اليوم الـ167 لحرب غزة.. مفاوضات الهدنة «تحت القصف» وأمريكا تطرق الأبواب
في اليوم الـ167 للحرب في غزة، تعثرت أقدام "الباحثين عن الهدنة" وتعقد الوضع الميداني، رغم تحرك أمريكا بشكل مكثف في أكثر من اتجاه.
البداية من تطورات الميدان، حيث أفادت تقارير صحفية، بأن قوات الجيش الإسرائيلي فجرت صباح اليوم الخميس، أحد المباني داخل مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة.
ونشرت حسابات فلسطينية على منصة "إكس"، صورة قالت إنها للمبنى التخصصي الذي تم تفجيره.
وكان الجيش الإسرائيلي، أبلغ في وقت سابق، النازحين داخل مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة عبر مكبرات الصوت، بضرورة إخلاء المجمع فورا وإلا سيتم قصفه، واعتقل المئات داخل المجمع وفي محيطه.
بالتزامن مع ذلك، نفذ الجيش الإسرائيلي في وقت مبكر اليوم، قصفا مدفعيا عنيفا على منازل في شارع الرشيد ومحيطه في حي الميناء غربي مدينة غزة.
كما شنت مقاتلات الجيش الإسرائيلي، غارة جديدة على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، بعد أن أوقعت غارات سابقة على نفس الموقع عدد من القتلى والجرحى.
تأتي هذه التطورات وسط تلويح إسرائيل بشن عملية عسكرية في رفح المكتظة بأكثر من مليون نازح، وسط قلق دولي كبير، وهو ما كان محور مباحثات بين وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، ونظيره الإسرائيلي يواف غالانت، ليل الأربعاء-الخميس.
ووفق بيان لوزارة الدفاع الأمريكية، فإن أوستن أثار مع غالانت الحاجة إلى النظر في بدائل لعملية برية كبيرة في رفح.
جهود متعثرة
كما بحث وزير الدفاع الأمريكي مع نظيره الإسرائيلي مفاوضات إطلاق سراح "الرهائن" ووقف مؤقت لإطلاق النار، وسط جهود تبدو متعثرة بعض الشيء في الوقت الحالي، لوضع نهاية للقتال.
إذ أعلنت حركة حماس أمس الأربعاء، أنها تلقت ردّا إسرائيليا "سلبيا" على مقترحها بهدنة لستة أسابيع، بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى المنطقة لدفع مسار التفاوض.
وفشلت أطراف الوساطة في التوصل الى وقف لإطلاق النار قبل بدء شهر رمضان. لكن جولة مباحثات جديدة بدأت الأسبوع الماضي بناء على مقترح من حركة حماس يقوم في مرحلة أولى على هدنة لستة أسابيع مقابل الإفراج عن رهائن محتجزين لديها، وإطلاق سراح معتقلين فلسطينيين في إسرائيل.
واتهمت حركة حماس، على لسان رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، إسرائيل بالعمل على "تخريب" المفاوضات من خلال عمليتها المستمرة منذ فجر الإثنين الماضي في مجمع الشفاء الطبي ومحيطه في مدينة غزة بشمال القطاع.
وأكد الجيش الإسرائيلي أنه أطلق العملية قبل ثلاثة أيام إثر ورود معلومات عن وجود عدد من قادة حركتي حماس والجهاد الإسلامي في المجمع الطبي، وهو الأكبر في القطاع.
مشروع أممي
إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الأمريكي، أن الولايات المتحدة قدمت مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي يدعو إلى "وقف فوري لإطلاق النار مرتبط بالإفراج عن الرهائن" في قطاع غزة.
وقال بلينكن خلال زيارة إلى السعودية لبحث جهود التهدئة في الحرب بين إسرائيل وحماس، "قدمنا بالفعل مشروع قرار وهو معروض الآن أمام مجلس الأمن ويدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار مرتبط بالإفراج عن الرهائن، ونأمل بشدة أن يلقى دعما من الدول".
وأعرب عن اعتقاده بأن هذا المشروع "سيبعث برسالة قوية، بمؤشر قوي".
وسبق للولايات المتحدة، الداعم الأبرز لإسرائيل سياسيا وعسكريا في هذه الحرب، أن استخدمت حق النقض ("الفيتو") في مجلس الأمن لمنع صدور قرار بوقف إطلاق النار في القطاع.
وأوضح بلينكن "بالطبع نقف الى جانب إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها... لكن في الوقت عينه، من الضروري أن نركز على المدنيين الذين يتعرضون للأذى ويعانون بشكل مروع، ونجعل منهم أولوية لنا"، مؤكدا ضرورة "حماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية لهم".
لقاء القاهرة
والتقى بلينكن في السعودية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ووزير الخارجية فيصل بن فرحان، ويتوجه الخميس الى مصر في المحطة الثانية من جولته السادسة في المنطقة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وفي مصر، أظهرت مذكرة لوزارة الخارجية المصرية أن بلينكن سيجتمع مع ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي، ووزراء خارجية مصر والسعودية وقطر والأردن، وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
ولم تتضمن المذكرة تفاصيل حول موضوع الاجتماع، لكن مصادر أمنية مصرية قالت إن الدول العربية ستقدم خططا لحل سياسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
التحركات الأمريكية في مجلس الأمن والمنطقة تزامنت مع حث ما يقرب من 70 مسؤولا ودبلوماسيا وعسكريا أمريكيا سابقا الرئيس جو بايدن، على تحذير إسرائيل من عواقب وخيمة إذا حرمت الفلسطينيين من الحقوق المدنية والاحتياجات الأساسية ووسعت النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة.
ضمانات ولكن
فيما قال مسؤول أمريكي أمس الأربعاء، إن إسرائيل قدمت ضمانات مكتوبة بناء على طلب من وزارة الخارجية الأمريكية تنص على أن استخدامها للأسلحة التي زودتها بها الولايات المتحدة لا ينتهك القوانين الإنسانية في غزة.
وكان أمام إسرائيل مهلة حتى يوم الأحد لتقديم الضمانات المكتوبة. وستقوم وزارة الخارجية بحلول أوائل شهر مايو/أيار بتقييم ما إذا كانت الضمانات الإسرائيلية ذات مصداقية وسترفع تقريرا إلى الكونجرس الأمريكي.
بدوره، قال أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال لأعضاء جمهوريين بالمجلس، في كلمة عبر الفيديو، أمس الأربعاء إن إسرائيل ستواصل مسعاها لإلحاق الهزيمة بحركة حماس في قطاع غزة.
وقال السناتور جيم ريش بعد حديث نتنياهو عن استمرار الحرب، "سيفعل ما قال إنه سيفعله. سينهي ما يفعله".
الجوع "جريمة حرب"
لا تكفّ هيئات الإغاثة والأمم المتحدة عن التحذير من خطر المجاعة في القطاع حيث يقيم نحو 2,4 مليون نسمة.
وحذّر تقرير أعدته وكالات متخصصة في الأمم المتحدة من أنه من دون زيادة المساعدات وتنظيم توزيعها، ستضرب المجاعة 300 ألف شخص في شمال غزة خلال أسابيع.
وقالت الأمم المتحدة الثلاثاء الماضي إن القيود الصارمة جدا التي تفرضها إسرائيل على دخول المساعدات إلى القطاع واحتمال استخدامها التجويع كسلاح، "يمكن أن تشكل جريمة حرب".
وتتحكم إسرائيل بدخول الأشخاص والمساعدات إلى القطاع الذي أحكمت حصارا تفرضه عليه منذ 2007 مع سيطرة حماس على السلطة فيه.
وتشكل قضية المساعدات الإنسانية ملفا أساسيا بعد خمسة أشهر على بدء الحرب. وتتحكم إسرائيل بدخول المساعدات، وهي تؤكد أنها تتيح دخول كميات كافية.
وفي ظل صعوبة إدخال المساعدات برّا، لجأت دول عدة إلى إلقائها من الجو، وتمّ تدشين ممر بحري من قبرص أبحرت عبره سفينة واحدة الأسبوع الماضي. لكن المنظمات الإنسانية تؤكد أن هذه الحلول لا تعوّض الممرات البرية.
واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول عقب هجوم شنّته حماس على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل ما لا يقلّ عن 1160 شخصا، معظمهم مدنيّون، حسب حصيلة أعدّتها وكالة "فرانس برس" تستند إلى أرقام رسميّة إسرائيليّة.
وردّت إسرائيل بحملة قصف مركّز أتبعتها بهجوم برّي واسع، ما أسفر عن مقتل 31923 شخصًا وإصابة 74096 بجروح، غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.