في يوم الغذاء العالمي 2022.. الملايين خلف الركب
تحت شعار "لا تترك أحدًا يتخلف عن الركب"، يأتي يوم الغذاء العالمي 2022.. لكن في الحقيقة، الواقع أصبح كارثيًا مع تفاقم مستويات الجوع.
ويحتفل العالم يوم 16 أكتوبر من كل عام بهذا الحدث السنوى، وهو ذكرى تأسيس منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في عام 1945م الذي حددته منظمة الأغذية والزراعة الفاو التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، وذلك تأكيدًا على أهمية الأمن الغذائي، ونشر الوعي بمخاطر الجوع، وكيفية مواجهته.
ملايين خلف الركب
منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، رأت أنه رغم التقدّم الذي أحرز نحو بناء عالم أفضل، تُرك عدد كبير جدًا من السكان خلف الركب، فملايين الأشخاص اليوم يعجزون عن الاستفادة من التنمية البشرية والابتكار والنموّ الاقتصادي.
منظمة "فاو" أكدت أن القضاء على الجوع لا يقتصر على الإمدادات؛ إذ يجري اليوم إنتاج ما يكفي من الأغذية لإطعام جميع سكان كوكب الأرض.
اليوم، يشهد العالم عامًا آخر من وصول الجوع لمستويات قياسية بعدما خلفت أزمة الغذاء العالمية مجموعة من التحديات الناجمة عن الصدمات المناخية والنزاعات والضغوط الاقتصادية ما أدى إلى ارتفاع عدد الجياع في جميع أنحاء العالم من 282 إلى 345 مليون شخص في الأشهر الأولى فقط من عام 2022، وقد وسع برنامج الأغذية العالمي من نطاق أهداف المساعدات الغذائية لتصل إلى رقم قياسي بلغ 153 مليون شخص في هذا العام.
وحذّر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن العالم يواجه خطر خوض عام آخر من وصول الجوع لمستويات قياسية مع استمرار أزمة الغذاء العالمية في دفع المزيد من الناس إلى مستويات متدهورة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، داعيا العالم إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه الأزمة.
80% يعانون من الفقر المدقع بالريف حول العالم
وعلى نطاق العالم، يعيش أكثر من 80% ممن يعانون الفقر المدقع في المناطق الريفية ويعتمد الكثيرون منهم على الزراعة والموارد الطبيعية، وهم عادة الأشدّ تضررًا من الكوارث الطبيعية وتلك الناجمة عن أنشطة الإنسان، وغالبًا ما يتعرّضون للتهميش بسبب نوع جنسهم أو أصلهم الإثني أو حالتهم الاجتماعية. وهم يناضلون للحصول على التدريب والتمويل والابتكار والتكنولوجيات، وفق الأمم المتحدة.
ويقول البنك الدولي في دراسة جديدة له إنه من غير المحتمل أن يحقق العالم هدف القضاء على الفقر المدقع بحلول عام 2030 بدون تحقيق معدلات نمو اقتصادي تتحدَّى التاريخ خلال ما تبقَّى من هذا العقد. وتخلص الدراسة إلى أن جائحة كورونا وجَّهت أكبر لطمة لجهود العالم للحد من الفقر منذ عام 1990 وأن الحرب في أوكرانيا تُنذِر بأن الأوضاع ستزداد سوءا.
وتشير تقديرات الدراسة إلى أن الجائحة دفعت نحو 70 مليون شخص للسقوط في براثن الفقر المدقع في عام 2020، وهي أكبر زيادة في عام واحد منذ أن بدأ رصد أوضاع الفقر في العالم في 1990. ونتيجةً لذلك، يُقدَّر أن 719 مليون شخص كانوا يعيشون على أقل من 2.15 دولار للفرد يوميا بنهاية عام 2020.
830 مليونًا يعانون سوء التغذية المزمن
من جانبه، قال الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير إن ما يصل إلى 830 مليون شخص يعانون سوء تغذية مزمن حول العالم حاليًا، لافتا إلى أن هذا العدد يزيد على ما تم رصده قبل ثلاثة أعوام بإجمالي 150 مليون شخص، وقال إنه "رقم قياسي محزن".
وتابع شتاينماير أن الجوع يسود في كثير من المناطق بالعالم، وذكر أمثلة على ذلك بالقرن الأفريقي الذي يعاني فيه الأشخاص من أسوأ موجة جفاف منذ 40 عاما، وباكستان التي يتم بها المعاناة بها من عواقب الفيضانات العصيبة.
وأوضح الرئيس الألماني أن تغير المناخ لا يعد السبب الوحيد وراء ذلك، وقال: "يرجع (تزايد الجوع) أيضا لتخلف توريدات الحبوب والسلع الغذائية والأسمدة. والسبب وراء ذلك هي الأزمة الروسية الأوكرانية".
28 مليونًا يعانون انعدام الأمن الغذائي
فيما أكدت جاكلين بينات المسؤولة بالمكتب الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو"، ارتفاع نسبة من يعانون من الجوع العالمي، مشيرة إلى أن 28 مليون شخص يعانون من نقص الأمن الغذائي حول العالم بسبب التغيرات المناخية والأزمات الاقتصادية.
وقالت جاكلين إن أكثر الدول تضررا من نقص الأمن الغذائي تقع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لافتة إلى أنه لو لم يتغير الوضع فإن أكثر 75 مليونا سيعانون من الجوع في عام 2030، مضيفة أن منظمة "الفاو" عملت على دراسة لما حدث في مؤتمر باريس الماضي، حيث أعلنت العديد من الدول عن وجود تغيرات مناخية أدت إلى نقص الأمن الغذائي.
وبدوره، قال صندوق النقد الدولي إن العالم يواجه الآن واحدة من أسوأ أزمات الغذاء التي تعرض لها منذ أكثر من 10 سنوات، مع تدهور الأمن الغذائي، داعيا إلى التعامل بطريقة حاسمة ومنسقة مع الأزمة.
ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن تقرير أصدره الصندوق، إنه حتى مع تراجع أسعار الغذاء في الأسواق العالمية خلال الشهور الأخيرة، سيستمر تدهور أوضاع الأمن الغذائي بسبب العديد من العوامل مثل اختناقات سلاسل الإمداد والصعوبات التي تواجه الاستفادة من الحاصلات الأوكرانية وارتفاع أسعار الأسمدة والطاقة.
وتعادل أزمة الغذاء الراهنة على الأقل الأزمة التي تعرض لها العالم عامي 2007 و2008، والتي شهدت نقصا شديدا في الإمدادات ووفاة الكثيرين من الجوع في العالم وفجرت موجات من الاضطراب السياسي والاجتماعي.
وقال صندوق النقد إن هناك 48 دولة مصنفة كأكثر الدول تضررا من الأزمة الحالية بسبب الخلل الكبير في ميزان مدفوعاتها، والنقص الحاد في الأمن الغذائي، في حين تواجه منطقة الساحل وغيرها من مناطق جنوب الصحراء الأفريقية آفاقا أسوأ.
وبعيدا عن حجم المعاناة فإن تكلفة هذه الأزمة على اقتصاداتها تقدر بمليارات الدولارات.
وأضاف صندوق النقد أن أي تغيير مفاجئ في أسعار الغذاء والأسمدة سيعني زيادة جديدة في قيمة فواتير الواردات خلال العام المقبل، وستكون في حدود 9 مليارات دولار. كما ستحتاج هذه الدول إلى ما بين 5 و7 مليارات دولار إضافية في ميزانياتها لتخفيف حدة الأزمة على الأسر.
670 مليونًا سيعانون الجوع بحلول 2030
وفي يوم الغذاء العالمي، أوضح تقرير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، أن معدل انتشار النقص التغذوي قفز من 0.8 إلى 3.9 في المائة، خلال الفترة من 2019 إلى 2020 وارتفع بوتيرة أبطأ في 2021 ليصل إلى 8.9 في المائة، بعدما بقي دون تغير يذكر منذ 2015.
وأشار التقرير إلى تأثر ما يراوح بين 702 و828 مليون شخص بالجوع في 2021، بينما ازداد هذا العدد بنحو 150 مليونا منذ تفشي جائحة كوفيد19 – أي 103 ملايين شخص بين عامي 2019 و2020، و46 مليونا آخرين في 2021.
وتشير التوقعات إلى أن 670 مليون شخص سيعانون من الجوع في 2030 – أي 8 في المائة، من سكان العالم وهي النسبة نفسها التي كانت مسجلة في 2015.
ودعا برنامج الأغذية العالمي، العالم إلى العمل لتفادي وصول الجوع إلى مستويات قياسية مرة أخرى، إذ تستمر أزمة الغذاء العالمية في دفع المزيد من الناس نحو مستويات متدهورة من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
aXA6IDMuMTQ1LjExMC45OSA=
جزيرة ام اند امز