جيش من "العمالقة والأشباح والخالدين".. هذه ليست قصة خيالية أو فيلما سينمائيا، بل هي وحدات حقيقية كانت موجودة في جيوش العالم.
وفيما تسعى الجيوش حول العالم دائما إلى ضم أفضل الجنود إلى صفوفها، كسرت تلك الوحدات التقليد بصفات مميزة وقدرات "خارقة" هي الأغرب في التاريخ، وبعضها كان ذا طبيعة خاصة أو مبنيا على أساس غير تقليدي.
- تعرف على أغرب التدريبات العسكرية..شرب دماء الأفاعي
- أغرب أزياء جيوش العالم.. تنانير وألوان مثيرة (صور)
وضمت القائمة إلى جانب "العمالقة والأشباح والخالدين" 4 وحدات عسكرية أخرى غير عادية ، تشمل "البروسيين الهائلين، والفايكنغ، والمورمون ورجال التاريخ"، بحسب موقع "هيستوري".
جيش الأشباح
في عام 1944، جمع الجيش الأمريكي مجموعة مختارة من الفنانين والمصممين وخبراء المؤثرات الصوتية، لمهمة غير عادية هي "بناء جيش من الأشباح".
فكرة الوحدة استوحاها الجيش الأمريكي من خدعة استخدمتها القوات البريطانية في شمال أفريقيا، وهو لم يكن جيشا حقيقيا بأسلحة ومعدات ومركبات، بل استخدم دبابات مطاطية وسيارات جيب مطاطية، ومؤثرات صوتية وغيرها من الحيل، بهدف خداع الألمان "النازيين"، بشأن حجم وموقع قوات الحلفاء الفعلي.
الوحدة شاركت في أكثر من 20 مهمة، على نطاق ينافس فيلمًا من أفلام هوليوود الحالية، حيث صمم الرسامون أزياء رسمية وسيارات وهمية؛ وقام مهندسو الصوت ببث حركة مرور مركبات زائفة ومؤثرات صوتية تحاكي صوت الجيش أثناء التنقل والتمرين، ونشر الممثلون معلومات خاطئة على أمل أن يلتقطها الجواسيس النازيون.
وعندما نجحت الحيلة تمكنت الوحدة من إعطاء الانطباع بأن القوات الأمريكية كانت أكبر وأكثر قدرة على الحركة مما كانت عليه في الواقع، وخلال إحدى المهام قام جيش الأشباح بسد ثغرة في خطوط الجيش لعدة أيام دون أن يتم اكتشافه.
وظلت ما فعله جيش الأشباح وطبيعته طي الكتمان لعدة عقود بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وحتى عام 1996 لم تكن مساهمتها غير العادية في المجهود الحربي معروفة للجمهور.
وبحلول ذلك الوقت، انتقل العديد من أعضاء هذه الفرقة لوظائف في صناعات الفن والتصميم.
عمالقة "بوتسدام"
ورغم رغبة الجيوش لجلب الجنود الأقوى دائما لصفوفها إلا أن الملك فريدريك وليام الأول، ملك بروسيا، حول هذه الرغبة إلى "هوس".
وفي أوائل القرن الثامن عشر حاول الملك المحب للجيش تجميع أطول القوات في أوروبا في فوج النخبة وأطلق عليه "عمالقة بوتسدام".
ورغم أنهم لم يشاركوا في القتال مطلقا، لكن سمعة هؤلاء الرماة الضخام انتشرت ونالت الكثير من الإعجاب.
وكان الغرض من تكوين هذا الفيلق من العمالقة "الدعاية وإعطاء نوع من الهيبة لقواته أثناء مروره وخلال الزيارات الدبلوماسية في قصره".
وأنفق الملك فريدريك ثروة هائلة في توظيف مرتزقة طوال وجلب جنودا طوال القامة من الجيوش الأخرى.
وفي محاولة غريبة لإيجاد جنود عمالقة في المستقبل أجبر الرجال طوال القمة على الزواج وإنجاب أطفال من نساء طويلات القامة.
لكن هؤلاء العمالقة استنزفوا خزائنه الملكية، وبعد وفاته في عام 1740 حل ابنه تلك الوحدة واستخدم المدخرات لتمويل 4 أفواج إضافية من الجنود العاديين.
الفايكنغ "الهائجون"
كان "الهائجون" فئة مرهوبة من محاربي الفايكنغ المعروفين بالقتال بشكل هستيري غاضب.
ولم تكن تلك الفرقة العسكرية ترتدي الدروع كالجنود الآخرين، بل كانت تدخل المعارك وهي ترتدي جلود الدببة والذئاب أو حتى عارين الصدور.
وبمجرد دخولهم إلى القتال، كانوا يقتلون ويغتصبون وينهبون بتهور شديد، لدرجة أن بعض الملاحم الإسكندنافية ادعت أن أجسادهم يمكن أن تتحول إلى وحوش شرسة.
وكانت مهارة "الهائجين" في المعارك سببا في الطلب الكبير عليهم كجنود وحراس شخصيين للملوك، لكنهم كانوا مكروهين من باقي محاربي الفايكنغ.
الـ10 آلاف الخالدون
هو واحد من أكثر الفيالق شهرة في جيوش العصور القديمة، وكان الخالدون قوة قتالية قوامها 10 آلاف جندي مرتبطة بالإمبراطورية الأخمينية في بلاد فارس.
ظهر هؤلاء المحاربون لأول مرة في رواية المؤرخ اليوناني هيرودوت عن الغزو الفارسي لليونان، حيث وُصفوا بأنهم "أفضل الجنود تجهيزًا" تحت قيادة الملك زركسيس.
نشأ لقب "الخالدون" من عدد الوحدة التي كان لها دائمًا نفس عدد القوات، فإذا مرض أحد الخالدين أو مات في المعركة، يتم استبداله على الفور، حيث لم تكن قوة الوحدة أبدا "أكثر أو أقل من 10 آلاف".
وكان يتم تزيينهم بالمجوهرات الذهبية للدلالة على مكانتهم العالية، وكانوا يخدمون في المقام الأول كحراس شخصيين للملك، لكنهم نزلوا أيضًا إلى الميدان في أوقات الحرب.
وكانت أشهر مشاركاتهم حينما أسهموا في الانتصار الفارسي في معركة تيرموبيل في عام 480 قبل الميلاد، التي وقعت معركة بين الفرس بقيادة أحشويرش الأول والإغريق بقيادة ليونيداس ملك إسبرطة، وأسفرت المعركة عن هزيمة الإغريق، عندما تجاوزوا طريقا مسدودا ونصبوا كمينا لليونانيين.
الجورخاس.. "المحاربون الأسطوريون"
يعود تاريخ "الجورخاس" إلى عام 1814، عندما اشتبكت القوات الاستعمارية البريطانية مع مدينة جورخا النيبالية خلال الحرب الأنجلو نيبالية.
وعلى الرغم من تفوق البريطانيين في التسليح بشكل كبير، إلا أن المحاربين النيباليين تسببوا في خسائر فادحة في صفوف البريطانيين، وأجبروهم في النهاية على عقد معاهدة سلام.
أعجب البريطانيون بإصرار الجورخاس ومثابرتهم، وأدرجوا شرطًا في اتفاق السلام يسمح للمقاتلين النيباليين بالعمل كجنود متطوعين في جيش شركة الهند الشرقية.
وتم دمجهم لاحقا في الجيش البريطاني النظامي، واستمروا في الخدمة في كل عمل عسكري بريطاني كبير تقريبا خلال القرنين التاسع عشر والعشرين.
اشتهر الجورخاس بحمل "سكاكين منحنية"، وكان شعارهم "أفضل الموت على أن أكون جبانا"، اكتسبوا سمعة بولائهم وشجاعتهم الشديدة تحت النيران.
قتل منهم على ما يقرب من 2000 جندي خلال الحرب العالمية الأولى وحدها، وتم منح 13 منهم أعلى وسام عسكري بريطاني.
وحتى يومنا هذا، ينتقي الجيش البريطاني حوالي 200 جورخاس جديد كل عام من بين ما يقرب من 30 ألف شاب نيبالي.
ويخضع المجندون لعملية فحص شاقة تتضمن الجري لمسافات طويلة عبر جبال الهيمالايا، بينما يحملون سلة من "الخوص" مليئة بـ 70 رطلاً من الصخور.
كتيبة "المورمون"
تتمتع كتيبة "المورمون" بشهرة غير عادية كونها الوحدة الوحيدة في تاريخ الجيش الأمريكي التي تتألف بالكامل ممن يسمون بقديسي الأيام الأخيرة.
نشأت القوة القتالية، الدينية في الأصل، في يوليو/تموز 1846 بعد مفاوضات بين قادة كنيسة بريغهام يونغ والجيش الأمريكي، حيث كان المورمون يأملون في أن تمهد الكتيبة الطريق أمام نزوحهم إلى الغرب الأمريكي من خلال توفير المعدات والأجور للجنود.
ورأى الرئيس جيمس بوك أنها وسيلة للمساعدة في جعل قديسي الأيام الأخيرة حلفاء ودودين للحكومة الأمريكية.
ورغم أنها لم تشارك في القتال مطلقا، إلا أن كتيبة المورمون المكونة من 500 رجل أصبحت واحدة من أكثر الوحدات شهرة في التاريخ الأمريكي.
بدأ الرجال خدمتهم بالقيام بمسيرة شاقة خارج ولاية أيوا وعبر أرض هندية معادية إلى براري أريزونا، ومنها إلى جنوب كاليفورنيا، وقاموا بواجب الحامية حول سان دييغو ولوس أنجلوس.
وتم إقصاء الكتيبة، قصيرة العمر، من الخدمة في يوليو/تموز 1847.
وحدة "رجال الآثار"
كان لهذه الوحدة أهمية تاريخية في حفظ التراث والتاريخ في أوروبا الذي نراه اليوم، وتكونت من متخصصين في الآثار والفنون الجميلة والمحفوظات، وعرفت باسم "رجال الآثار".
تلك الوحدة الخاصة، التي كانت مهمتها الحفاظ على التراث الثقافي لأوروبا خلال الحرب العالمية الثانية.
هذه المجموعة الصغيرة المنتقاة بعناية من مؤرخي الفن وأمناء المتاحف والعلماء غامرت بالتواجد في الخطوط الأمامية للمعارك، بهدف المساعدة في منع المباني المهمة تاريخيا والمعالم الأخرى من أن تصبح ضحية للحرب.
وكانت إحدى أهم مهامهم هي ضمان عدم تدمير الهياكل ذات الأهمية الثقافية عن غير قصد أثناء اندفاع الحلفاء إلى أوروبا.
صمم أعضاء هذه الوحدة خرائط خاصة ترشد الطيارين إلى المناطق التي يجب تجنبها أثناء عمليات القصف، واتخذوا خطوات للحفاظ على المعالم التي تضررت بالفعل واستعادتها.
وقرب نهاية الحرب، تغير تركيز الوحدة إلى تعقب واستعادة اللوحات والمنحوتات التي لا تقدر بثمن التي نهبها النازيون.
ومع انهيار نظام هتلر، كشف رجال الآثار عن آلاف الأعمال الفنية المخبأة في القلاع ومناجم الملح، وعملوا على إعادتها إلى أصحابها الشرعيين.
ومن الأعمال الفنية التي أنقذتها هذه الوحدة روائع لفنانين مثل رامبرانت ودافنشي ومايكل أنجلو وفيرمير وبوتيتشيلي.