اليوم العالمي للغة العربية 2025.. سياسات لغوية أكثر شمولًا
يحتفي اليوم العالمي للغة العربية 2025 بدور الابتكار والشمول في رسم مستقبل أكثر دينامية للعربية، عبر سياسات وممارسات تعززها عالميًا.
يحلّ اليوم العالمي للغة العربية لعام 2025 حاملاً شعار «مسارات مبتكرة للغة العربية: سياسات وممارسات من أجل مستقبل لغوي أكثر شمولًا»، في مناسبة تسلط الضوء على أهمية الابتكار والشمول في صياغة مستقبل أكثر حيوية ودينامية للغة العربية.
وتركّز الفعالية التي تنظمها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، في مقرها بالعاصمة الفرنسية باريس، يوم 18 ديسمبر/كانون الأول 2025 عند الساعة 10:45 صباحًا، على الأدوار المحورية التي يضطلع بها التعليم والتكنولوجيا ووسائل الإعلام والسياسات العامة في دعم حضور اللغة العربية وتيسير إتاحتها لمجتمعات متعددة اللغات ولمناطق محدودة الموارد.
وتنسجم هذه الرؤية مع برنامج «إدارة التحولات الاجتماعية» التابع لليونسكو، حيث تشكّل المناسبة منصة مفتوحة للحوار الثقافي، وتعكس التزام المنظمة الراسخ بحماية التنوع اللغوي وتعزيزه. وتحظى الاحتفالية بدعم أساسي من مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية، من خلال برنامجها الرائد لدعم اللغة العربية، الذي يسهم في تمكين المجتمعات، وتوسيع نطاق إنتاج المعرفة باللغة العربية، وتعزيز حضورها ومكانتها على المستوى العالمي.
اللغة العربية ركيزة للتنوع الثقافي
تُعدّ اللغة العربية أحد الأعمدة الرئيسة للتنوع الثقافي الإنساني، كما أنها من أكثر لغات العالم انتشارًا واستخدامًا، إذ يتحدث بها يوميًا أكثر من 400 مليون شخص في مختلف أنحاء المعمورة.
ولا يقتصر انتشار العربية على المنطقة العربية فحسب، بل يمتد إلى عدد من المناطق المجاورة مثل تركيا وتشاد ومالي والسنغال وإريتريا. وتكتسب العربية أهمية خاصة لدى المسلمين باعتبارها لغة مقدسة، إذ إنها لغة القرآن الكريم، ولا تُؤدى الصلاة وسائر العبادات في الإسلام إلا بإتقان بعض مفرداتها. كما تمثل العربية لغة شعائرية رئيسية لدى عدد من الكنائس المسيحية في المنطقة العربية، وقد كُتب بها الكثير من أبرز الأعمال الدينية والفكرية اليهودية خلال العصور الوسطى.
إرث حضاري وتنوع إبداعي

تفتح اللغة العربية أبوابًا واسعة على عالم غني بالتنوع في أصوله ومشاربه ومعتقداته، وقد أبدعت عبر تاريخها الطويل في أشكال متعددة من التعبير الشفهي والمكتوب، والفصيح والعامي، إلى جانب تنوع خطوطها وأساليبها الأدبية والنثرية والشعرية.
وقدّمت العربية عبر هذه الأشكال إبداعات جمالية لافتة في مجالات شتى، من بينها الهندسة والشعر والفلسفة والغناء. وعلى مدى قرون طويلة، سادت العربية بوصفها لغة للسياسة والعلم والأدب، وترك ذلك تأثيرًا مباشرًا وغير مباشر في عدد كبير من لغات العالم، مثل التركية والفارسية والكردية والأوردية والماليزية والإندونيسية والألبانية، إضافة إلى بعض اللغات الإفريقية كالهوسا والسواحيلية، فضلًا عن لغات أوروبية، ولا سيما المتوسطية منها، مثل الإسبانية والبرتغالية والمالطية والصقلية.
جسر لنقل المعرفة والحوار الثقافي
إلى جانب ذلك، شكّلت اللغة العربية دافعًا أساسيًا لإنتاج المعارف ونشرها، وأسهمت في نقل العلوم والفلسفة اليونانية والرومانية إلى أوروبا خلال عصر النهضة. كما لعبت دورًا مهمًا في إقامة الحوار بين الثقافات المختلفة على امتداد المسالك البرية والبحرية لطريق الحرير، من سواحل الهند وصولًا إلى القرن الإفريقي.
العربية في منظومة الأمم المتحدة
وفي إطار دعم التعدد اللغوي والثقافي داخل منظومة الأمم المتحدة، اعتمدت إدارة الأمم المتحدة للتواصل العالمي — التي كانت تُعرف سابقًا بإدارة شؤون الإعلام — قرارًا يقضي بالاحتفال بكل لغة من اللغات الرسمية الست للأمم المتحدة. وبناءً على ذلك، تقرر تخصيص يوم 18 ديسمبر/كانون الأول للاحتفال باللغة العربية، وهو التاريخ الذي صدر فيه قرار الجمعية العامة رقم 3190 (د-28) في 18 ديسمبر/كانون الأول 1973، القاضي بإدراج اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة.
ويهدف هذا اليوم إلى تعزيز الوعي بتاريخ اللغة العربية وثقافاتها ومسارات تطورها، من خلال إعداد برامج وأنشطة وفعاليات مخصصة لهذه المناسبة.
المهن اللغوية داخل الأمم المتحدة
ويأتي موظفو اللغات في الأمم المتحدة من مختلف دول العالم، ليشكلوا نواة متفردة ومتنوعة تعكس التعددية اللغوية. ويجمع بينهم السعي إلى تحقيق أعلى مستويات الجودة في مجالات تخصصهم، إلى جانب الحماس للعمل في صميم الجهود الدولية المرتبطة بالقضايا العالمية.
كما يحرص هؤلاء المهنيون على الإسهام في تحقيق مقاصد الأمم المتحدة، كما وردت في ميثاقها، من خلال دورهم المحوري في تيسير التواصل، ودعم عمليات صنع القرار داخل المنظمة الدولية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز