اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل.. رابحون وخاسرون
بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ ربما هزمت إسرائيل حزب الله وأضعفته بعد مقتل غالبية قياداته إلا أنها لم تستطع إعلان النصر.
ورغم المخاوف من عدم استمرار الاتفاق الذي هو في الأساس إعادة لقرار الأمم المتحدة 1701 الذي أنهى حرب لبنان 2006 فإنه تم التوصل إليه الآن لأن التوقيت في صالح جميع الأطراف الرئيسية المعنية بما في ذلك إسرائيل ولبنان وإيران والولايات المتحدة وأوروبا، وفقا لما ذكرته صحيفة "تليغراف" البريطانية.
واعتبرت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي هو الفائز الأكبر فرغم أنه خسر أكثر من 50 جنديا وكمية هائلة من الذخيرة خلال شهرين لكنه أضعف بشكل كبير حزب الله كقوة مسلحة.
لقد تم قطع رأس الحزب المدعوم من إيران وتقلصت ترسانته الضخمة من الصواريخ إلى النصف، وتعرضت أنظمة الأنفاق في جنوب لبنان إلى الدمار في حين تعطلت أنظمته المالية وسلاسل الإمداد بشكل خطير.
وحتى الآن لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الجيش الإسرائيلي قد فعل ما يكفي للسماح للنازحين الإسرائيليين البالغ عددهم 60 ألفًا بالعودة إلى منازلهم الحدودية، لكن جنرالات إسرائيل سيرون هذا الأمر باعتباره وعدًا سياسيًا متهورًا من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وليس مشكلتهم.
فبالنسبة للجنرالات كانت الأولوية هي إزالة حزب الله باعتباره تهديدًا وجوديًا لإسرائيل وهو ما تحقق على الأقل في الوقت الحالي.
أما فيما يتعلق بنتنياهو وائتلافه الحاكم، فإن الفوز أقل تأكيدًا لأن النازحين لم يعودوا إلى منازلهم بعد وهو ما دفع السياسيين من المعارضة للقول إن "نصف المهمة" فقط تم إنجازها.
وعلى الرغم من ادعائه المثير للجدل بأنه أعاد حزب الله "عقودًا إلى الوراء"، فقد وجد استطلاع رأي سريع بين ناخبي ائتلاف نتنياهو الحاكم أن 20% فقط يؤيدون اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال الوزير السابق بيني غانتس "إن سحب القوات الآن سيخلق ديناميكية من شأنها أن تجعل الأمر صعبًا علينا، وتسهل على حزب الله إعادة تجميع صفوفه. يجب ألا نقوم بنصف المهمة فقط".
من جانبه، قال رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت "لا يزال حزب الله يحتفظ بمخزونه من عشرات الآلاف من الصواريخ. إن الإنجاز العسكري المذهل ... يُترجم إلى فشل أمني دبلوماسي كامل".
ووفقا لـ"تليغراف" فإن الاتفاق الجديد هو تكرار للقرار 1701 والذي يتطلب من حزب الله الانسحاب شمال نهر الليطاني ووقف إسرائيل للتحليق فوق المجال الجوي اللبناني.
ومثلما حدث من قبل فإن الاتفاق سيخضع لمراقبة قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) وستشكل الولايات المتحدة وفرنسا وغيرهما لجنة يتعين على الجانبين التشاور معها قبل اتخاذ أي إجراء بشأن الانتهاكات المزعومة.
ولم يقدم الاتفاق أي شيء أكثر طموحا من القرار 1701 وذلك لأن أي اتفاق جديد لابد وأن يحظى بموافقة البرلمان اللبناني، الذي يشكل حزب الله جزءاً منه، بموجب الدستور اللبناني.
وبالنسبة لحزب الله فإن البقاء سياسياً وعسكرياً هو المكافأة المترتبة على الاتفاق الجديد فبعد قصف إسرائيل لأكثر من عام ودفع نحو 60 ألف إسرائيلي إلى الفرار فإن الحزب سيظل على قيد الحياة ليقاتل في يوم آخر.
وسيبرر حزب الله خسائره وخسائر الشعب اللبناني الذي نزح منه أكثر من مليون شخص من خلال منظور "المقاومة" الذي يخدم مصالحه الذاتية وفقا لما ذكرته "تليغراف".
وحتى إيران، لديها أسبابها للرضا فحزب الله هو ورقتها الرابحة في المنطقة رغم أنه بدا قبل شهر واحد فقط وكأنه يخسر بالكامل.
كما أن فصل الحرب في غزة عن القتال في الشمال والموافقة على وقف إطلاق النار، منح حزب الله فترة راحة تسمح له بمواصلة فرض قوته في مختلف أنحاء المنطقة.
وفي الولايات المتحدة، قدم الرئيس جو بايدن الاتفاق باعتباره انتصارا للمفاوضين الأمريكيين، لكن الرئيس المنتخب دونالد ترامب سيكون المستفيد الأكبر.
لقد فاز ترامب في الانتخابات بعدما تعهد "بإنهاء الحروب"، وقال مستشاره للأمن القومي مايك والتز، "الجميع يأتون إلى الطاولة بسبب الرئيس ترامب".
وأضاف "لقد أرسل انتصاره الساحق رسالة واضحة إلى بقية العالم مفادها أن الفوضى لن تكون مقبولة.. أنا سعيد برؤية خطوات ملموسة نحو خفض التصعيد في الشرق الأوسط".
aXA6IDMuMTQ0LjI5LjIxMyA= جزيرة ام اند امز