من عاشقة التدخين لعداءة إسبانيا.. كيف تطورت كرة القدم النسائية في 100 عام؟
شهدت كرة القدم النسائية على مدى أكثر من مائة عام الكثير من التطورات على مر تاريخها حتى وصلت لشعبيتها الحالية التي تجذب الملايين في شتى
ونشرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" تقريرا تستعرض فيه كيف تطورات كرة القدم في عالم السيدات، وبدأت تعرف طريق الاحتراف، بالتزامن مع فترة الحرب العالمية الأولى (بين عامي 1914 و1918)، أي قبل نحو 109 أعوام من الوقت الذي شاهدنا فيه كأس العالم للسيدات 2023 التي اختتمت قبل أيام.
وأشار التقرير إلى أن كأس العالم للسيدات 2023 مثلت قمة الاهتمام بالكرة النسائية، الرياضة التي اكتسبت زخما كبيرا طيلة العقود الماضية، رغم أنها ظلت لأحيان كثيرة تتوارى في الظل خلف منافسات كرة القدم للرجال.
كيف بدأت كرة القدم النسائية بشكل احترافي؟
أوضح تقرير بي بي سي أن كرة القدم النسائية بدأت تأخذ شكلها الاحترافي في بريطانيا خلال فترة الحرب العالمية الأولى، مشيرا إلى أن ليلى بار كانت أول لاعبة محترفة في تاريخ اللعبة.
وبدأت ليلى بار مشوارها في الفترة المذكورة كلاعبة لفريق أحد المصانع في مدينة بريستون الإنجليزية، وكانت غالبية لاعبات الفريق من العاملات في المصنع، وقيل إنها كانت تحصل على راتبها عبارة عن علب من لفافات التبغ، حيث كانت تعشق التدخين.
وأصبحت ليلي فيما بعد هي أول سيدة يتم وضع صورها في متحف تاريخ كرة القدم الوطني وأول من يصنع لها تمثال، باعتبارها اول لاعبة كرة قدم محترفة في تاريخ اللعبة.
وأوضحت "بي بي سي" أن فريق ديك كير للآنسات كان أول فريق كرة قدم نسائي ترتدي لاعباته السراويل القصيرة، وأول فريق من نوعه يسافر إلى خارج بريطانيا في جولات رياضية.
وأشارت إلى أن إحدى مباريات الفريق في عام 2020، والتي أقيمت في فترة أعياد رأس السنة امام فريق سانت هيلين، على ملعب غوديسون بارك معقل فريق إيفرتون الإنجليزي، شهدت حضور 50 ألف متفرج في الملعب، مع وجود الآلاف غيرهم لم تتسع لهم المدرجات.
ويعني هذا الأمر أن كرة القدم للسيدات كانت ذات شعبية كبرى مع السنوات الأولى لانطلاقتها، إذا ما علمنا أن أكثر مباراة نسائية جذبت عددا من المتفرجين هي المباراة النهائية لأمم أوروبا للسيدات 2022، التي جمعت بين منتخبي إيطاليا وإنجلترا في ملعب ويمبلي، وانتهت لصالح الإنجليز أصحاب الأرض بنتيجة 2-1، حيث حضرها نحو 87 ألف متفرج.
بينما حضر نهائي كأس العالم للسيدات 2023، الذي جمع بين منتخبي إنجلترا وإسبانيا وأقيم في ملعب أستراليا، نحو 75 ألفا و784 متفرجا، يمثلون السعة الرسمية للملعب.
كرة القدم النسائية.. 50 عاما من العزلة
رغم أن تلك المباراة أظهرت شعبية اللعبة في سنواتها الأولى، فإن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم قرر بعد عام واحد فقط منع كرة القدم النسائية، بداعي أن تلك الرياضة مناسبة أكثر للرجال، وبالتالي تم وأد االانطلاقة المميزة للعبة، وإنهاء مستقبل الكثير من اللاعبات اللاتي بدأن في احترافها ومن بينهن ليلى بار.
وبعد نحو 50 عاما من العزلة، وفي عام 1971، قرر الاتحاد الإنجليزي إعطاء الشرعية مجددا لكرة القدم النسائية، ورفع الحظر عنها، بعد عامين من تأسيس أول اتحاد للعبة للسيدات في إنجلترا، لتبدأ الفتيات والسيدات من وقتها في الاتجاه للكرة النسائية من جديد وممارستها بشكل احترافي دون أي قيود.
انطلاق كأس العالم للسيدات
بدأت الكرة النسائية في السبعينيات في الانتشار في أغلب أنحاء العالم بشكل أكثر احترافية، وبدأ الحديث عن إطلاق بطولة لكأس العالم للسيدات، أخذت عدة أشكال غير رسمية وغير موسعة في البداية، أقيمت في عدة دول مثل إيطاليا 1970، والمكسيك 1971، بجانب 4 نسخ أقيمت في الثمانينيات في إيطاليا.
وقام الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بتنظيم بطولة تجريبية في عام 1988 أقيمت في الصين، بمشاركة 12 منتخبا، بينها 4 من أوروبا و3 من آسيا، ومنتخبان من الكونكاكاف، ومنتخب واحد من كل من أفريقيا واتحاد أمريكا الجنوبية والأوقيانوسيا، والتي شهدت إقبالا جماهيريا كبيرا، مما دعا الفيفا لإطلاق أول نسخة رسمية من البطولة في عام 1991.
وأقيمت كأس العالم للسيدات في نسختها الأولى بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1991، بعدما كان مقررا إقامتها في الصين، وشارك فيها 12 منتخبا هي المضيف كممثل للكونكاكاف، ومعه من أوروبا النرويج والدنمارك والسويد وألمانيا وإيطاليا، ونيجيريا من أفريقيا، والصين واليابان وتايبيه من آسيا، ونيوزيلندا من الأوقيانوسيا، والبرازيل من أمريكا الجنوبية، وتوجت بها صاحبات الأرض.
وشهدت اللعبة بعدها تطورات أكبر، انعكست بالطبع على شكل بطولاتها وعلى رأسها كأس العالم للسيدات، التي وصل عدد المنتخبات المشاركة فيها إلى 32 منتخبا خلال النسخة المنقضية منذ أيام قليلة.
من عاشقة التدخين إلى عداءة إسبانيا
بعدما كانت ليلى بار تشارك في فريق المصنع من أجل ممارسة لعبتها المفضلة بشكل احترافي، من أجل تقاضي راتبها على شكل لفافات من التبغ، وصل الأمر بلاعبة مثل الإسبانية سلمى بارالويلو، التي قادت منتخب بلادها إلى التتويج بكأس العالم للسيدات 2023 لممارسة كرة القدم إلى جانب لعبة أخرى هي العدو.
وبدأت سلمى مسيرتها الرياضية في ألعاب القوى كعداء يتنبأ لها الخبراء بالتألق، بجانب ممارسة كرة القدم بشكل هامشي، قبل أن تنقلب الآية وتبدأ في احتراف كرة القدم، وتهيمن خلال سنوات قليلة على بطولة كأس العالم في كل الفئات، سواء للناشئات تحت 17 عاما، أو للشابات تحت 20 عاما، أو للسيدات.
وقررت سلمى التركيز في كرة القدم وحدها عام 2022 عندما انتقلت إلى العملاق الإسباني برشلونة، بعد نحو عام من شفائها من إصابة في الرباط الصليبي، لتقرر الاكتفاء بالساحرة المستديرة والابتعاد عن رياضة العدو.
وأثمر قرار سلمى، التي توجت خلال فترة ممارستها ألعاب القوى ببطولتين لكأس العالم عامي 2018 و2022، مع منتخبي تحت 17 وتحت 20، عن المزيد من البطولات، سواء الدوري الإسباني أو دوري أبطال أوروبا أو السوبر الإسباني مع برشلونة، ووصولا إلى كأس العالم للسيدات مع إسبانيا، والتي تم اختيارها كأفضل لاعبة واعدة فيها.
aXA6IDMuMTIuMTUyLjEwMiA= جزيرة ام اند امز