وثائقي يؤرخ قصة بشيرة بن مراد في تحرير المرأة التونسية
احتضنت مدينة الثقافة التونسية، العرض الأول للفيلم الوثائقي-الروائي بعنوان “التونسية” للمخرج التونسي منصف بربوش.
ويحتفي الفيلم بدور المناضلة النسوية الراحلة بشيرة بن مراد ودورها الحقيقي في تحرير المرأة التونسية.
بشيرة بن مراد ولدت سنة 1913 وتوفيت في 1993، وتعتبر من أبرز المناضلات في تونس وكانت رائدة الحركة النسائية في تونس.
ولدت بالعاصمة التونسية لعائلة عريقة في العلم والدين؛ إذ كان جدها الشيخ أحمد بن مراد مفتيا حنفيا، وكان والدها الشيخ محمد الصالح بن مراد شيخ الإسلام الحنفي.
رفعت بشيرة بن مراد صوتها وكشفت عن وجهها في حين كان أغلب التونسيات يلبسن "السفساري" (لباس يغطي كامل الجسد) ورفعت العلم وجابت الشّوارع لتقود المظاهرات في سبيل إعلاء صوت المرأة التونسية وشاركت في العمل النضالي لاستقلال تونس عن الاستعمار الفرنسي.
برزت بشيرة بن مراد إلى جانب أختها نجيبة وعدد من نساء الأرستقراطية التونسية في الأعمال الخيرية. ثم كانت في ديسمبر/كانون الأول 1936 من بين عدد من النساء اللاتي أسسنن أول جمعية نسائية تونسية هي الاتحاد النسائي الإسلامي التونسي، ثم تقدمن سنة 1938 بمطلب للاعتراف بها وبقيت الجمعية تنشط رغم أنها لم حصل على التأشيرة إلا سنة 1951.
والاتحاد النسائي الإسلامي كان يهدف إلى تعليم الفتيات وجمع التبرعات لفائدة طلبة شمال أفريقيا الذين يدرسون في فرنسا.
واقترن اسم بشيرة بن مراد بالاتحاد النسائي الإسلامي التونسي، والملفت أنها وجدت تشجيعا من والدها الذي كان منذ بضع سنوات فقط من أبرز معارضي الطاهر الحداد رائد تحرير المرأة في تونس.
ساهمت بشيرة بن مراد بالكتابة الصحفية في عدد من الدوريات من بينها مجلة المسرح (1937) ومجلة والدها "شمس الإسلام" (1938) وقد تناولت المواضيع التي تهم المرأة.
بشيرة بن مراد كانت تدعو خلال تلك الفترة بكل شجاعة إلى المساواة المطلقة في الحقوق السياسيّة بين المرأة والرّجل.
تطرق الفيلم إلى الجوانب النضالية في مسيرة رائدة الحركة النسائية في تونس.
وأبرز الفيلم عشق بن مراد لوطنها تونس، حيث لم تستطع السكوت أمام الاستعمار الغاشم فطوعت قلمها لإبراز آلام التونسيين وخاصة التونسيات أمام العالم وما يعانوه من انتهاكات.
هذه النضالات جعلت الاستعمار الفرنسي يحاول صد بشيرة بن مراد عن مواصلة عملها في إعلاء مكانة المرأة التونسية لكنه فشل في ذلك ونجحت في زيارة الكثير من المدن وأسست فروعا نسائية تابعة للاتحاد النسائي الإسلامي في عدة مناطق من البلاد، فما كان للشرطة الفرنسية إلا حلا وحيدا وهو سجنها توجسا من قدرتها على التأثير وتكوين شعبية ثورية.
وثق مخرج العمل شهادات شخصيات عاصرت بشيرة بن مراد من عائلتها وأصدقائها وسياسيين وواكبت نضالها المُستميت من أجل تمكين المرأة التونسية في زمن الاستعمار الفرنسي لعل أبرزهم الطيب الزهار وعبدالحق الأسود والطاهر بن مراد ونعيمة بن حمودة وآسيا غلّاب وسلوى باي.
وراوح الفيلم بين محاكاة الأحداث وتجسيدها، وكشفت عن تفاصيل دقيقة تخص حياة رائدة الحركة النسائية في تونس.
30 سنة من التحضير
وقال مخرج الفيلم منصف بربوش في تصريحات لـ"العين الاخبارية " إنه التقى بشيرة بن مراد سنة 1988 قبل وفاتها بـ5 سنوات ووعدها حينها بأن ينجز فيلما يوثق مسيرتها العظيمة لرد اعتبارها خاصة بعد استبعادها من الحياة السياسية بعد الاستقلال.
وأكد أن الفيلم هو دعوة إلى التفكير وتصحيح مسار التاريخ قائلا إن إنجاز عمله الجديد استغرق سنتين، لكن عملية جمع الوثائق والصور الخاصة بالراحلة بشيرة بن مراد تطلّب منه 30 عاما من البحث والتقصّي.
وأكد أنه ليس من السهل أن نلخص مسيرة امرأة عظيمة في وقت وجيز، حيث استند لوثائق متنوعة تحصل عليها من الأرشيفين الفرنسي والبلجيكي.
aXA6IDE4LjExOS4xMjcuMTMg جزيرة ام اند امز