القمة العالمية للحكومات 2022.. أرقام تغير نظرة العالم للمستقبل
أحداث وفعاليات زخمة شهدتها القمة العالمية للحكومات في دورتها الثامنة على أرض دولة الإمارات، من شأنها صياغة مستقبل أفضل للبشرية.
تبني نهج واقعي وشامل للتحول في قطاع الطاقة
دعت دولة الإمارات إلى تبني نهج واقعي ومنطقي وإيجابي للتحول في قطاع الطاقة، وذلك بما يضمن أمن الطاقة ويعزز النمو الاقتصادي.
جاء ذلك خلال الكلمة الرئيسة التي ألقاها وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي الدكتور “سلطان بن أحمد الجابر”، في النسخة السادسة من منتدى الطاقة العالمي 2022، الذي انعقد بالتزامن مع القمة العالمية للحكومات 2022 في دبي.
وأكد الجابر أن تراجع الاستثمارات طويلة الأمد في النفط والغاز واتباع نهج غير واقعي، لمواكبة التحول في قطاع الطاقة يجعل الأسواق أكثر عرضة للصدمات الجيوسياسية.
ويتوقع وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، حدوث حالة شح في الأمد القريب بأسواق النفط مع زيادة الطلب ما يقرب من 3 ملايين برميل عن العام الماضي. ومن المرجح أن يعود إلى مستويات ما قبل جائحة كوفيد بحلول الربع الأخير من هذا العام.
وقال الجابر: «ومن هذا المنطلق، نعمل في دولة الإمارات على زيادة الاستثمار في مصادر الطاقة منخفضة الانبعاثات والخالية من الكربون، كما نعمل على زيادة السعة الإنتاجية لنفطنا (خام مربان) الذي يعد الأقل كثافة عالمياً في الانبعاثات، لتصل إلى أكثر من 5 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2030، وذلك بالتزامن مع مضاعفة القدرة الإنتاجية لمحفظة مشاريعنا في قطاع الطاقة المتجددة خمس مرات».
وأكد قائلاً: "نعمل كذلك على رفع السعة الإنتاجية من الغاز الطبيعي بنسبة 30%، لتعزيز قدرتنا على توفير المزيد من إمدادات الغاز الطبيعي المسال، وبدأنا بتوفير طاقة نظيفة خالية من الكربون من خلال برنامجنا للطاقة النووية السلمية الذي يعد الأول من نوعه على مستوى المنطقة، ونعمل كذلك على تأسيس سلاسل قيمة لوقود الهيدروجين الخالي من الكربون في أسواق أساسية في كل من أوروبا وآسيا".
وقال الجابر: «من موقعنا كمسؤولين في قطاع الطاقة، علينا أن ندفع قُدماً نحو تبنّي خطط واقعية ومنطقية للتحول في القطاع، وأن نعمل معاً على صياغة خريطة طريق واضحة مبنية على أسس متينة، وأن نتبنى سياساتٍ تعزز استقرار أسواق الطاقة ونواصل الاستثمار في مصادر الطاقة الجديدة والمستقبلية، وعلينا أن لا نوقف الاستثمار في منظومة الطاقة الحالية، قبل بناء منظومة الطاقة الجديدة. إذا اتبعنا هذا النهج، سنعزز قدرتنا على زيادة المرونة، ودفع عجلة الازدهار، وتحقيق النمو المستدام للجميع».
إيجاد حلول عملية وذكية لمواجهة تحديات تغير المناخ
كما دعت دولة الإمارات الحكومات والقطاع الخاص والمؤسسات المالية، والمجتمع المدني للمشاركة في إيجاد حلول عمليّة ومدروسة لتغير المناخ.
وخلال أعمال أسبوع المناخ الإقليمي 2022، الذي يعقد لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على هامش فعاليات القمة العالمية للحكومات، أوضح الدكتور سلطان بن أحمد الجابر أن دولة الإمارات تتبنى نهجاً شاملاً ومتوازناً للعمل المناخي والتحول في الطاقة، مشيراً إلى سجل دولة الإمارات الحافل في العمل المناخي. وقال: "تماشياً مع رؤية قيادتنا الرشيدة، وانطلاقاً من دورها الرائد في الإنتاج المسؤول للطاقة، تمتلك دولة الإمارات نظرة واقعية وإيجابية إلى المستقبل، وتتعامل مع التحديات بمنهجية استباقية".
واستعرض وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي، العديد من الأمثلة على هذه المنهجية قائلاً: "لقد أوقفت دولة الإمارات عمليات حرق الغاز قبل ثلاثين عاماً من تنبه البنك الدولي لضرورة القيام بذلك، وتعد دولة الإمارات واحدة من أقل الدول في العالم من حيث انبعاثات الميثان في الصناعات الهيدروكربونية بنسبة 0.01%، وذلك قبل 20 عاماً من التعهد العالمي بالخفض التدريجي لانبعاثات الميثان. كما أن الإمارات من الدول الرائدة في تقنية التقاط واستخدام وتخزين ثاني أكسيد الكربون على نطاق صناعي، وذلك قبل أن تعتمدها "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ" كوسيلة رئيسية لإزالة الكربون. وتعد الإمارات أول دولة تستخدم الكهرباء المولّدة من الطاقة الخالية من الكربون في عمليات إنتاج الموارد الهيدروكربونية".
أمن الطاقة والعمل المناخي
فيما قال وزير الطاقة والبنية التحتية الإماراتي سهيل المزروعي، إن بلاده تعمل على رفع الطاقة الإنتاجية للنفط إلى 5 ملايين برميل يوميا.
وشدد المزروعي في تصريحاته على هامش فعاليات منتدى الطاقة العالمي للمجلس الأطلسي قائلا" يجب ألا تُسيس قضية النفط والغاز.
كما أكد على ضرورة أن يتم محاربة الجماعات الإرهابية من كل دول العالم لأنها خطر على سلاسل الإمداد العالمية.
وأكد وزير الطاقة الإماراتي على أن بلاده لديها رؤية في مجال الاستدامة ومجال الطاقات المتجددة ،مشيرا إلى أن الإمارات تساهم في نشر مشاريع الطاقة المتجددة والصديقة للبيئة على مستوى العالم.
وقال، وضعنا مستهدفات للوصول للحياد الكربوني بحلول عام 2050.
كما شدد على أن مقاطعة العالم للنفط الروسي أمر غير منطقي ،مضيفا ، 10% من موارد الطاقة في العالم تأتي من روسيا والعالم لا يستطيع الاستغناء عن النفط الروسي.
وبدوره، أكد الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي، إنه لولا "أوبك+" لما كنا نحتفل بسوق مستدامة للطاقة على الرغم من التقلبات الحالية، وأن الأمر كان سيصبح أسوأ.
وأوضح أن "روسيا تنتج نحو 10 ملايين برميل نفط يوميا، ما يشكل قرابة 10% من الاستهلاك العالمي، وهي مساهمة كبيرة".
وحول مساهمة دولة الإمارات في تمويل العمل المناخي العالمي قال سلطان الجابر: "قدمت دولة الإمارات ما يزيد على مليار دولار لدعم العمل المناخي في أكثر من 40 دولة. ومن خلال خبرتنا وتجربتنا، لاحظنا أن توفير التمويل المُيّسر في البداية، يشجع على توفير التمويل الخاص".
فيما أكدت نقاشات جلسة "مرحلة ما بعد الأزمة.. إعادة البناء من أجل أمن الطاقة والعمل المناخي" ضمن فعاليات "منتدى الطاقة العالمي"، أن أمن الطاقة أهم من خفض البصمة الكربونية.
وهناك 3 عوامل تتعلق بإعادة البناء والإعمار، أولها الاستثمار، مع الحاجة إلى استثمار 500 مليار دولار سنوياً لتلبية الطلب في السنوات العشر المقبلة. والعامل الثاني فهو تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي يعول عليها لتوفير 50% من الطاقة الجديدة، والتي تتطلب تعاوناً بين القطاعين الحكومي والخاص. أما العامل الثالث فهو التركيز على إيصال الطاقة لمن يحتاجها بشدة، حيث أدت جائحة كوفيد-19 لزيادة الهوة بين الدول، فمطار هيثرو في لندن يستهلك طاقة أكثر من دولة مثل سيراليون على سبيل المثال.
الهيدروجين الأخضر.. أولوية الحكومات نحو أهداف الحياد الكربوني
ناقشت جلسة بعنوان "الهيدروجين: المواءمة بين أمن الطاقة والتحول في مجال الطاقة"، أهمية الهيدروجين الأخضر في تحقيق الحياد الكربوني.
وأكد المشاركون أن طموحات الإمارات لتحقيق الحياد الكربوني بحلول العام 2050 تشكل خطوة كبيرة لدولة اعتمدت خلال تاريخها على مصادر الوقود الأحفوري.
وقال ماركو ألفيرا الرئيس التنفيذي في "سنام"، "إن أرخص طريقة لنقل الطاقة هي عبر الأنابيب، والأمر نفسه بالنسبة إلى نقل الهيدروجين. ويمكن استخدام البنية التحتية المتواجدة مسبقاً لنقل الهيدروجين حيث إن 99% من الشبكة الحالية قادرة على نقل الهيدروجين".
من جهته قال ديفيد ليفينجستون كبير المستشارين للمبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص للمناخ: "يجب أن يتم خلق أطر تنظيمية عادلة ومستمرة للسماح لرأس المال بالتدفق، ويجب العمل بشكل تكاملي لخلق سلسلة قيمة، سيكون التركيز أكثر من قبل على تحقيق طموحات الحكومات وقد تم استثمار 8.5 مليار دولار لإنشاء مراكز هيدروجين مخصصة، وقد يسهم ذلك في تسريع وتيرة الاستجابة والاستثمارات في هذا المجال".
الذكاء الاصطناعي سيغير كل شيء
ومن جانبه، أكد رئيس شركة IBM العالمية المتخصصة في صناعات التكنولوجيا، أن استخدام الذكاء الاصطناعي في الروبوتات سيغير كل شيء خلال السنوات المقبلة.
وشدّد أرفيند كريشنا، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة IBM، على ضرورة أن تستعين الحكومات بالتكنولوجيا المتطورة وحلول الجيل الرابع لتطوير أعمالها، متوقعاً أن تصل مساهمة الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد العالمي إلى 10 تريليون دولار خلال العقد المقبل.
جاء ذلك، في جلسة بعنوان "نحو الاندماج الأكبر.. التكنولوجيا والحكومات" ضمن القمة العالمية للحكومات 2022.
وقال إن الإمارات استطاعت خلال فترة وجيزة جداً، أن تكون رائدة في استخدام الذكاء الاصطناعي، وأنها اهتمت بكوادرها البشرية من خلال تزويدهم بالمهارات الهادفة.
وأشار إلى أن شركة "آي بي إم"، لها إسهامات مجتمعية عديدة وملتزمة وفق خطة وضعتها بتزويد ملايين الأشخاص من جميع الأعمار بمهارات جديدة لازمة للحصول على وظائف في المستقبل من خلال أكاديميات صناعية تتيح برامج ومنصات لتحسين المهارات الوظيفية وتوفير فرص للتعلم واكتساب مهارات تقنية مطلوبة في الأسواق العالمية.