المرأة وريادة الاستدامة.. طريق التنمية يبدأ من "التمكين"
تشهد القمة العالمية للحكومات 2023 جلسة بعنوان "المرأة وريادة الاستدامة"، وتسلط الضوء على دور المرأة في تحقيق أهداف الاستدامة.
ويحتفل العالم في 8 مارس/ آذار من كل عام باليوم العالمي للمرأة، وجاء موضوع العام الماضي "التوازن بين الجنسين اليوم من أجل غد مستدام"، للإقرار بمساهمة المرأة في أهداف الاستدامة والتكيّف مع تغير المناخ.
وتوجد صلة وثيقة بين النوع الاجتماعي والمناخ والصحة والمساهمة الأساسية للمرأة في تحقيق خطة التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة لعام 2030، خاصة في ظل تغير المناخ والتحديات الصحية العالمية.
ويؤكد مسؤولو الأمم المتحدة في مختلف الفعاليات منذ اعتماد أجندة التنمية المستدامة لعام 2030 أنه "لا تنمية اجتماعية دون توازن كاملة بين الجنسين والقضاء على جميع أشكال التمييز، ولا استدامة بيئية دون دور فاعل للنساء كرائدات أساسيات للتغيير".
وفي كلمة سابقة، قال الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، إن إحراز أي تقدم لبلوغ أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالصحة يتطلب مشاركة قوية للمرأة في المجالات الاقتصادية والسياسية والعامة.
وتطرقت أبحاث سابقة إلى أثر تمكين المرأة على تحقيق أبعاد التنمية المستدامة وتحسين الأداء المؤسسي، وأظهرت أن قلة الاهتمام بتمكين المرأة في بعض الوحدات الاقتصادية يؤثر سلبا على تحقيق التوازن الاقتصادي والثقافي والاجتماعي والبيئي، وانخفاض كفاءة الأداء الوظيفي في تلك الوحدات الاقتصادية.
ورصدت دراسات سابقة أثر تمكين المرأة على تحقيق أبعاد التنمية المستدامة، مستندة إلى فرضية مفادها أنّ "تمكين المرأة التي تمتلك المهارات والقدرات والموارد يؤدي إلى تطبيق أبعاد التنمية المستدامة تطبيقا فعَّالا، ويضمن كفاءة الأداء"، كما أن تمكين المرأة في جميع المجالات يسهم في تطوّر عملية التمكين الإداري.
المرأة والمناصب القيادية
ترى سارة سيف، أستاذ الإعلام بالجامعة الأمريكية القاهرة، أن تمكين المرأة اقتصاديًا وفي المناصب القيادية يحقق أهداف الاستدامة؛ لأن أحد أهداف الاستدامة هو التوازن بين الجنسين، وعندما يكون للمرأة عدد مقاعد مثل الرجال في أي مناصب قيادية فهذه أولى خطوات تحقيق التوازن بين الجنسين
وتقول لـ"العين الإخبارية" إن الدول العربية قطعت شوطًا كبيرًا في تمكين المرأة من المناصب القيادية، ونرى اليوم دولًا في المنطقة تسند حقائب وزارية للنساء ومقاعد في المجالس النيابية، وفي مصر أصبحت المرأة قاضية، وهذه كلها خطوات مهمة على طريق تمكين المرأة، كما أن الدول التي كانت تهمش المرأة تعمل الآن على تمكينها، مثل المملكة العربية السعودية التي منحت المرأة الحق في قيادة السيارات.
واعتبرت "سيف" أن ما ينقص الدول العربية في هذا الصدد هو التناول الإعلامي للمسألة، موضحة أن "الإعلام يتعامل مع التوازن بين الجنسين كقضية أو مشكلة، والحقيقة أن التمكين ليس مشكلة أو لم يعد كذلك، والحل من وجهة نظري بسيط وهو تقسيم المناصب القيادية بالتساوي على الجنسين، لكن تصوير المسألة كمشكلة يجعل الرأي العام ينظر إليها كمشكلة، ويجب المضي قدمًا في تمكين المرأة، وعربيًا تبذل الحكومات جهدًا كبيرًا وتحقق تقدمًا في هذا الأمر يومًا تلو الآخر، لكن ما ينقصنا كما قلت هو التعامل الإعلامي مع الأمر".
المرأة والمستقبل المستدام
وعلى هامش أعمال أسبوع أبوظبي للاستدامة عام 2016، قال الدكتور ثاني الزيودي، مدير إدارة شؤون الطاقة والتغير المناخي آنذاك، إن "المرأة هي نواة المجتمع وإذا استطعنا أن نطور أو نغير من سلوكيات المرأة يمكن تغيير سلوكيات الأسرة ومنها المجتمع. والمرأة لها تأثير كبير على الأطفال والرجال ويمكن أن تعمل على تغيير الثقافة الاستهلاكية لدينا".
وأسبوع الاستدامة، الذي تأسس رسميًا خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول 2015، أكد على الدور الأساسي للمرأة في التنمية المستدامة، إذ يسعى إلى تزويد المرأة بمعلومات قيّمة حول متطلبات تحقيق النجاح في القطاعات المتعلقة بالاستدامة، كما تطرق إلى دور الرجل في دعم المرأة من أجل مستقبل مستدام.
وعلى هامش الملتقى، قالت الدكتورة نوال الحوسني، مديرة إدارة جائزة زايد لطاقة المستقبل آنذاك: "الرجل شريك مهم، ولهذا فإن المجلس الاستشاري للملتقى لا يقتصر على العنصر النسائي، فالرجل موجود في كل جلسات المؤتمر؛ لإيجاد حل للتحديات التي نواجهها ومنها عدم وجود المرأة في كثير من تلك المجالات، وهذا الأمر يعد مسؤولية مشتركة بين المرأة والرجل. ولا نستطيع القول إن الدور يقتصر على المرأة وحدها والرجل وحده بل لكليهما دور".
التوازن بين الجنسين
وتعد أزمة عدم التوازن بين الجنسين قضية أساسية في صميم أهداف التنمية المستدامة، ويدعو الفاعلون في هذا المجال إلى ضرورة أن تسير الاستدامة والجهود المبذولة لتحقيق التوازن بين الجنسين جنبًا إلى جنب، من منطلق أن النمو الاقتصادي والتنمية يعتمدان اعتمادًا حاسمًا على تمكين النساء والفتيات.
وخلال فترة تفاقم متحورات فيروس كورونا المستجد عام 2022، أكدت الدكتورة رنا الحجة، مديرة إدارة البرامج في المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، الدور المهم الذي تؤديه النساء في حماية مجتمعاتهن خلال الجائحة، وقالت: "العاملات في مجال الرعاية الصحية في إقليمنا وفي جميع أنحاء العالم ضربن أروع الأمثلة على التفاني والشجاعة والمهنية والقيادة في التصدي لكوفيد-19".
وأضافت في كلمة سابقة: "بينما كنّ في الخطوط الأمامية للاستجابة، واصلن في الوقت نفسه أداء أدوارهن، بوصفهن مقدمات للرعاية وقائدات داخل مجتمعاتهن، وتتحمل النساء عبئًا غير متناسب، ونحن فخورون برؤية النساء في إقليمنا يتولين أدوارًا قيادية في المجالات الصحية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكننا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لتمكين النساء والفتيات لضمان مستقبل أكثر استدامة للجميع".
وانطلقت أعمال القمة العالمية للحكومات 2023، الإثنين، في دبي تحت شعار "استشراف حكومات المستقبل".
القمة تستشرف مجموعة واسعة من الفرص والتوجهات والتحديات المستقبلية، وتسعى إلى وضع الحلول المبتكرة لها، عبر خطط استراتيجية تسهم في توجيه السياسات وتحديد الأولويات بالشكل الأمثل، وذلك بمشاركة 20 رئيس دولة وحكومة و250 وزيراً و10 آلاف من رجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين وقادة الفكر والخبراء العالميين الأبرز في العالم.
وتستعرض القمة التي تستمر حتى 15 فبراير/شباط الجاري، من خلال أكثر من 220 جلسة رئيسية وتفاعلية وحوارية يتحدث فيها 300 شخصية عالمية من الرؤساء والوزراء والخبراء والمفكرين وصناع المستقبل، أبرز التحديات العالمية الحالية والمستقبلية، وتناقش أفضل السبل لتطوير الأداء الحكومي والمؤسسي، استنادا إلى أحدث التطورات والاتجاهات المستقبلية، بهدف مساعدة البشرية على التغلب على تحديات الواقع ومشكلاته والعبور إلى مستقبل أفضل وأكثر تطوراً ورخاءً وأمناً في مختلف القطاعات.
وتشهد القمة العالمية للحكومات 2023 تنظيم أكثر من 22 منتدى عالمياً تبحث أبرز التوجهات المستقبلية في القطاعات الأكثر ارتباطا بحياة الإنسان. كما تدور الجلسات ضمن 6 محاور رئيسية تشمل: مستقبل المجتمعات والرعاية الصحية، وحوكمة المرونة الاقتصادية والتواصل، والتعليم والوظائف كأولويات الحكومات، وتسريع التنمية والحوكمة، واستكشاف آفاق جديدة، وتصميم واستدامة المدن العالمية.
ويشارك في جلسات ومنتديات القمة العالمية للحكومات 2023 نخبة من المتحدثين تضم أبرز المسؤولين الحكوميين ورؤساء منظمات وهيئات دولية ورؤساء شركات عالمية ورواد أعمال بارزين من القطاع الخاص في العالم.
aXA6IDMuMTQyLjIwMC4xMDIg جزيرة ام اند امز