كيف سيتغير العالم إذا اكتشفنا حياة خارج كوكب الأرض؟

لطالما راودت فكرة وجود حياة خارج كوكب الأرض خيال البشرية، من الأساطير القديمة وحتى أفلام الخيال العلمي الحديثة.
لكن ماذا لو لم يعد الأمر مجرد خيال؟ ماذا لو أعلن العلماء غدا أنهم اكتشفوا دليلا قاطعا على وجود حياة، حتى لو بسيطة، في مكان آخر في الكون؟ كيف سيتغير عالمنا؟.
تشير الاكتشافات العلمية الحديثة إلى أننا قد نكون على أعتاب تحقيق هذا الحلم، بما يعني أننا سنكون أمام تحول تاريخي في فهمنا للكون ومكانتنا فيه، ففي أبريل/نيسان 2025، أعلن فريق من جامعة كامبريدج عن اكتشاف إشارات قوية على وجود حياة على كوكب (K2-18b) الذي يبعد 124 سنة ضوئية عن الأرض.
ورصد الباحثون غازات مثل ثنائي ميثيل الكبريت (DMS) في غلافه الجوي، وهي مركبات على الأرض تنتجها الكائنات الحية فقط، مثل الطحالب البحرية، وهذا الاكتشاف، الذي تم باستخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي، يُعد خطوة مهمة نحو تأكيد وجود حياة خارج كوكبنا، رغم الحاجة إلى مزيد من الدراسات للتأكد من أن هذه المركبات ليست ناتجة عن عمليات غير بيولوجية.
ويقول الدكتور نيكو مادوسودان من جامعة كامبريدج، والباحث الرئيسي بالدراسة، إن العثور على حياة خارج الأرض، حتى لو كانت ميكروبية، سيكون "أعظم اكتشاف في تاريخ البشرية"، فهو سيؤكد أننا لسنا وحدنا في هذا الكون الشاسع، وسيغير جذريا نظرتنا للبيولوجيا، وتاريخ الحياة، وحتى احتمال وجود حضارات ذكية أخرى.
وسيثير هذا الاكتشاف صياغة الكثير من الأسئلة العلمية، مثل: "هل تشترك الكائنات الفضائية معنا في الحمض النووي؟، كيف تطورت الحياة في بيئة مختلفة تماما؟، وهل يمكن للحياة أن تكون مبنية على عناصر أخرى غير الكربون والماء؟".
التأثير على المجتمع والثقافة
ولن يكون الخبر مجرد إنجاز علمي، بل زلزالا ثقافيا وفلسفيا، ففي الديانات والفلسفات حول العالم، قد تفتح هذه الحقيقة نقاشات عميقة حول مكانة الإنسان في الكون، والعلاقة بين الإيمان والعلم، والغرض من الوجود نفسه.
وستشهد وسائل الإعلام، والفن، والكتب، والسينما، موجة انتاج جديدة جديدة مستوحاة من هذا الحدث، وسيُعاد طرح مفاهيم مثل "الآخر" و"الغريب" و"الحدود البشرية"، وهو ما أكدته دراسة نشرت في مجلة "المعاملات الفلسفية للجمعية الملكية".
نفسية الإنسان.. بين الدهشة والقلق
ولن يخلو الأمر من التوتر، ففكرة أن هناك "آخرين" هناك، حتى إن لم يكونوا خطرين، قد تثير القلق الجماعي والهلع في بعض المجتمعات، لكن في المقابل، قد يشعر الكثيرون بوحدة أقل، وإحساس أكبر بالانتماء إلى "الكون" وليس فقط إلى كوكب الأرض، كما تشير الدراسة.
وإذا حدث الاكتشاف عبر بعثة فضائية دولية، مثل مهمة مشتركة إلى قمر إنسيلادوس أو المريخ ، فقد يدفع ذلك العالم نحو مزيد من التعاون العلمي والتقني، وربما يخلق حالة نادرة من التكاتف الإنساني تتجاوز الحدود السياسية.
لكن لو تم الاكتشاف من قبل دولة واحدة فقط؟ فقد تبدأ سباقات جديدة، ليس نحو التسلح، بل نحو استكشاف الحياة وربما التواصل معها.
ومن خلال ما سبق، يبدو أن هذا الحدث إذا ستحقق سيكون بداية "عصر كوني جديد" يغير أهداف البشرية من البقاء على الأرض إلى أن تصبح حضارة متعددة الكواكب، وقد تصبح موارد البحث العلمي موجهة لفهم الحياة الفضائية، وتطوير وسائل سفر بين النجوم، والتفكير في قوانين جديدة تحكم العلاقات مع كائنات أخرى.