الكنز المدفون.. كيف غير الألماس وجه بوتسوانا؟ (تقرير)
عثر على ثاني أكبر ماسة في العالم في بوتسوانا، البلد الواقع أقصى جنوب قارة أقريفيا.
وتزن الماسة المكتشفة حديثا 2492 قيراطًا، حسبما جاء في بيان شركة التعدين الكندية التي نقبت عنها.
وتأتي الماسة بحجم راحة اليد، وجرى التنقيب عنها في منجم كاروي للماس شمال شرق بوتسوانا.
واستخدمت شركة التعدين تقنية الكشف بالأشعة السينية "Mega Diamond Recovery".
واكتشفت أكبر ماسة في العالم عام 1905 في جنوب أفريقيا، وتسمى "الماسة كولينان" وتزن 3016 قيراطا.
وأعرب رئيس الشركة الكندية للتعدين عن سعادته بالاكتشاف: "إنجاز مستحق باستعادة هذه الماسة غير العادية".
وتعد بوتسوانا واحدة من أكبر منتجي الماس في العالم، وتعتمد في مصدر دخلها عليه، إذ يمثل 30% من الناتج المحلي الإجمالي.
تُعتبر بوتسوانا، الدولة غير الساحلية في جنوب أفريقيا، قصة نجاح فريدة في عالم التنمية، فمن بلد فقير يفتقر إلى البنية التحتية، إلى واحدة من أغنى دول القارة الأفريقية بفضل ثرواتها الطبيعية، أبرزها الألماس.
في عام 1967، أي بعد عام واحد فقط من استقلال بوتسوانا عن بريطانيا، تم اكتشاف أكبر رواسب ألماس في العالم، وكان هذا الاكتشاف مفاجئا وغير متوقع، خاصة أن البلاد كانت تعاني فقرا مدقعا، ولم يكن أحد يتصور أن باطن الأرض في هذه الدولة الصحراوية يخفي كنوزا ثمينة ستغير مجرى تاريخها.
قبل اكتشاف الألماس كانت بوتسوانا تعتمد بشكل أساسي على الزراعة وتربية الماشية. ومع ذلك سرعان ما أدركت الحكومة الجديدة أهمية هذا الاكتشاف، فبدأت في وضع خطط طموحة للاستفادة من هذه الثروة الطبيعية لتنمية البلاد.
لم تعمل بوتسوانا بمفردها في استغلال هذه الثروة، فقد دخلت في شراكة مع شركات تعدين عالمية، أبرزها شركة "دي بيرز"، وأثبتت هذه الشراكة نجاحها، حيث تمكنت بوتسوانا من الحصول على حصة كبيرة من أرباح تجارة الألماس.
استثمرت بوتسوانا إيرادات الألماس في بناء دولة حديثة، وإنشاء بنية تحتية متطورة، وبرامج تعليمية وصحية شاملة، وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين، وتحولت من دولة فقيرة إلى نموذج يحتذى به في القارة الأفريقية في مجال التنمية المستدامة.
الألماس في بوتسوانا ليس مجرد حجر كريم، بل هو رمز للتغيير والتحول، إنه يمثل القصة الملهمة لدولة صغيرة تمكنت من التغلب على التحديات وتحقيق التنمية الشاملة، كما أنه يمثل شراكة ناجحة بين الحكومة والقطاع الخاص.
رغم النجاح الذي حققته بوتسوانا فإنها تواجه تحديات جديدة، فاعتماد الاقتصاد بشكل كبير على الألماس يجعله عرضة لتقلبات الأسواق العالمية، لذلك تسعى الحكومة إلى تنويع الاقتصاد والاعتماد على مصادر دخل أخرى.
قصة بوتسوانا هي قصة نجاح ملهمة تدل على أن الثروات الطبيعية يمكن أن تكون محركا للتغيير الإيجابي، ومع ذلك فإن الاستفادة من هذه الثروات تتطلب حكمة وتخطيطا بعيد النظر.