أم أمير تقهر المستحيل.. حولت ابنها من خانة أصحاب الهمم إلى عالم في الذكاء الاصطناعي
"نذرت نفسي من أجل ابني.. وأود أن أراه أحد أفضل المخترعين في هذا المجال النادر والنوعي".. بهذه العبارة تلخص أم أمير حياتها ومسيرتها.
قد تبدو هذه الكلمات مُقدّرة، أو أقل حماسية لو أنها صدرت من أمٍ امتلكت ولدًا عاديًا، وليس من ذوي الهمم، كما هو أمير.
في مدينة المنصورة، في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، ثمة شاب عشريني يدعى أمير عبدالرحمن غالب، أصمٌ وأبكم، لكن والدته، ترفض أن ندعوه كذلك أو حتى أن نسميه "معاقًا"، وتفضل أن نطلق عليه من "ذوي الهمم".
ورغم أنه يعاني ما يعانيه، إلا أن أمير بات اليوم أحد أبرز الشباب العصاميين والمكافحين في مدينة عدن، بفضل والدته.
وفي كل المقاييس، ليس سهلاً لأمٍ أن تحفز ولدها لخوض غمار مجالٍ نادر، ويعاني ندرةً في المتخصصين، فما بالنا ونحن أمام أمٍ تحاول إنجاز وتحقيق حلم ولدها الذي يعاني الكثير من التحديات والصعاب.
تسعى الخمسينية أم أمير لأن يكون ابنها أحد أبرز نجوم علم الذكاء الاصطناعي، وهو مجال حديث نسبيًا في اليمن، وما زال مرتادوه والمقبلون عليه قلة، لا سيما وهو لا يحظى بأي دعم أو اهتمام، في ظل حربٍ طاحنة.
تقول أم أمير لـ"العين الإخبارية": "ثمة ندرة في المعاهد أو المراكز المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات؛ لهذا وجهتُ ابني أمير نحو الإنترنت للبحث عن هذا المجال".
وتؤكد أنها لم تكن لتفعل ذلك من تلقاء نفسها لولا أنها وجدت رغبةً وحماسًا في عيني نجلها أمير، ومحبةً لهذا المجال.
وتضيف: "أمير يسعى لأن يكون مخترعًا، ومتخصصًا في الذكاء الاصطناعي وابتكار الروبوتات؛ بهدف خدمة ذوي الهمم، وتوفير خدمات تعينهم على مصاعب الحياة".
ورغم أن المراكز التي تعلم وتدرب على الذكاء الاصطناعي والروبوت نادرة في عدن واليمن عموماً، إلا أن أم أمير وجدت في مركز الكويت للتدريب والتأهيل في مديرية صيرة بعدن ضالتها.
"دفعت ابني إلى مركز الكويت، للالتحاق بالدورات التدريبية التي يقيمها؛ لتطوير قدراته وصقل مهاراته في الذكاء الاصطناعي"، تقول أم أمير.
وتؤكد أن ابنها استطاع التفوق في الدورات التقنية في مجال الذكاء الاصطناعي، وتم تكريمه من الأوائل، رغم معاناته والصعوبات الجمة التي يواجهها.
تحكي أن أبرز التحديات التي واجهها أمير هي فهم الطرف الآخر، وحتى التحدث معه، ولتجاوز هذه المعضلة، علمته "قراءة الشفاة"، وبمجرد دراسة حركة الشفاة أثناء الحديث، يمكن إدراك ما يقوله الطرف الآخر، وهو علم حديث معمول به في كل دول الدنيا.
وبالفعل، نجحت أم أمير بالتحدي الذي خاضته، واستطاعت أن تساعد ابنها العشريني على تعلم لغة الإشارة، وبالتالي تسهيل أمور كثيرة عليه، كالتعليم والتعلم والاستماع بالنسبة لأمير، الأمر الذي جعله يتفوق في تعلم مهارات الذكاء الاصطناعي مباشرة من المحاضرات والحصص التدريبية.
قبل شهور، أجرت "العين الإخبارية'" مقابلةً مع أمير، باعتباره شاب مكافح من ذوي الهمم، قهر المستحيل وتفوق في دراسة الذكاء الاصطناعي.
حينها لم تكن المقابلة صعبة، لسبب بسيط؛ هو لأن والدته كانت بجانبه.
كان أمير يتحدث معنا مستخدماً طريقة "لغة الشفاة"، أو حركة الشفاة، وكان يفهم ما نقول، بشرط أن نتحدث معه ببطء نوعاً ما، وفق توجيهات والدته.
كما كان يرد على أسئلتنا بذات الطريقة، ونجح في التحدث معنا بطريقة مفهومة، رغم أنه أصم وأبكم.
ومن المؤكد أن الفضل في كل هذا النجاح الذي وصل إليه أمير، سواءً في مجال دراسته، أو حتى في قدرته على الحديث، والتغلب على إعاقته، يعود إلى والدته.
فهي بذلك باتت نموذجًا للنجاح والكفاح الذي وصلت إليه المرأة والأم اليمنية بمناسبة عيدها العالمي والتي يصادف ظروف صعبة وتداعيات الحرب الحوثية، وفي حالة أم أمير: الإعاقة وصعوباتها التي لا تنتهي.
aXA6IDE4LjIxNy4yMDguMjIwIA== جزيرة ام اند امز