من «بن لادن» إلى «غصن» حتى «الأربعاء الأسود».. فصول درامية في تاريخ «رينو»

منذ دخولها إلى البورصة عام 1994، عرفت شركة رينو الفرنسية لصناعة السيارات فصولًا درامية في تاريخها المالي، لكن ما حدث في الأربعاء 16 يوليو/ تموز 2025 يُعد واحدًا من أسوأ الكوارث التي مرت بها الشركة.
هذا اليوم الذي وُصف بـ"الأربعاء الأسود" شكّل نقطة تحوّل مأساوية لمساهمي الشركة، وأعاد إلى الأذهان الأزمات السابقة التي زعزعت ثقة السوق في هذا العملاق الصناعي.
هل يُعدّ 16 يوليو 2025 أسوأ انهيار في تاريخ رينو؟
على مدار تاريخها الطويل في البورصة، والذي بدأ منذ عام 1994، شهدت شركة رينو فترات حالكة. لكن انهيار سهمها يوم الأربعاء يندرج ضمن المراتب الأولى في هذا التصنيف المؤسف، بحسب مجلة "ليزيكو" الفرنسية.
وقالت المجلة الفرنسية: "لقد كان أربعاءً أسود بالنسبة للمساهمين في شركة الماسة" (في إشارة إلى شعار رينو الماسي)، موضحة أن سهم رينو شهد إحدى أسوأ جلساته على الإطلاق، حيث سجّل انخفاضًا تاريخيًا بنسبة 18.47%، وهو تراجع يُضاهي أحلك اللحظات في البورصة التي عرفها مصنع السيارات الفرنسي.
صدمة الأربعاء الأسود
في 16 يوليو/ تموز 2025، تهاوت أسهم رينو بشكل مفاجئ في بورصة باريس، حيث فقدت ما يقرب من 28% من قيمتها السوقية في يوم واحد، ما أثار الذعر في أوساط المستثمرين والمراقبين الماليين. لم يكن هناك إعلان رسمي مسبق أو تسريب واضح يبرر هذه الخسارة الهائلة، مما ضاعف من حالة الغموض والقلق.
وبينما حاولت الشركة لاحقًا التقليل من وقع الحادثة وربطها بـ"عوامل ظرفية ومضاربات عدائية"، كانت الثقة قد تزعزعت بالفعل، لتبدأ موجة بيع عشوائي وانهيار شبه كامل في أداء السهم.
تاريخ طويل من الانهيارات
لكن هذا ليس أول سقوط درامي تشهده رينو. على مدار العقود الثلاثة الماضية، واجهت الشركة أزمات شديدة التأثير، منها:
هجمات 11 سبتمبر وبن لادن (2001)
تسببت الهجمات الإرهابية في شلل جزئي للأسواق العالمية، وعلى غرار معظم الشركات الكبرى، تأثرت رينو بشدة، حيث فقدت في الأيام التالية للهجمات أكثر من 15% من قيمتها، وسط أجواء من الذعر العالمي والركود المتوقع في سوق السيارات.
أزمة كوفيد-19 (2020)
خلال الجائحة، اضطرت رينو إلى إغلاق مصانعها في أوروبا وتكبدت خسائر تشغيلية ضخمة. في الربع الثاني من عام 2020 وحده، انخفضت إيراداتها بنسبة 35%، وتم الإعلان عن خطة تسريح شملت الآلاف من الموظفين، مما أدى إلى هبوط حاد في قيمة السهم.
فضيحة كارلوس غصن (2018–2019)
القبض على الرئيس التنفيذي السابق كارلوس غصن في اليابان واتهامه بالفساد المالي والتهرب الضريبي تسبب في هزة عنيفة داخل الشركة، إذ تراجعت الثقة في قيادتها، وسادت حالة من الفوضى الإدارية، مما انعكس بشكل مباشر على أداء السهم في البورصة.
هل يمثل 2025 نهاية عصر؟
في ظل صعود المنافسين الصينيين، وتزايد الاعتماد على السيارات الكهربائية والذكاء الاصطناعي، تبدو رينو وكأنها تسير بخطى متعثرة في سباق شديد التسارع. فشل الشركة في تقديم منتجات مبتكرة ومقنعة خلال النصف الأول من عام 2025، إضافة إلى تخبطات إدارية وعدم وضوح في استراتيجياتها البيئية، كلها عوامل ساهمت في تعميق الشكوك.
وأشارت "ليزيكو" إلى أنه وفقًا للخبراء، فإن رينو بحاجة إلى إعادة هيكلة شاملة، ليس فقط على مستوى القيادة، بل أيضًا في الرؤية والاستثمار والتوجه العام نحو التكنولوجيا النظيفة والمستقبلية.
التاريخ يعيد نفسه؟
رينو لطالما كانت رمزًا للصناعة الفرنسية، لكن الكوارث المتكررة التي مرت بها، بدءًا من بن لادن، مرورًا بـكوفيد، ثم غصن، وصولًا إلى كابوس يوليو/ تموز 2025، جعلت من اسمها مرتبطًا أكثر بالأزمات منه بالابتكار.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTkg جزيرة ام اند امز