عام على الاتفاقات الإبراهيمية.. شركاء السلام يؤسسون للمستقبل
آثر شركاء السلام في الاتفاقيات الإبراهيمية الاحتفال بشكل مختلف بذكرى مرور عام على توقيع تلك الاتفاقيات.
شركاء السلام (الإمارات والمغرب والبحرين وأمريكا وإسرائيل)، آثروا تجاوز الأجواء الاحتفائية، إلى استثمار ثمار السلام الذي تحقق، والتأسيس عليه لوضع خارطة طريق من أجل النهوض بمستقبل المنطقة.
وضح ذلك جليا خلال الاجتماع الذي عقد عبر تقنية الفيديو، اليوم الجمعة، بين ممثلي الإمارات والبحرين والمغرب والولايات المتحدة وإسرائيل للاحتفال بمناسبة مرور عام على توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية.
وشارك في الاجتماع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بالاتفاق، والمستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات د.أنور قرقاش، ووزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، ووزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، فيما شارك وزير الخارجية البحريني عبداللطيف الزياني، عبر مقطع مسجل.
3 محاور
خارطة الطريق التي تم وضع ملامحها في الاجتماع ترتكز على 3 محاور رئيسية، ثمرة إجماع بين الأطراف المشاركة على ارتباطهما ببعضهم بعضا.
المحور الأول يتعلق بأهمية تلك الاتفاقيات في التوصل لحل للقضية الفلسطينية، فيما يتعلق المحور الثاني بالنتائج السياسية والتنموية والاقتصادية والعلمية للعلاقات الثنائية بين الدول الأطراف في تلك الاتفاقيات، بيما يسهم في تحقيق الازهار والتنمية لشعوب تلك الدول، ويدعم أمن واستقرار المنطقة في الوقت فيه.
أما المحور الثالث فيتعلق بدور الاتفاقيات في تشجيع دول أخرى بالمنطقة على اللحاق بقطار السلام، وتوسعة تلك الاتفاقيات لتشمل دولا أكثر في المنطقة بما يسهم في التأسيس لمستقبل أكثر إشراقاً لمجتمعات الشرق الأوسط.
فيما يتعلق بهذا المحور، الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الراعية والداعمة لعقد تلك الاتفاقيات التي عقدت بين إسرائيل من جانب و3 دول عربية تباعا هي الإمارات والبحرين والمغرب من جانب آخر، رأت أنه يمكن التأسيس على نجاح تلك الاتفاقيات لضم المزيد من الدول لمعاهدات السلام مع إسرائيل.
وفي هذا الصدد، وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن الولايات المتحدة ستساعد في تعزيز علاقاتِ إسرائيل المتنامية مع الدول العربية.
وأضاف بلينكن، أن واشنطن ستعمل على تعزيز علاقات إسرائيل مع البحرين والمغرب والإمارات، بالإضافة إلى السودان وكوسوفو في الوقت الذي ستشجع فيه دولا أخرى على إبرام اتفاقات سلام.
وتابع "أن مسار السلام في الشرق الأوسط يشهد تقدما ملحوظا، ونسعى لمزيد من التقدم والتعاون".
القضية الفلسطينية.. اتفاق تام
أما الإمارات، الدولة التي أسهمت خطوتها الشجاعة بشأن توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل 15 سبتمبر/أيلول الماضي، في انضمام 3 دول عربية أخرى لركب السلام، فأعادت التأكيد خلال الاجتماع على رؤيتها بإمكانية استثمار تلك الاتفاقيات لحلول مستدامة للقضية الفلسطينية وصولا إلى إقامة دولة فلسطينية.
وظلت القضية الفلسطينية -ولا تزال- تحتل مكانة خاصة في قلب ووجدان قيادة وشعب الإمارات، باعتبارها قضية العرب والمسلمين العادلة التي تعبّر عن قيم الحق والعدل والخير.
وفي هذا الصدد أكد الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، أن الاتفاقيات الإبراهيمية تسمح بدفع عملية السلام باتجاه حل الدولتين.
بدوره، قال وزير الخارجية الأمريكي :"نحن نبني على هذه العلاقات لتحسين حياة الفلسطينيين، والتقدم نحو دفع السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
ومضى قائلا: "يستحق الإسرائيليون والفلسطينيون تدابير متساوية من الحرية والأمن والفرص والكرامة".
في السياق نفسه، أشار وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في الاجتماع شدد على "أهمية إعادة إطلاق عملية السلام"، مضيفا "يعتقد المغرب أنه لا بديل لحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود "يونيو/حزيران 1967، والحفاظ على وضع القدس كتراث للبشرية ورمز التعايش السلمي بين اتباع الأديان الثلاثة".
وأشار بوريطة إلى أن "هناك حاجة لنظام إقليمي جديد تكون إسرائيل شريك فيه"، متابعا "لا يجب النظر إلى هذا النظام الإقليمي على أنه معادي لأحد، وعلى العكس، فهو لفائدتنا جميعا ويوفر الفرص لتحقيق الاستقرار والتنمية للجميع".
بدوره، قال وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني: "علينا النظر في كيفية البناء على هذه الاتفاقيات التاريخية من أجل تقدم السلام والفرص والازدهار لمنطقة الشرق الأوسط بأكملها".
وأضاف: "علينا حل القضايا التي تؤثر على المنطقة وبشكل خاص أهمية حل عادل وشامل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي".
مجددا يثت الاجتماع صواب رؤية الإمارات ورسالتها التي عبرت عنها عمليا منذ توقيع اتفاقية السلام التاريخية وتحملت في سبيل إيمانها برؤيتها الكثير من حملات الإساءات والافتراءات، وهي أن نشر السلام ودعم القضية الفلسطينية مساران يتكاملان ولا يتقاطعان.
أمر أكدت عليه الإمارات مرارا وتكرارا، قولا وفعلا، قبل وبعد وخلال توقيع اتفاق السلام التاريخي مع إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول 2020.
ومنذ خطوتها التي وصفها مراقبون ومسؤولون بالشجاعة والجريئة بشأن توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل، ما فتئت دولة الإمارات تؤكد أن المعاهدة لن تكون على حساب القضية الفلسطينية، وإنما تدعمها لتحقيق أمنيات الشعب الفلسطيني والعالم العربي والإسلامي في إقامة دولة فلسطينية انطلاقا من رؤيتها حول إمكانية نجاح لغة الحوار في تحقيق ما لم تحققه عقود الجفاء والمقاطعة.
رؤية تنوية شاملة
وإلى جانب حل القضية الفلسطينية، فإن معاهدات السلام تصب منافعها لصالح المنطقة والبشرية، ليس من خلال جانبها السياسي فقط، ولكن من خلال تعزيزها التعاون العلمي والاقتصادي والتنموي بين دول المنطقة.
تلك الرسالة الهامة الأخرى التي حملها اجتماع اليوم، انطلاقا من أن التعاون بين دول مثل الإمارات وإسرائيل أكبر القوى الاقتصادية في الشرق الأوسط، من شأنه أن يؤدي إلى النهوض بالمنطقة من خلال تحفيز النمو الاقتصادي، وتعزيز الابتكار التكنولوجي، وتوثيق العلاقات بين الشعوب.
وتكمن أهداف الاتفاقات الإبراهيمية للسلام في أن العمل الدبلوماسي والتواصل المشترك سيعززان من الاستقرار والازدهار والتعاون على مستوى المنطقة.
في هذا الإطار، أكد الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، أن اتفاقيات السلام مع إسرائيل خلقت فرصا كبيرة في التعاون الاقتصادي والاستشارات السياسية، والدول يمكنها أن تجني الكثير من الثمار بفعل سلك سبل التعاون.
بدوره وزير الخارجية الأمريكي إلى أن عشرات الآلاف من الإسرائيليين زاروا الإمارات العربية المتحدة في الأشهر الأولى من التوقيع على الاتفاقيات الإبراهيمية.
وقال: "نرى فرص اقتصادية جديدة وابتكارات وتعاون، فالإمارات تستثمر في قطاعات استراتيجية في إسرائيل بما فيها الطاقة والصحة والتكنولوجيا، وتعمل شركات خاصة من البلدين في مشاريع".
وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أشار في الاجتماع أيضا إلى أن إقامة العلاقات مع إسرائيل "هو بحق أحداث تاريخية تخلق أملا جديدا وتفتح الطريق نحو فرص غير مسبوقة".
ولفت الوزير المغربي إلى أن العديد من الأنشطة التي تمت بالفعل بين البلدين، بما فيها زيارات وزارية واتفاقيات ثنائية وافتتاح مكاتب ارتباط واتصالات بين رجال أعمال من البلدين وتسيير الرحلات المباشرة.
بوريطة قال أيضا: "نتوقع أن يقوم مليون سائح إسرائيلي بزيارة المغرب".
من جهته، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد خلال الاجتماع أنه سيزور البحرين نهاية الشهر الجاري كأول وزير خارجية إسرائيلي يقوم بهذه الزيارة.
وقال: "اتفاقيات إبراهيم مفتوحة أمام انضمام المزيد من الدول وأحد أهدافنا هو انضمام المزيد من الدول إلينا من أجل منطقة جديدة من التعاون والصداقة".
وأضاف: "في نهاية الشهر الجاري، سأزور البحرين للمرة الأولى كوزير إسرائيلي".
وتابع لابيد "منذ التوقيع على اتفاقيات إبراهيم، تم تعيين سفراء وتم افتتاح سفارات وأطلقنا رحلات جوية مباشرة وهناك زيارات متبادلة، ووقعنا عشرات الاتفاقيات"، مضيفا "هناك المزيد من الاتفاقيات التي سيتم توقيعها وهناك 650 مليون دولار من التجارة المباشرة وعشرات الملايين الأخرى في اتفاقيات أخرى".
وأضاف "هناك تعاون أكاديمي مع الإمارات والبحرين والمغرب وسنعمل في السنوات القادمة على مشاريع استراتيجية في مجالات البنية التحتية وبخاصة المياه والطاقة والأمن والغذاء والربط وكل هذا سيتم على المستوى الإقليمي".
وأعلن لابيد عن اتصالات ما بين الأطراف حول مشاريع كبيرة في المنطقة، وقال: "قبل أيام أطلقت مشروعي "الاقتصاد مقابل الأمن" في غزة وذلك في محاولة لإحداث الاستقرار بالجانب الفلسطيني وأنا أدعوكم جميعا للانضمام إلى هذه المبادرة التي ستساعد في تحسين الاقتصاد الفلسطيني والمساعدة في استقرار المنطقة بأكملها".
بدوره، قال وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني "نحن نرى ثمار تعاوننا من خلال الاتفاقيات والمشاريع المشتركة بين الدول.. وفي البحرين نحن تقدمنا بسرعة في بناء علاقاتنا مع إسرائيل".
وأضاف الوزير البحريني "إنني سعيد لأن أول سفير لنا في تل أبيب قدم هذا الأسبوع أوراق اعتماده إلى الرئيس إسحاق هرتسوغ، وهي خطوة أولى في ما أن متأكد من أنه سيكون علاقات كاملة".
وقال: "بالنظر إلى المستقبل، علينا أن نتأكد من أن العام الماضي لم يكن سوى بداية هذه العملية واغتنام هذه الفرصة للتعاون ما بين الدول".
محطات تاريخية
وفي 15 سبتمبر/أيلول 2020، استيقظ العالم على حديقة غنّاء في البيت الأبيض أينعت بتوقيع اتفاق سلام شكّل لحظة تاريخية فارقة.
سلام إماراتي إسرائيلي أُعلن عنه في الثالث عشر من أغسطس/آب 2020، قبل التوقيع عليه بالبيت الأبيض في 15 سبتمبر/أيلول من العام نفسه، وسط حضور دولي لافت.
ومنذ توقيع الاتفاق الإبراهيمي مرّ قطار السلام بمحطات مهمة، وحقق إنجازات قياسية في فترة قصيرة.
محطات وإنجازات تتوج جهودا متسارعة لتطبيق معاهدة السلام التاريخية على أرض الواقع، وتعكس رغبة صادقة في أن يسهم التعاون بين الجانبين في النهوض بالمنطقة وتوثيق العلاقات بين الشعوب.
وبقرارها الشجاع والتاريخي نجحت الإمارات في وقف ضم إسرائيل لأراض فلسطينية، بما يعني إنقاذ 30% من الأراضي الفلسطينية وأكثر من 100 ألف فلسطيني كانوا معرضين للطرد، وإنهاء 6 سنوات من الجمود، وإبقاء الأمل في إقامة دولة فلسطينية.
أيضا فتحت الإمارات الباب أمام العرب لتوسيع آفاق الاستقرار، حيث انضمت البحرين والسودان والمغرب لقطار السلام، مؤكدين صواب الرؤية الإماراتية في إمكانية نجاح لغة الحوار لتحقيق ما لم تحققه عقود الجفاء والمقاطعة.
وعلى مدار العام تم توقيع عشرات الاتفاقيات بين الإمارات وإسرائيل، التي ساهمت في تحفيز النمو الاقتصادي، وتعزيز الابتكار التكنولوجي، وتوثيق العلاقات بين الشعوب، وتحقيق الازدهار لشعوب المنطقة.
ويحل ذكرى مرور عام على اتفاق السلام، بعد نحو شهرين من افتتاح سفارة إماراتية في إسرائيل، وذلك بعد نحو أسبوعين من افتتاح سفارة إسرائيلية في أبوظبي، في خطوات متسارعة ومتلاحقة لتعزيز جهود السلام.
وافتتحت دولة الإمارات العربية المتحدة، في 14 يوليو/تموز الماضي، سفارتها بإسرائيل، رسميا، في حدث تاريخي أثمره اتفاق السلام الموقع بين البلدين، وذلك بحضور الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ.
وفي 29 من يونيو/حزيران الماضي، افتتحت إسرائيل سفارتها في أبوظبي، وقنصليتها في دبي، وذلك خلال زيارة قام بها وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد للإمارات، في أول زيارة رسمية يقوم بها وزير إسرائيلي للإمارات منذ توقيع البلدين معاهدة السلام.
تحل الذكرى أيضا بعد شهر من افتتاح إسرائيل رسميا مكتب اتصال في العاصمة المغربية الرباط 12 أغسطس/آب الماضي، وبعد نحو أسبوعين من وصول السفير البحريني لدى إسرائيل خالد الجلاهمة إلى تل أبيب نهاية أغسطس/آب الماضي لتسلم مهامه رسميا.
إنجازات متلاحقة تؤكد ما سبق أن أكدت عليه الإمارات خلال توقيع الاتفاقية بأن "ثمارها ستنعكس على المنطقة بأسرها".
aXA6IDE4LjExOS4xMzMuMjA2IA== جزيرة ام اند امز