الأراضي الخاضعة لسيطرة روسيا.. «مسمار جحا» في سلام أوكرانيا

لا تزال مسألة الأراضي الأوكرانية الخاضعة للسيطرة الروسية العائق الأكبر أمام تحقيق أي تسوية سلمية في ظل استمرار الحرب.
ووصف المبعوث الأمريكي، ستيف ويتكوف، الذي لعب أدوارًا دبلوماسية حاسمة في إدارة ترامب، وضع شبه جزيرة القرم والأقاليم الأوكرانية الأربع الخاضعة لسيطرة روسيا (دونيتسك، لوهانسك، زابوريجيا، خيرسون) بأنها «العقبة الكبرى» أمام إنهاء الحرب.
وخلال مقابلة مع مُقدّم البودكاست، تاكر كارلسون، أشار ويتكوف إلى أن هذه المناطق تمثل «العقبة الأساسية» في مفاوضات السلام، حيث يتجنب الأطراف الخوض في مناقشة مصيرها، رغم أنها جوهر الصراع بأكمله.
استفتاءات ومواقف متشددة
وأضاف أن الإدارة الأمريكية أحرزت تقدمًا غير متوقع في الحوار مع روسيا، واصفًا المحادثات بـ«المعجزة الدبلوماسية»، لكنه أكد أن الضم الذي وصفه بـ«غير القانوني» لهذه المناطق، والتي تُشكّل نحو 15% من أراضي أوكرانيا، يُعد عائقًا جوهريًا أمام أي تسوية.
وخلال المقابلة، واجه ويتكوف لحظة محرجة عندما نسي أسماء المناطق الأربع، ليتدخل كارلسون بتذكيره بها، مما أثار تساؤلات حول عمق معرفته بملف الصراع.
يُذكر أن روسيا أجرت في سبتمبر/أيلول 2022 استفتاءات في هذه المناطق، تحت سيطرة الجيش الروسي، حيث أظهرت نتائج التصويت أن الأغلبية تؤيد الانضمام إلى روسيا.
لكن كييف والمجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وصفوا هذه الاستفتاءات بأنها «غير قانونية وغير شرعية»، معتبرين أنها تمت تحت الإكراه وبغياب معايير النزاهة والشفافية.
وفي المقابل، زعم ويتكوف أن نتائج الاستفتاءات تعكس رغبة حقيقية لدى السكان في الانضمام لروسيا، مستندًا إلى الانتشار الواسع للغة الروسية في هذه المناطق، والروابط الثقافية والتاريخية العميقة التي تعود لعقود.
مفاوضات السعودية وإشكالية الاعتراف
من المقرر أن تستأنف المحادثات في مدينة جدة، السعودية، يوم الإثنين، بمشاركة ممثلين رفيعي المستوى من واشنطن وموسكو وكييف، وذلك في إطار مبادرة سعودية لاستضافة المفاوضات متعددة الأطراف.
وأثار ويتكوف تساؤلات حول إمكانية اعتراف المجتمع الدولي بهذه المناطق كأراضٍ روسية، مشيرًا إلى أن الاعتراف بهذا الواقع الجديد قد يُعيد تشكيل الخريطة الجيوسياسية لأوروبا الشرقية بالكامل.
وتساءل قائلًا: «هل يمكن للرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، البقاء في السلطة سياسيًا إذا تنازل عن أراضٍ يعتبرها الشعب الأوكراني جزءًا لا يتجزأ من هويته الوطنية؟»
بوتين بين «الذكاء» و«الكرم».. مفاجآت دبلوماسية
أعرب ويتكوف عن إعجابه بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، واصفًا إياه خلال المقابلة بـ«المباشر» و«الذكي الذي يفهم لعبة السياسة بدقة»، كما كشف عن تفاصيل غير معروفة حول طبيعة العلاقة الشخصية بين بوتين والرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب.
وأوضح أنه تلقى تحذيرًا من مسؤول رفيع في إدارة ترامب قبل لقائه بوتين في موسكو، حيث قيل له: «احذر.. إنه عميل سابق في الكي جي بي، ولن تنجح في قراءة نواياه».
إلا أن ويتكوف دافع عن خلفية بوتين الأمنية، قائلًا: «في الحقبة السوفياتية، كان الانضمام إلى الكي جي بي حكرًا على النخبة المثقفة ذات المهارات الاستثنائية.. بوتين ليس مجرد سياسي، بل استراتيجي مُحنّك».
وتضمنت المفاجآت التي كشف عنها ويتكوف أن بوتين كلف فنانًا روسيًا مرموقًا برسم لوحة زيتية لترامب بتكلفة فاقت مئات الآلاف من الدولارات، مُصممة بإطار مُذهب نُقلت عبر طائرة خاصة إلى البيت الأبيض.
كما زار بوتين – وفقًا لرواية ويتكوف – كنيسته المحلية في موسكو بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها ترامب عام 2020، حيث صلّى مع قسيسه الخاص من أجل «شفاء الصديق ترامب»، وهو ما وصفه ويتكوف بأنه «تصرف إنساني نادر في عالم السياسة القاسي».
ما بعد الحرب.. شراكة في الطاقة والذكاء الاصطناعي؟
وأشار ويتكوف إلى أن حل الأزمة الأوكرانية قد يُعيد تشكيل التحالفات العالمية، ويمهّد لشراكة استراتيجية بين واشنطن وموسكو في مجالات حيوية، مثل الطاقة في القطب الشمالي، حيث تمتلك روسيا احتياطيات هائلة من النفط والغاز، في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة إلى تأمين مصادر بديلة.
كما تطرّق إلى إمكانية تعاون الجانبين في تقاسم الممرات البحرية الدولية، وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي العسكرية والمدنية، وحتى تصدير الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا بشكل مشترك، مما قد يُقلّص النفوذ الاقتصادي للأطراف المنافسة، مثل الصين.
وختم ويتكوف حديثه بتساؤل فلسفي: «من لا يرغب في عالم تتعاون فيه القوى العظمى لتحقيق الاستقرار بدلًا من التصادم؟»، مُعربًا عن تفاؤله بإمكانية تحوّل الصراع الأوكراني من نقطة اشتعال إلى جسرٍ للتعاون، شرط تجاوز «العقبات النفسية» المتمثلة في الشكوك التاريخية بين الطرفين.
aXA6IDE4LjExNy4xMzguMiA= جزيرة ام اند امز