"الفصلية والنهوة".. تقاليد تدفع النساء في جنوب العراق للانتحار
"النهوة" هو عرف عشائري يسمح لرجال عشيرة ما برفض زواج أي فتاة تنتمي إليها، ويرغمونها على الزواج من أحد أفراد عائلتها.
تُعرف محافظة ميسان في جنوب العراق بتمسكها الشديد بعاداتها وتقاليدها، وتشهد بين الحين والآخر صدامات بين بعض العشائر بسببها.
ومن بين هذه العادات "النهوة"، وهو عرف عشائري يسمح لرجال عشيرة ما برفض زواج أي فتاة تنتمي إليها، ومن ثم ينهونها عن الأمر، ويرغمونها على الزواج من أحد أفراد عائلتها.
مريم واحدة من عراقيات أقدمن على الانتحار بسبب تقليد "النهوة"، وبعد 3 أيام رقدت خلالها في المستشفى، توفيت هذه الشابة البالغة 22 عاماً في محافظة ميسان، صيف عام 2018، حسب ما قاله الشيخ حيدر سعدون، أحد زعماء عشائر مدينة العمارة، كبرى مدن المحافظة.
يقول سعدون، أحد وجهاء قبيلة بني لام، الذي كان شاهداً على تلك الحادثة، إن الفتاة طالبة جامعية تقدم للزواج بها شاب من قبيلة أخرى، لكن أبناء عمها رفضوا أن يتزوجها حسب العرف العشائري المعروف بالنهوة"، وزُوّجت إلى ابن عمها في نهاية المطاف.
حاول الشيخ سعدون إقناع ابن عم مريم بالعدول عن الفكرة، لكن الأخير تمسك بالأمر قائلاً: "سأكسر أنفها"، في إشارة لإرغامها على الزواج منه رغم كونها طالبة جامعية بينما هو أمّي.
وبعد ذلك، أرغم الشاب أهل ابنة عمه على تزويجه إياها، مع أنه كان متزوجاً ولديه أطفال حسب سعدون.
ولا يحق للأب والأخوة الاعتراض على تقليد تعمل به القبيلة، لذلك لا يمكنهم الاعتراض على زواج الابنة حتى لو كان رغما عنها، في تقليد عشائري متوارث، توقف في المدن ولكنه لا يزال شائعاً في المناطق الريفية، خصوصاً في جنوب العراق.
وليس تقليد "النهوة" فقط ما يجعل من حياة النساء جحيماً، بل هناك ما يحول المرأة إلى سلعة مقايضة تحدث بموجبها نزاعات وعمليات ثأر.
فمنذ عقدين من الزمن، تعيش سحر في جحيم بسبب ما يسمى بـ"الفصلية" في مدينة الديوانية جنوب العراق، بعدما وهبتها عشيرتها إلى أخرى قتل أحد أبنائها.
وتقول الناشطة في مجال حقوق المرأة وابنة عم سحر "كريمة الطائي"، البالغة من العمر 50 عاماً: "نشب قبل نحو 20 عاما صراع بين عشيرتي وعشيرة أخرى، وتطور حتى قتل شاب من تلك العشيرة".
وتضيف: "بعد تدخل الوسطاء بين الطرفين، قام شيخ عشيرتنا بتزويجها بالإكراه، و5 فتيات عذارى أخريات، من أبناء عشيرة المقتول".
وتشير إلى أن سحر تعرضت للشتائم في منزل زوجها "شقيق الرجل الذي قتل على يد قبيلتها"، وعندما كانت تشتكي لوالديها، كان الرد: تحملي أنتِ فصلية".
وحسب مصادر رسمية، أقدمت 14 امرأة على الانتحار في محافظة ميسان خلال العامين الأخيرين، وحاولت 184 امرأة قتل أنفسهن. لكن أحدا لا يعطي سببا لهذه الحالات.
غير أن دراسة أُجريت في البصرة عام 2017، وشملت 62 امرأة حاولت الانتحار بإضرام النار في أجسامهن، تعطي بعض المؤشرات، ففي 80% من الحالات قالت هؤلاء النساء إنهن فعلن ذلك بسبب خلافات عائلية تتعلق خصوصا بزواجهن.
وفي عام 2015، قدمت إحدى عشائر محافظة البصرة الجنوبية "50 امرأة فصلية"، الأمر الذي أثار ضجة كبيرة.