لست ممن يؤمنون بنظرية المؤامرة فأنا أعتبر أن ما يحكم البشرية معادلات قوى يمكنها التقدم أو التراجع بحسب الظروف
سؤال يكثر تردده هذه الأيام مع ملاحظة بسيطة أن منطقة الشرق الأوسط تنشره بشكل كبير، ليس هناك شك في أن العالم سوف يتغير، ولكن الاختلاف يكمن في الكم والحجم والكيفية التي سوف يذهب إليها العالم، اليوم المهمة ليست الإعداد لكيفية التغير أو شكله، المهمة اليوم دوليا تكمن في محاربة المرض والبحث عن علاج يمكّن الأنظمة الصحية العالمية من التنفس تحت ماء كورونا الذي ينتشر بطريقة سريعة بين البشر.
لست ممن يؤمنون بنظرية المؤامرة، فأنا أعتبر أن ما يحكم البشرية معادلات قوى يمكنها التقدم أو التراجع بحسب الظروف، وغالبا ما يعاني كثير من دول العالم الثالث والرابع من فكرة المؤامرة، على اعتبار أنها المخرج الوحيد القادر على تفسير الأحداث، ولذلك يولد كثير من القصص والروايات حول هذا الفيروس الذي يجتاح العالم، ويلجأ كثير من المجتمعات إلى التفكير بالأسباب الفكرية والنظرية، ولا يهتم كثيرا بالوقاية، مع أن العالم اليوم ليس متاحا إلا لشيء واحد وهو الحد من سرعة هذا الداء وتقليل الوفيات والمرضى.
نعم سوف يتغير العالم بعد كورونا، كما تغير بعد أحداث سبتمبر وحروب العالم، ولكن هذا التغير يصعب بل يستحيل معرفة اتجاهاته الدقيقة بوضوح، فجائحة كورونا سوف تؤثر في السياسية والاقتصاد والثقافة والصحة والتعليم وفي الكون كله.
الفكرة الأكثر تبسيطا تعيدنا إلى الحرب العالمية الثانية وكيف غيرت نتائجها الكون وميزان القوى، والمحتمل ألا تكون وسيلة الحرب مجدية بالطرق التقليدية، وهذا ما يجعل العالم اليوم يواجه شكلا جديدا من توازن القوى وإعادة هيكلة العالم، هذا إذا كان هناك من يعتقد أن شيئا متعمدا يحدث في هذا الكون، وهنا نتوقف لنطرح الفرضية الأهم والتي تقول: إن العالم بطبيعته يغير من جلده كل فترة من الزمن، فالكون والبشرية متغيران والاستمرار في نهج موحد وطريقة معتادة لا يمكن استنباطه من التاريخ، فالعالم في حركة دائمة وتغير مستمر.
نعم سوف يتغير العالم بعد كورونا كما تغير بعد أحداث سبتمبر وحروب العالم، ولكن هذا التغير يصعب بل يستحيل معرفة اتجاهاته الدقيقة بوضوح، فجائحة كورونا سوف تؤثر في السياسية والاقتصاد والثقافة والصحة والتعليم في الكون كله، ولكن لا أحد لديه ورقة وقلم سحري يستطيع أن يحدد الحجم أو الكيفية أو الاتجاه لهذا التغير، التسارع بين القوى العالمية أثناء هذه الأزمة تبلوره قدرة هذه الدول في استثمار تلك الآثار المحتملة لهذا الوباء، الذي قد يسمح بولادة أقوياء جدد وضعفاء جدد.
من وجهة نظري، أن كورونا سوف يقربنا من نظام عالمي جديد في المجال السياسي، ولكن العالم قد لا يحصل على هذا النظام في غضون عقد من الزمان، الأكثر والأسرع تأثرا لهذا الوباء سيكون النظام الصحي والتعليمي وستكون الصحة والتعليم معطيات مهمة في فضاء الدول وسياساتها، وسوف تعيد أوروبا وأمريكا من سياساتها في هذه الجوانب، وكذلك الدول الغنية التي تمتلك الإمكانات، هذا ما يبدو أنه سيكون السيناريو الأول من مخلفات كورونا بعد زوال الأزمة خلال الأشهر المقبلة، وقد لا تتعدى الثلاثة أشهر على أكبر تقدير.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة