عندما بدأ العالم في الانغلاق في مواجهة جائحة كورونا في أوائل عام 2020، مما أدى إلى توقف السفر وإغلاق المصانع، كان من الممكن أن يخفض منتجو النفط إنتاجهم بشكل واضح.
وبدلاً من ذلك، قررت روسيا الاستمرار في الضخ من أجل خفض الأسعار لدرجة أن منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة، بتكاليفهم المرتفعة، خسروا كل أموالهم على كل برميل بل ودفعوا فوق كل برميل 40 دولارا.
يقول تقرير فايننشال تايمز، إن روسيا في ذلك الوقت، شعرت بالخوف مع تصاعد إنتاج النفط الصخري إلى الأعلى بفضل التخفيضات الداعمة للأسعار مع أوبك.
قبل تفشي فيروس كورونا، بشهر واحد، قررت واشنطن فرض عقوبات على الذراع التجارية لشركة روسنفت الروسية التي تسيطر عليها الدولة، ليؤدي ذلك إلى تعميق عداء موسكو ضد رقعة النفط الأمريكية.
وكان إيغور سيتشين، رئيس شركة روسنفت وأحد المقربين من الرئيس فلاديمير بوتين؛ قد عارض منذ فترة طويلة التخفيضات مع أوبك وتعرض شخصيا للعقوبات الجديدة.
في المقابل، قررت المملكة العربية السعودية الرد على زيادة إنتاج النفط الصخري الأمريكي والنفط الروسي، بزيادة إنتاجها لمستوى 12 مليون برميل يوميا في أبريل/نيسان 2020.
إلا أن تراجع الطلب العالمي على الخام بسبب قيود الحركة ووقف الملاحة الجوية المدنية، وفرض حجر إجباري ومنع تجول، أدى إلى تراجع الطلب الكبير على المشتقات.
لكن الجغرافيا السياسية لم تكن الشيء الوحيد الذي تسبب في تذبذب سوق النفط؛ إذ أدى تفشي الوباء إلى تسريع الدعوات لشركات النفط لتسريع انتقال الطاقة.
إذ أجبر انخفاض أسعار النفط قطاع الصخر الزيتي في الولايات المتحدة على خفض استثمارات بقيمة 300 مليار دولار، وقام المستثمرون المتشككون بالفعل ببيع أسهم في شركات النفط الكبرى.
بعد شطب المليارات من قيمة أصولها النفطية العالمية في يونيو/حزيران 2021، قالت شركة بريتش بتروليوم إنها ستراجع خطط التنقيب الخاصة بها، وقالت إن التخفيضات "ستمكننا بشكل أفضل من المنافسة من خلال تحول الطاقة".
مع بدء شركات النفط الكبرى في التراجع عن الاستثمار في التنقيب والإنتاج الجديد، أصبح العالم أكثر اعتمادا على شركات النفط الحكومية.
مع رفع الإغلاق في نهاية عام 2020 وازدياد الطلب على النفط في 2021، بدأت تحالف "أوبك+" تنفيذ زيادة تدريجية في الإنتاج بعد خفض بمقدار 9.7 ملايين برميل يوميا في مايو/أيار 2020.
أصبح الطلب الآسيوي -وهو وجهة رئيسية لنفط الشرق الأوسط- يرتفع على نطاق واسع في النصف الثاني من 2021، لكن الاستهلاك في الغرب يسير في الاتجاه المعاكس.
لكن المجموعة كانت مقيدة أيضا بسبب البنية التحتية القديمة لبعض أعضائها، مثل نيجيريا وأنغولا اللتين فشلتا حتى في الوصول إلى نصيبهما من هدف الإنتاج المتواضع نسبيا.
الأزمة الأوكرانية
ارتفعت الأسعار مرة أخرى عندما قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالقيام بعملية عسكرية في أوكرانيا فبراير/شباط 2022؛ كانت الدول الأوروبية حذرة في البداية من فرض عقوبات على الطاقة بسبب اعتمادها على الغاز الروسي.
ولكن بحلول مايو/أيار 2022، وافق الاتحاد الأوروبي على حظر النفط الروسي المحمول بحراً بحلول نهاية عام 2022، والفحم بحلول أغسطس/آب 2022، وهو حظر دخل حيز التنفيذ الأسبوع الماضي.
أمام تراجع الاستثمار في الطاقة التقليدية، وبطء التحول للطاقة النظيفة، والعقوبات على روسيا، اكتشفت المفوضية الأوروبية أنها أمام أزمة شح الطاقة لديها.
من المرجح أن يؤثر حجم تحول الطاقة، وعدم اليقين الجيوسياسي، على سوق النفط في المستقبل، ويدفع الأسعار صعودا إلى حين ظهور نتائج التحول في الطاقة والذي يحتاج استثمارات تريليونية.
توقع دارين وودز، الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل، مزيدا من الاستثمار في النفط والغاز، لكنه أقر بأن شركات النفط تكافح لإجراء استثمارات كبيرة خلال حالة عدم اليقين هذه.
aXA6IDE4LjIyNy40OC4xMzEg جزيرة ام اند امز