فوز فرنسا بتعدد مشارب أبنائها الذين توافدوا من كل صوب ليرفعوا الكأس، يفتح أبواب التساؤل حول أهمية جذب المبدعين من شتى أنحاء العالم.
فاز المنتخب الفرنسي أمس الأحد، في نهائي مونديال كأس العالم لكرة القدم 2018 على المنتخب الكرواتي، ليحرز اللقب للمرة الثانية في تاريخه بنتيجة وأداء يليقان بالمباراة، وقد تداولت منصات التواصل الاجتماعي صوراً للاعبي فرنسا الذين تنوعت أصولهم وأعراقهم وأديانهم، لكن جمعهم فريق واحد وراية واحدة.
لا يمكن الحديث عن التقدم دون التركيز على المورد البشري كعامل رئيس في أي نهضة، وقد أدركت الدول المتقدمة ذلك مبكراً فسعت في تأسيس شكل جديد من أشكال المواطنة، فيما باع كثير من أوطاننا العربية أبناءه بثمن بخس؛ بسبب الكراهية والتميز وعدم تقبل شركاء الوطن.
فوز فرنسا بتعدد مشارب أبنائها الذين توافدوا من كل صوب ليرفعوا الكأس الغالية، يفتح أبواب التساؤل حول أهمية جذب المبدعين من شتى أنحاء العالم لبناء الحضارة، والمساهمة في التقدم والتطوير في شتى القطاعات، بترسيخ مفهوم التعاون والتعايش وقبول التنوع الإنساني والفكري والديني.
إن الفسيفساء المتنوعة من الأعراق والأديان تعتبر ثروة كبيرة في كثير من الدول إلا في الشرق الأوسط، حيث خسرت بعض أوطاننا العربية الزاخرة والمتنوعة، جماعات أسهمت في صنع النهضة وأثرتها بتنوعها طيلة عقود، وذلك لأسباب متعددة أهمها الحركات التكفيرية والجماعات الإرهابية والأنظمة الفاسدة والتمييز والكراهية، ما أدى إلى هروب كثير من مكونات المنطقة إلى الغرب بحثاً عن السلام.
لقد وصلت مستويات هجرة الأقليات في الشرق الأوسط إلى أرقام مفزعة لا سيما بعد الحرب الأهلية في لبنان 1975، والحرب على العراق 2003، وما عرف بالربيع العربي 2011، ومن يتابع حركات هجرتهم من مناطق الصراع يجد أن المنطقة تنزف أبناءها، فيما تتمنى دول كثيرة هذا التنوع وتسعى في توطين العديد من المبدعين.
على مدى التاريخ كانت هذه الأرض موطناً للأديان والأعراق في مجتمعات متنوعة تعيش في وئام وسلام، وشكلت نسيجاً اجتماعيا كان متحابا، لكن في السنوات القليلة المنصرمة تصاعدت الصراعات بمزاعم واهية.
وقد جمعتني الصدفة في مدينة أوروبية بطالب جامعي يدرس العلوم فيها، وحين تبادلنا أطراف الحديث تبين أنه من أمريكا الجنوبية، إلا أن الصدمة تجلت حين أخبرني باسم عائلته العربي، وأن أصله عربي، إلا أنه لا يعرف شيئاً عن بلده بل لا يريد، وحيئنذ توالت الأسئلة حول مصير العرب المهجّرين هنا وهناك، والذين فقدوا هوياتهم العربية لينصهروا في مجتمعات جديدة، ويبدعوا ويقدموا منجزات كبرى، رغم أن أوطانهم العربية كانت أولى بهم.
لا يمكن الحديث عن التقدم دون التركيز على المورد البشري كعامل رئيس في أي نهضة، وقد أدركت الدول المتقدمة ذلك مبكراً فسعت في تأسيس شكل جديد من أشكال المواطنة، فيما باع كثير من أوطاننا العربية أبناءه بثمن بخس؛ بسبب الكراهية والتميز وعدم تقبل شركاء الوطن.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة