100 عام على الشيوعية الصينية.. الوجه المشرق لمعجزة اقتصادية
"بدون الحزب الشيوعي الصيني لما وجدت الصين الجديدة، ولما حققنا هذا النجاح الكبير"، يقول وانغ يي وزير الخارجية الصيني ملخصا دور الحزب.
ويضيف: "لفهم الصين يجب أولا فهم الحزب الشيوعي الصيني، ولدراسة التاريخ الصيني يجب أولاً دراسة تاريخ الحزب الشيوعي الذي هو حزب سياسي يسعى من أجل قضية التقدم البشري".
- أكبر أسواق الهواتف الذكية في العالم.. الصين على العرش
- الرئيس الصيني: سنحمي أمننا بقدرات أكبر لقواتنا المسلحة
ومع احتفاء الصين في 2021 بمرور 100 عام على تأسيس الحزب الشيوعي الصيني، يتضح بشدة دور الحزب الذي حول الصين من بلد فقير إلى عملاق اقتصادي هائل.
أصبحت الصين حاليا مثالا على المعجزات السياسية والمعرفية والعلمية والتكنولوجية، والأهم المعجزة الاقتصادية.
المعجزة الاقتصادية
في نهاية السبعينيات كانت الصين مثقلة بالديون وبإجمالي إنتاج محلي متواضع، وكانت منتجاتها بالكاد تجد أسواقا، لكن الوضع انقلب رأسا على عقب.
بعد 4 عقودٍ على إطلاق القائد الصيني دينغ سياو بينغ سياسة "الإصلاح والانفتاح"، تحوّلت الصين إلى قوّة اقتصادية هائلة، لا تسبقها سوى الولايات المتحدة.
بيد أن خبراء يقولون إن الأرقام تؤكد تحرك الصين نحو مركز الاقتصاد العالمي الذي طالما هيمنت عليه الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم.
ومن المتوقع أن تقفز الصين، إلى المركز الأول بحلول عام 2028، وفقا لمركز أبحاث الاقتصاد والأعمال "سي إي بي آر" ومقره بريطانيا.
وتضاعف الاقتصاد الصيني 42 مرة بين عامي 1980و2017، لتزيد قيمته من 305 مليارات دولار إلى 12,7 تريليون دولار، وفقا لفرانس برس.
وبحسب قائمة "هورون ريتش 2020" زاد عدد المليارديرات في الصين إلى 878 مليارديرا، لتصبح بذلك البلد صاحبة أكبر عدد من أصحاب المليارات في العالم.
وتحتلّ الصين المرتبة الأولى كأكبر مصدّر في العالم. وصدّرت الصين ما يساوي 2.7 تريليون دولار من البضائع والخدمات في عام 2020، وفي عام 1980 كانت قيمة الصادرات الصينية 21 مليار دولار فقط.
وتقول كلية لندن للاقتصاد، إنه في عام 1978 بلغت قيمة صادرات الصين 10 مليارات دولار فقط، أي أقل من 1% من حجم التجارة العالمية.
ولكن في عام 1985، بلغت قيمتها 25 مليار دولار، وبعد عقدين فقط ارتفعت قيمة الصادرات الصينية إلى 4,3 تريليون دولار مما جعل الصين أكبر دولة مصدرة للسلع في العالم.
وبلغ متوسط معدل نمو الاقتصاد الصيني 10.2% بين عامي 1980 و2016.
وأظهرت أرقام الأمم المتحدة الصادرة في يناير/ كانون الثاني 2021، أن الصين تفوقت على الولايات المتحدة كوجهة عالمية أولى للاستثمار الأجنبي المباشر.
ووفق أرقام الأمم المتحدة فإن الاستثمار المباشر في الشركات الصينية سجل نموا بنسبة 4% ما يجعلها الأولى على مستوى العالم.
ويظهر الترتيب الأعلى للصين تزايد تأثيرها على المشهد الاقتصادي العالمي.
وأفاد تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" أن الصين تمتلك 163 مليار دولار من تدفقات واردة العام الماضي، مقارنة بـ 134 مليار دولار نصيب الولايات المتحدة.
وكانت الاستمارات الخارجية منعدمة تقريباً عام 1980.
أكبر اقتصاد في العالم
ووفق مركز الاقتصاد وأبحاث الأعمال (سي إي بي آر) البريطاني فإن وباء كورونا وتداعياته الاقتصادية كانت لصالح الصين، مضيفا أن إدارة بكين الماهرة للأزمة ستجعلها الاقتصاد العالمي الرئيسي الذي سيتوسع العام المقبل.
وفي تقرير سنوي، قال المركز "لبعض الوقت، كان الموضوع الرئيسي في الاقتصاد العالمي هو الصراع الاقتصادي والقوة الناعمة بين الولايات المتحدة والصين".
خلطة الحزب الشيوعي لصنع المعجزة
ويقول كريس ليونغ، الخبير الاقتصادي في بنك سنغافورة للتنمية، "عندما تسلم الحزب الشيوعي مقاليد الحكم في الصين، كانت البلاد فقيرة جدا، ولم يكن لديها أي شركاء تجاريين ولا علاقات دبلوماسية واسعة. كانت الصين تعتمد كليا على الاكتفاء الذاتي".
ولكن، وفي السنوات الـ 40 الماضية، اعتمدت الصين سلسلة من الاصلاحات الاقتصادية كان من شأنها فتح الطرق التجارية والسماح بالاستثمارات، وهي خطوات أدت في نهاية المطاف إلى إخراج الملايين من دائرة الفقر.
وشهدت الصين بداية محاولاتها في خمسينيات القرن الماضي والتي تجسدت في "القفزة الكبرى إلى الأمام".
كانت القفزة الكبرى إلى الأمام محاولة من جانب الزعيم ماو تسي دونغ لتصنيع الاقتصاد الصيني الذي كان يعتمد على الزراعة.
وبعد وفاة ماو في عام 1976، بدأت الاصلاحات التي قادها الزعيم دنغ شياوبينغ في تغيير وجه الاقتصاد الصيني. فقد منح المزارعون الحق في استغلال أراضيهم الخاصة مما ساعد في تحسين مستويات معيشتهم والتقليل من ظاهرة شح المواد الغذائية.
كما فتحت الأبواب للاستثمارات الأجنبية بعد أن أعيدت العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة في عام 1979.
وتدفقت الأموال على الصين من قبل المستثمرين الذين كانوا يتوقون للاستفادة من العمالة الرخيصة والايجارات المنخفضة في الصين.
ويقول ديفيد مان، كبير الاقتصاديين الدوليين في بنك ستاندارد تشارترد، "من نهاية السبعينيات إلى الآن، رأينا أكبر المعجزات الاقتصادية في التاريخ".
وفي التسعينيات، بلغت نسبة نمو الاقتصاد الصيني مستويات قياسية. وانضمت البلاد إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001 مما منح اقتصادها دفعة إضافية. فقد انخفضت التعريفات الجمركية المفروضة على المنتجات الصينية في شتى البلدان، مما أدى إلى انتشار هذه السلع في كل مكان.
ويقول مان "أصبحت الصين ورشة العالم".