العراق يتراجع بحرية الصحافة 2022.. أرقام صادمة عن الانتهاكات
على وقع غياب مؤشرات البيئة الآمنة وغياب التشريعات المنظمة لحماية الكلمة، يحتفي صحفيو العراق باليوم العالمي للصحافة، اليوم الثلاثاء.
ويواجه العاملون في مجال الصحافة العراقية عمليات ترهيب ومطاردة من قبل جهات وقوى سياسية ذات أجنحة مسلحة، خصوصاً ما بعد احتجاجات خريف 2019، التي راح ضحيتها آلاف الضحايا بينهم عدد من الصحفيين.
وخلال تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود"، حول حرية الصحافة العالمية، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، احتل العراق المرتبة المركز 172 بين 180 دولة ومنطقة سنويًا، متراجعًا 9 نقاط إلى الوراء، وخلف كل من سوريا، وفلسطين، واليمن، ومصر، والبحرين، والسعودية.
وكان العراق احتل المركز 163 في المؤشر السنوي لحرية الصحافة العالمي عام 2021.
وفي مؤشر آخر، رصد التقرير السنوي لجمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق "نكوصًا مماثلًا لما سجلته العام الماضي، في أعداد الانتهاكات التي تطول الصحفيين والعاملين في مجال الصحافة والإعلام، من خلال الرصد اليومي لمجمل الانتهاكات".
وخلال الفترة التي غطاها التقرير من 3 مايو/آيار 2021 وحتى 2 من مايو 2022، رصد "280 حالة انتهاك طالت الصحفيين والصحفيات على حدٍ سواء، حيث شملت محاولات اغتيال، اقتحام وهجمات مسلحة، اختطاف، تهديد بالقتل، إصابات أثناء التغطية، رفع دعاوى قضائية وفق قوانين صيغت أثناء الحقبة الديكتاتورية، اعتقال واحتجاز، فضلًا عن الاعتداء بالضرب ومنع وعرقلة التغطية، وإغلاق القنوات وتسريح العاملين".
وأفاد التقرير بأن "الأرقام المسجلة في اليوم العالمي لحرية الصحافة لسنة 2022 ارتفعت نسبيًا عما تم تسجيله خلال هذا اليوم عام 2021، وهو ما يؤكد عدم اكتراث الجهات الحكومية لمعالجة المشاكل التي تواجه الصحفيين والصحفيات العراقيين.
وبحسب المؤشر المحلي، احتلت العاصمة بغداد وأربيل، صدارة المحافظات التي شهدت أكثر انتهاكات بحق الصحفيين خلال عام 2021، فيما استحوذ إقليم كردستان بشكل عام على الحصة الأكبر".
رئيس المرصد العراقي للحريات الصحفية، هادي جلو مرعي وخلال حديث لـ"العين الإخبارية"، يقول: "رغم التحول الديمقراطي الذي شهده العراق في طبيعة النظام السياسي ما بعد2003، إلا أن العمل الصحفي ما زال يفتقد للبيئة الآمنة والسليمة التي تمكن الكلمة من التعبير عن كل ما يجري بواقعية ودون رتوش جراء الضغوطات والتحديات التي تواجه العاملين في ذلك القطاع المهم".
ويضيف مرعي، أن "العراق وفق الإحصائيات المسجلة فقد أكثر من 500 صحفي ما بعد 2003، في ظروف مختلفة توزعت ما بين الاغتيال والقتل والتصفيات والانتهاك بعضها جرى خلال وجود القوات الأجنبية وأخرى على يد تنظيمات وقوى متطرفة".
ويشير مرعي إلى أن "استمرار تلك الانتهاكات وأساليب الملاحقة التي عرفها العراق ما بعد التغيير تقوم على عدم استقرار النظام السياسي ووجود المؤسسات القادرة على ضبط التشريع والقوانين بما يمنع من وقوع مثل تلك الاعتداءات".
وينوه إلى وجود أشكال من الانتهاكات المرتبطة بعدم فهم دور الصحفيين ووسائل الإعلام، حيث يتم عادة منع الفرق التلفزيونية من العمل بحرية في الشارع، والتجاوز عليهم من قبل عناصر الأمن، كما في بعض نقاط التفتيش من دون اعتبار ذلك سياسة ممنهجة، ويعتقد أنه سلوك فردي بحاجة إلى المتابعة المستمرة من الجهات المسؤولة.
من جانبه يرى الصحفي حيدر صفوان، أن "الفوضى التي سادت البلاد انسحبت على كافة مفاصل المؤسسات الحكومية بما ينعكس على واقع الحريات والضمانات الديمقراطية التي يفترض أن يحملها النظام السياسي الجديد".
ويوضح صفوان خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "تنظيم العمل الصحفي في العراق ما زال محكوما بقوانين مضى على تشريعها أكثر من 50 عاماً وفق ما جاء في قانون العقوبات لعام 1969، ولم يطرأ أي تغير ما خلا مواثيق عمل وصكوك محلية لا ترق لحماية صحفيي العراق من مخاطر الملاحقة والاعتقال والحبس".
وتابع: "لم نشهد لغاية الآن لصحفي في القضاء كان قد طاله الانتهاك والمطاردة والتهديد رغم كثرة الحوادث المتكررة والتي باتت في تصاعد مستمر".
ومن جانبها، أكدت نقابة الصحفيين العراقيين، في بيان بمناسبة اليوم العالمي للصحافة، حرصها على تعزيز تلك المبادئ، من خلال دورها في الدفاع عن حقوق الصحفيين والإعلاميين ومختلف وسائل الأعلام العاملة في العراق.
وأشادت النقابة بـ"التضحيات الكبيرة التي قدمتها الأسرة الصحفية في العراق والتي راح ضحيتها مئات الشهداء من الصحفيين في مختلف وسائل الإعلام".
وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993، اعتبار الثالث من مايو/أيار من كل عام اليوم العالمي لحرية الصحافة، ليكون فرصة للاحتفاء بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة، وتقييمها في كل أنحاء العالم، والدفاع عن وسائط الإعلام أمام الهجمات التي تشن على حريتها، والإشادة بالصحفيين الذين فقدوا أرواحهم أثناء أداء واجبهم.