ترامب واستراتيجية «الجنون».. العالم يخشى التطبيق
يستعد حلفاء الولايات المتحدة لعودة الرئيس دونالد ترامب، ولا يزالون يأملون في الأفضل، لكنهم غير مستعدين لما قد يثبت أنه الأسوأ.
وفي الفترة التي سبقت تنصيبه المرتقب اليوم، أرسل ترامب الكثير من الإشارات حول فرض المزيد من التعريفات الجمركية على كندا والصين والمكسيك، وتعهد بشراء أو غزو غرينلاند وقناة بنما كما استخدم نفوذه للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لقبول وقف إطلاق النار في غزة.
وفي الوقت نفسه، قدم ماركو روبيو، المرشح لمنصب وزير الخارجية، نفسه خلال أربع ساعات ونصف الساعة أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة "الغارديان" البريطانية.
والسؤال الآن في أوروبا هل سيسيطر روبيو ووزارته على السياسة الخارجية الأمريكية أم سيعتمد ترامب على رئيسة الأركان، سوزي وايلز، ومستشار الأمن القومي، مايك والتز.
ووفقا لـ"الغارديان" فإن البحث عن الإشارات وسط كل هذا الضجيج، والتمييز بين التهديدات وتحديد الأساس المنطقي لقرارات إدارة ترامب يجعل الدبلوماسيين الأجانب المرتبكين في واشنطن مستيقظين طوال الليل.
ويعترف ترامب صراحة بأن عدم القدرة على التنبؤ هو أسلوب عمله، فمثلا قال لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في وقت سابق إنه "مسرور لأن الرئيس الصيني شي جين بينغ يحترمني لأنه يعرف أنني مجنون".
ولأن الخوف من المجنون يتراجع إذا لم يفعل أحيانا شيئًا مجنونًا حقًا، فمن المتوقع أن يبدأ ترامب إدارته بسرعة، في محاولة لزعزعة استقرار خصومه وإثبات نهجه "أمريكا أولاً".
وفي اليوم الأول، لا يستطيع أن يأمل في إنهاء حرب أوكرانيا فورا أو بدء عمليات الترحيل الجماعي أو فرض تعريفات جمركية بنسبة 25% في جميع أنحاء العالم، لكن من المتوقع أن يكشف عن الدول الأجنبية التي سيستهدفها بدءًا من كندا والصين والمكسيك.
وخلال الأسبوع الماضي حاول الدبلوماسيون الكنديون في واشنطن التأثير على أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين.
ورغم انقساماتها الداخلية، تزعم كندا أنها أعدت 3 مستويات من الإجراءات الانتقامية لفرض رسوم على واردات أمريكية بقيمة 150 مليار دولار إذا شن ترامب حربه التجارية.
وقالت رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم، إن بلادها لديها خطط قنصلية جاهزة إذا بدأت عمليات الترحيل الجماعي كما تستعد الصين لإجراءاتها الانتقامية منذ عام، وتبحث عن حلفاء.
وتوقع الدكتور تشيتيج باجباي، وهو زميل أبحاث في جنوب آسيا في مؤسسة تشاتام هاوس، أن "يحاول الحلفاء اتباع مزيج من الاسترضاء وتعزيز المرونة والانتقام، فضلا عن تكثيف القوى المتوسطة جهودها لمحاولة الحفاظ على التجارة الحرة كما فعلت في ولاية ترامب الأولى".
لكن في أوروبا، حيث يتزايد العداء الشعبي لترامب أكثر من أي مكان آخر، فإن التشاؤم كبير وحتى أنصار العلاقات عبر الأطلسي مثل فريدريش ميرز، الذي يتوقع كثيرون أن يكون المستشار الألماني القادم يزعمون أن وحدة الاتحاد الأوروبي هي شرط أساسي لاستغلال الفرص المتاحة وإقامة علاقة ناجحة مع الولايات المتحدة.
وبشكل عام، يصر الدبلوماسيون الأوروبيون على أن سياسات إدارة ترامب قد تكون أكثر دقة من خطابه، مثلما هدد في 2016 بفرض رسوم جمركية بنسبة 30% على المكسيك، لكنه أعاد التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية.
كما تجنب الاتحاد الأوروبي فرض رسوم جمركية على السيارات بعد موافقته في 2018 على شراء المزيد من الغاز المسال وفول الصويا الأمريكي ومن المقرر أن يقدم التكتل عروضا مماثلة هذه المرة.
ويستشهد أنصار هذا الرأي بنص جلسة استماع روبيو في مجلس الشيوخ حيث أشار وزير خارجية ترامب إلى الدور العالمي للولايات المتحدة وأهمية تنمية التحالفات، حتى أنه اعترف بتفضيل التعاون مع المكسيك على مكافحة كارتلات المخدرات.
وفيما يتعلق بأوكرانيا، قال إن الموقف الرسمي للإدارة كان أن "الحرب لابد أن تنتهي"، وأن ذلك يتطلب تنازلات إقليمية من الجانبين إلا أنه أكد على ضرورة أن تكون كييف في موقف تفاوضي قوي.
وحول حلف شمال الأطلسي (ناتو)، قال روبيو إنه يقف إلى جانب القانون الذي يحظر على الرئيس الأمريكي الانسحاب من الحلف دون موافقة مجلس الشيوخ ويظل مطلبه بأن تساهم أوروبا بشكل أكبر في دفاعها هو مطلب مألوف من أي سياسي أمريكي خلال العقدين الماضيين.
روبيو، المعروف بأنه من صقور الصين، قال إنه لا يعتقد أن بكين تريد صراعًا عسكريًا وأضاف أنه "سيكون من الخطأ الدخول بعقلية الحرب الباردة".
ولم يدعم روبيو الانسحاب من الشرق الأوسط، رافضًا التخلي عن الأكراد السوريين وهو موقف سيلقى ترحيبا أوروبيا.
وقال روبيو إن إدارة ترامب ستكون الأكثر تأييدًا لإسرائيل في التاريخ، لكنه رفض عودتها للسيطرة على غزة.
والسؤال الآن هو؛ هل آراء روبيو مهمة؟ لقد حذر رئيس الوزراء الأسترالي السابق مالكولم تورنبول من أنه في الإدارة الأمريكية الجديدة لن يكون هناك سوى صانع قرار واحد هو ترامب.
وللتعامل مع ترامب نصح تورنبول بالوقوف أولا في وجه التنمر ثم إقناعه بوجود أرضية مشتركة، لأن السؤال الوحيد الذي يطرحه الرئيس الأمريكي الجديد "ما الفائدة التي سأجنيها من ذلك؟"