الأمراض المدارية المهملة.. أستاذ فيروسات يكشف طرق العدوى والوقاية (حوار)
يحل اليوم العالمي للأمراض المدارية المهملة 30 يناير/كانون الثاني من كل عام، وهو فرصة لتسليط الضوء على مخاطرها وطرق العدوى والوقاية منها.
وتقدر منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 1.7 مليار من سكان العالم يجب أن تستهدفهم أنشطة الوقاية والعلاج لواحد على الأقل من هذه الأمراض المدارية كل عام.
وكشفت منظمة الصحة العالمية أن أمراض المناطق المدارية المهملة (NTDs) معقدة وغالبا ما ترتبط بالظروف البيئية، ولأن العديد منها محمولة بالنواقل ولديها خزانات حيوانية وترتبط بدورات حياة معقدة يكون التحكم فيها صعبا.
وحذرت المنظمة من مخاطر هذه الأمراض، قائلة إنه إضافة إلى معدلات الوفيات التي تقدر بنحو 200000 حالة وفاة، و19 مليون سنة من سنوات العمر المعدلة بالإعاقة (DALYs) تُفقد سنويا، فإن NTDs تكلف المجتمعات النامية ما يعادل مليارات الدولارات الأمريكية سنويا.
وفسرت: "هذه المليارات تشمل التكاليف الصحية المباشرة، وفقدان الإنتاجية وانخفاض المستوى الاجتماعي والاقتصادي والتحصيل العلمي".
كما أن الأمراض المدارية مسؤولة عن عواقب أخرى، مثل الإعاقة والوصم والاستبعاد الاجتماعي والتمييز، ما يفرض ضغوطا مالية كبيرة على المرضى وأسرهم.
"العين الإخبارية" أجرت حوارا مع الدكتور أيمن الشبيني، مدير عام المعاهد البحثية بمدينة زويل وأستاذ علم الميكروبيولوجي في مصر، تحدث خلاله عن ماهية الأمراض المدارية، وأنواعها، ومسبباتها، وطبيعة الوضع في مصر، وتفاصيل أخرى.. وإلى نص الحوار..
ما الأمراض المدارية المهملة؟
هي مجموعة من الأمراض التي تسببها بعض أنواع البكتيريا والفيروسات والكائنات الأولية والطفيليات وغيرها، ويصل عددها إلى 20 مرضا تقريبا، وتحدث في الدول النامية بشكل كبير.
لماذا سميت بالأمراض "المهملة"؟
سميت بـ"المهملة" لأنها تحدث في مناطق مهملة وفقيرة حول العالم خاصة في قارتي آسيا وأفريقيا، ويكون الاهتمام بالأمراض الأخرى الأكثر أولوية أكبر، لذا سنجد أن معدلات الإصابة بهذه الأمراض في الدول المتقدمة قليلة مقارنة بالدول النامية.
ما الأمراض المدارية التي تسببها البكتيريا والفطريات فقط؟
الأمراض المدارية يسببها العديد من الميكروبات، من ضمنها أنواع تسببها البكتيريا كالجذام والداء العليقي، وأخرى تسببها الفيروسات مثل داء الكلب وحمى الضنك، وثالثة تسببها الطفيليات والديدان مثل داء الفيل والتنيه والبلهارسيا وغير ذلك.
هل لا تزال مصر تعاني من الأمراض المدارية؟
الأمراض المدارية موجودة في دول كثيرة جدا من ضمنها مصر، لكن نسبتها ليست كبيرة وليست بحالة مقلقة، من أمثلتها داء الفيل وأحيانا داء البلهارسيا الذي اختفى بشكل كبير جدا من الدولة.
ومصر مقارنة بباقي الدول الأفريقية لديها برنامج رعاية صحية جيد، لكن هذا لا يمنع حدوث بعض الحالات المحدودة التي يتم متابعتها بشكل كبير جدا عبر وزارة الصحة التي تضعها "تحت التحكم".
هل نجحت مصر في القضاء على أنواع من الأمراض؟
بالتأكيد، من ضمن الأمراض المدارية التي نجحت مصر في القضاء عليها بشكل كبير جدا مرض الملاريا، وإن وجدت في البلاد تكون حالات محدودة جدا، إضافة إلى البلهارسيا التي دشنت مصر برنامجا قويا جدا لمكافحتها والقضاء عليها في المياه الراكدة والترع، فضلا عن شن حملات كثيرة جدا في المدارس ومؤسسات وأماكن أخرى للتوعية بالمرض والتحصين ضده أدت إلى انخفاض نسبة المرضى بشكل كبير.
وماذا عن طرق العدوى بالأمراض المدارية الموجودة في مصر؟
طرق العدوى ترجع بشكل أساسي إلى الحالة الصحية وعدم وجود الوعي الصحي والنظافة الشخصية بشكل كبير، فضلا عن التعرض لأماكن موبوءة بمسببات هذه الأمراض.
وفي مصر كانت الترع والمياه الراكدة التي تضم اليرقات المسببة للبلهارسيا أحد أهم طرق العدوى، لكن تبنت الدولة المصرية برنامج مكافحة منظما.
أما بالنسبة للملاريا فهي تحدث بشكل كبير جدا في بعض الدول الأفريقية، ما دفع مصر لوضع اشتراطات على المسافرين من تلك الدول إلى القاهرة، فضلا عن وجود نظم رصد مهمة لدى الحكومة للكشف عن أي حالات ملاريا، وإن ظهرت يتم علاجها بشكل سريع وقوي.
كيف نقي أنفسنا من الأمراض المدارية؟
هناك اشتراطات أساسية ومهمة تساعد في الحد من انتشار الأمراض المدارية والوقاية منها، أهمها:
- الاهتمام بالنظافة الشخصية.
- عدم التعرض لمصادر العدوى، مثل المياه الراكدة أو البعوض المسبب لبعض الأمراض المدارية.
- هناك تطعيمات تقي من بعض الأمراض المدارية مثل داء الكلب، وهناك بعض الدول التي يجب عند السفر إليها الأخذ في الاعتبار التطعيم ضد المرض المداري الموجود فيها للوقاية من العدوى.
على مستوى العالم، لماذا لا تزال هناك أمراض مدارية ولم تنجح الدول في القضاء عليها؟
وجود بعض الأمراض المدارية في العديد من الدول حتى الآن يعود إلى فقر تلك الدول في تنمية برامج صحية لتوعية المواطنين، فضلا عن ضعف البنية الأساسية والصحية التي تمكن تلك الدول من إنشاء برامج مكافحة وتحصينات وتطعيمات خاصة ببعض الأمراض الوبائية، مع العلم أن تلك البرامج تستلزم وقتا كبيرا جدا لتؤتي ثمارها.
إضافة إلى وجود أمراض أخرى أكثر حدة وشدة وخطورة في تلك الدول، مثل الإيدز على سبيل المثال، ما يستلزم تنمية وتكثيف الجهود لعلاج مثل تلك الأمراض بشكل كبير جدا.
لذا، فإن الفقر هو العامل الأساسي لوجود أنواع من الأمراض المدارية في بعض الدول الفقيرة، سواء كانت في قارة أفريقيا أم آسيا، ما يشكل خطورة كبيرة على سكانها.