مستشار "الصحة العالمية": مصر نفذت أكبر نظام لعلاج فيروس سي
"العين الإخبارية" أجرت حوارا مع مستشار المنظمة العالمية للفيروسات الكبدية، سلط خلاله الضوء على أشهر أمراض فيروسات الكبد.
تحيي منظمة الصحة العالمية، الثلاثاء، اليوم العالمي لالتهاب الكبد الوبائي الذي يحل 28 يوليو/تموز كل عام، بهدف تعزيز الوعي بالتهاب الكبد الفيروسي الذي يسبب مجموعة من المشاكل الصحية، بما فيها سرطان الكبد.
وترفع المنظمة هذا العام شعار "مستقبل خالٍ من التهاب الكبد"، مع التركيز على الوقاية من التهاب الكبد B بين الأمهات والمواليد الجدد.
"العين الإخبارية" أجرت حوارا مع الدكتور جمال عصمت، مستشار منظمة الصحة العالمية للفيروسات الكبدية، سلط خلاله الضوء على أشهر أمراض فيروسات الكبد، ونجاح بعض الدول العربية في القضاء على نوعي B وC، وتطرقت لحقيقة نجاح أدوية الكبد في الشفاء من فيروس كورونا المستجد.
وقال الدكتور جمال عصمت، أستاذ الكبد، نائب رئيس جامعة القاهرة الأسبق، إن مصر أصبحت أول دولة على مستوى العالم تصل للهدف الذي وضعته منظمة الصحة العالمية للقضاء على الفيروسات الكبدية بحلول 2030، وقبل المدة المحددة بـ10 سنوات.
وتحدث أيضا عن تنفيذ مصر لأكبر نظام علاجي على مستوى العالم لمرض فيروس سي.. وإلى نص الحوار:
"الصحة العالمية" أدرجت الفيروسات الكبدية ضمن أيامها العالمية.. لماذا هذا الاهتمام؟
المنظمة العالمية منذ 10 سنوات بدأت الاهتمام بأمراض الفيروسات الكبدية بمجهود مجموعة من دول العالم بينها مصر والبرازيل، وشكلت المنظمة مجموعة خاصة في جنيف ووضعت خطة للقضاء على الفيروسات الكبدية حتى 2030.
الخطة ركزت على أهم نوعين من الفيروسات الكبدية من حيث الانتشار على مستوى العالم، وهما B وC، والأول منتشر أكثر في جنوب شرق آسيا وأفريقيا أسفل الصحراء، والثاني في مناطق بالشرق الأوسط.
ماذا عن انتشار B وC في الوطن العربي؟
فيروس B كان منتشرا في بعض الدول العربية مثل السودان واليمن والسعودية، ونجحت الرياض في السنوات الماضية بفضل التطعيم الإجباري لكل المواطنين في تخفيض نسبة انتشار المرض لتصل إلى المعدل العالمي.
أما فيروس C فكان أكثر انتشارا في مصر، لكن هذا النوع من الفيروسات الكبدية ليس له تطعيم مثل النوع السابق، واستطاعت مصر التغلب على الفيروس.
إذن كيف تغلبت مصر على فيروس C؟
البداية منذ عام 2006 عندما أنشأت مصر اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية ووضعت استراتيجية من 2007 حتى 2012، ثم وضعنا استراتيجية أخرى من 2013 وحتى 2018، وكان الهدف هو ضرورة توفير الدواء لأي مريض فيروس سي وإتاحة التحاليل والكشف بالمجان.
في 2007 كان هناك من 5 إلى 6 ملايين مصاب بهذا الفيروس في مصر، وبالفعل عالجنا نحو 90% منهم، لكن المشكلة التي واجهتنا في تلك الفترة أن هناك عددا كبيرا من المصابين بفيروس سي لا يعلمون بإصابتهم ولا نحن بالتبعية، لذا بدأنا في وضع خطط جديدة للتعامل مع الأمر، نفذت بداية من أكتوبر/ تشرين الأول 2018 حتى أبريل/ نيسان 2019 وهي الفترة التي شهدت إجراء فحص شامل لكل المصريين، بهدف الوصول للمرضى المجهولين.
واعتمدنا على قاعدة البيانات الموجودة ونحو 5 آلاف وحدة صحية موجودة بأنحاء الجمهورية بهدف معرفة من يملك أجساما مضادة لفيروس سي، كونه معرضا للإصابة بالمرض.
وبعد اكتشاف الحالات التي تملك أجساما مضادة للفيروس كانت الإصابات تحول لواحد من مراكز مكافحة الالتهاب الكبدي التي كان عددها في 2013 نحو 25 وأصبحت حاليا 175 مركزا على مستوى الجمهورية، للعلاج والمتابعة بالمجان.
وهل أتت هذه الاستراتيجيات والخطط بثمارها؟
بالتأكيد، فبرنامج "100 مليون صحة" الذي نفذ منذ 2018 نجح في علاج مليون ونصف المليون مصاب بجانب مليونين آخرين اكتشفت إصابتهم قبل بداية تطبيق هذا البرنامج.
أيضا مصر نجحت خلال 7 أشهر فقط في فحص 60 مليون مواطن ضد فيروس سي وتحويل من يملكون أجساما مضادة لمراكز العلاج المنتشرة في البلاد، حيث جرى متابعتهم بالتحاليل والعلاج المجاني حتى التأكد من الشفاء التام.
وأستطيع القول إن مصر نفذت أكبر نظم علاجي على مستوى العالم لمرض فيروس سي، فلا توجد دولة أخرى نجحت في إجراء فحص لـ60 مليون مواطن لاكتشاف المصابين، والدولة التي تلينا هي نيجيريا، إذ أجرت فحصا لـ30 مليونا لكن عدد سكانها أكثر من ضعف مصر لذا تعد هذه النسبة منخفضة.
كما أن فحوصاتها ركزت على فيروس سي فقط لكن مصر بجانبه فحصت ضغط الدم والسكر والسمنة، فأصبح هناك قاعدة بيانات صحية تفيدها في وضع التصور الصحي المستقبلي.
وبهذا الإنجاز أصبحت مصر أول دولة على مستوى العالم تصل للهدف الذي وضعته منظمة الصحة العالمية للقضاء على الفيروسات الكبدية بحلول 2030، وقبل المدة المحددة بـ10 سنوات.
كيف حققت مصر هذا الإنجاز الضخم؟
هذا الإنجاز الكبير له محاور رئيسية، أولها الإرادة السياسية لأن الأمر لا يتوقف عند وزارة الصحة المصرية بل هو تعاون كبير بين وزارات وجهات عدة منها المستشفيات الجامعية والمحليات والإعلام وغيرها، وإذا لم تتوفر الإرادة السياسية لم يكن لهذا المشروع أن ينجح.
المحور الثاني تضافر جهود مجموعة من العلماء المصريين المتخصصين ووضعهم هذه الاستراتيجيات الناجحة، والثالث التعاون القوي بين الجهات كافة والدعم الإعلاميي للمبادرة الرئاسية، وأخيرا شركات الأدوية المحلية والدولية التي أنتجت لمصر الدواء بسعر منخفض جدا وإتاحته بكميات كبيرة لعلاج ملايين المصابين.
بعد هذا الإنجاز هل يمكن إعلان مصر خالية من فيروس سي؟
لا بد قبل هذا الإعلان أن نجري فحصا جديدا لعينة من مجموع المصريين بأكملهم، وآخر فحص أجرته مصر كان في 2015 والنتائج أظهرت أن نسبة المصابين نحو 7%، لكن أتوقع أن الفحص الجديد سيكشف عن نسبة مصابين أقل من 1%، وهذا يعني أننا حققنا الهدف المرجو من حملة "100 مليون صحة" وهو الوصول بنسبة المصابين لأقل من 2%. ومن المتوقع أن نجري هذا الفحص قبل بداية 2021.
هل سعت مصر لنقل تجربتها إلى الدول الأخرى؟
بعد إشادة منظمة الصحة العالمية بالمجهود الضخم الذي بذلته مصر في هذا المضمار، طلبت المنظمة من القاهرة التعاون مع الدول الأخرى التي تعاني من الأزمة ذاتها.
وانطلقت القاهرة منذ العام الماضي لمساعدة 18 دولة أفريقية على تخطي مشاكل فيروس سي، وزار أطباء مصريون دول جنوب السودان والصومال وتشاد وأوغندا، لنقل خبراتهم للفرق الطبية بشأن تقييم الحالات ووصف الدواء المناسب، لكن انتشار "كوفيد-19" أوقف برامج التعاون مؤقتا، ومن المتوقع أن يستأنف بمجرد تخطي أزمة كورونا.
ما أشهر أمراض فيروسات الكبد في العالم حاليا؟
المشكلة الصحية الأولى على مستوى العالم في أمراض الكبد الآن هو الكبد الدهني، أي ترسب الدهون في الكبد الذي كان ينظر له سابقا على أنه لا يسبب مشاكل صحية، لكن مؤخرا ظهرت نتائج سيئة لترسب الدهون في هذا العضو تصل إلى حد إحداث تليف وفشل كبدي وفي بعض الأحيان أورام في الكبد.
وحتى الآن لا يوجد علاج فعال لهذا المرض، لكن إجراءات مثل تنظيم الأكل وممارسة الرياضة والوصول للوزن المثالي تسهم بشكل فعال في معالجة هذه المشكلة الصحية.
هل أدوية أمراض الكبد قادرة على علاج مرضى كورونا؟
نحتاج تجارب سريرية ودراسات إكلينكية للتأكد من الأمر، لكن مرشح جدا أن تنجح الأدوية المعالجة للفيروسات الكبدية في علاج مرضى "كوفيد-19" لأن الإنزيمات الفيروسية التي تقضي على فيروس سي هي ذاتها الإنزيمات التي تستخدم ضد فيروس كورونا لوقف التكاثر، وبالتالي عقارات فيروس سي قد تكون مناسبة لمرضى كورونا.
انتقال فيروس B من الأم الحامل للطفل من أولويات "الصحة العالمية" هذا العام.. لماذا؟
اكتشاف الفيروس خلال فترة الحمل أمر في غاية الأهمية، فيجب إخضاع كل سيدة حامل للتحليل لأنه يحمي الجنين من المرض عن طريق بعض التطعيمات وقت الولادة، وأيضا يحمي الزوج من انتقال المرض له بإعطائه الدواء المناسب، وأيضا يحمي الأم حال كان الفيروس نشطا بإعطائها الأدوية بعد الولادة.
أما بالنسبة للمواليد، فتطعيمهم ضد فيروس B بعد الولادة مباشرة أمر إلزامي، ومنظمة الصحة العالمية تؤكد على التطعيم الإجباري للمواليد في كل دول العالم.
aXA6IDE4LjIyNS4xNDkuMTU4IA== جزيرة ام اند امز