الحوثي وتصفية قيادات اليمن.. سجل الدم يفتح نزيف 14 عاما
سجل حافل بجرائم ضد الإنسانية كتبت فصوله بالدم مليشيات الحوثي المدعومة من إيران، خلال سنوات انقلابها على الشرعية في اليمن.
فصل جديد فتحته الجماعة الانقلابية بالهجوم الدامي الذي استهدف مطار عدن الدولي، أمس الأربعاء، لدى وصول الحكومة اليمنية الجديدة برئاسة معين عبدالملك.
هجومٌ دموي أوقع عشرات القتلى والجرحى، وفتح أعين العالم مجددا على خطر التسليح الإيراني للحوثي على سلام اليمن، وبقاء قدرات الصواريخ والطائرات بدون طيار في يدي مليشيات طائفية إرهابية لا تتورع عن استخدامه كسلاح لمجازر وحشية تستهدف المدنيين والمسؤولين في السلطة.
ونجت الحكومة اليمنية من الهجوم الإرهابي الذي استهدف مهبط المطار وصالة الاستقبال بـ3 صواريخ باليستية إيرانية، في مجزرة يجزم مراقبون ومسؤولون بأنها لن تكون آخر جرائم المليشيات الحوثية وآلة موتها التي تتحرك على أشلاء اليمنيين منذ تمردها في معقلها بصعدة عام 2004.
وعلى وقع موجة الإدانات العربية والدولية المتواصلة منذ وقت الهجوم، تستعرض "العين الإخبارية" فصول السجل الإرهابي لمليشيات الحوثي الانقلابية الحافل بهجمات واعتداءات طالت قيادات حكومية، في مسعى منها لعرقلة قطار السلام.
فمنذ عام 2008، بدأت أنظار العالم تتوجه نحو جرائم إرهابية تقف خلفها مليشيات الحوثي، كان أكثرها وحشية عندما استهدفت "مسجد بن سلمان" في صعدة بسيارة مفخخة انفجرت مع خروج المصلين من صلاة الجمعة، بينهم مسؤولون محليون وجنود، ليسقط أكثر من 60 قتيلا وجريحا .
وتناسلت جرائم مليشيات الحوثي متجاوزة جغرافيا محافظة صعدة إلى عمران ومن ثم العاصمة صنعاء ومنها عممت إرهابها ليصل إلى كل بقاع اليمن دون استثناء لأي فئة من شرائح المجتمع.
- اليوم الأسود.. القصة الكاملة لهجمات مطار عدن
- الحوثي والتنظيمات الإرهابية.. ثنائي الموت يضرب عدن مجددا
الإرهاب منذ الانقلاب
بعد 6 سنوات من الانقلاب الحاصل في سبتمبر/أيلول عام 2014، بات اليمنيون يتساءلون ماذا لو امتلك الحوثي طائرات حربية أو ترسانة كافية من الصواريخ الباليستية والتي تهربها إيران وتستخدمها لتهديد المصالح العالمية ولتوسيع دائرة الدم بين اليمنيين.
وسرعان ما جاءت الإجابة بعد أشهر وتحديدا في مطلع 2015، عندما هاجم الحوثيون القصر الرئاسي في صنعاء، وحاصروا الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وأعدموا عددا من الجنود والحراسة، قبل أن ينجو الرئيس في عملية استخباراتية متجاوزا الإقامة الجبرية المفروضة عليه والتي سبقت اجتياح عدن.
واستغلت المليشيات سيطرتها على الأجواء حينها وذلك قبل انطلاق عاصفة الحزم في نهاية مارس/آذار 2015، في ملاحقة هادي وقصف "قصر معاشيق" في عدن، في إرهاب جعله يطلق نداء طلب العون من أشقائه العرب ضد أداة الدم الإيرانية، وذلك وفقا لمنظومة الدفاع العربي المشترك.
وفي أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام تعرض مقر إقامة حكومة خالد بحاح لقصف بـ3 صواريخ أطلقتها مليشيات الحوثي، نتج عنها مقتل 15 من حراسة فندق القصر المقر المؤقت للحكومة حينذاك.
اغتيال السلام
ومن الواضح أن هجمات الحوثيين بين أعوام 2016-2018 تراجعت بشكل كبير بفعل العمليات العسكرية والانتصارات للجيش اليمني والقوات المشتركة المدعومة من التحالف العربي.
لكن منذ مطلع 2019، بدأت الهجمات بطائرات "الدرونز" والصواريخ تتصاعد في سلسلة عمليات إرهابية أثارت غضبا يمنيا ودوليا واسعا، وسط انتقادات لسعي المليشيات الدائم لخرق ما جرى الاتفاق عليه في ستوكهولم واتخاذه كغطاء لحرب اغتيالات طويلة وبسلاح بعيد المدى وأكثر دموية.
وتمثل ذلك عقب مقتل أكثر من 32 شخصا بينهم قيادات عسكرية وأمنية كبيرة يوم 10 يناير/كانون الثاني 2019، بقصف حوثي استهدف عرضا عسكريا في قاعدة "العند" بمحافظة لحج جنوب اليمن، بواسطة طائرات بدون طيار مفخخة.
وفي أبريل/نيسان من نفس العام، هاجمت مليشيات الحوثي بطائرات مسيرة مقر انعقاد مجلس النواب في سيئون بحضرموت، لكن تدخل منظومة الدفاع الجوي للتحالف أسهم في إنقاذ الموقف وإسقاط الطائرات الـ3.
ومطلع أغسطس/آب 2019، قصف الانقلابيون منصة حفل تخرج لقوات أمنية في معسكر الجلاء بصاروخ باليستي، أسفر عن مقتل أكثر من 40 شخصا بينهم العميد منير محمود أبو اليمامة.
وبعد 18 يوما فقط من الهجوم الإرهابي الحوثي على معسكر الجلاء في عدن، أطلقت المليشيات صاروخا باليستيا في 19 أغسطس/آب ، مستهدفة عرضا عسكريا آخر، في محافظة مأرب سقط فيه عدد من القتلى والجرحى.
وقبل أن يلفظ شهر ديسمبر/كانون الأول آخر أيامه، هاجم الحوثيون بصاروخ باليستي احتفالا لمدنيين وعسكريين في ملعب الصمود، بمحافظة الضالع، ليسقط 40 شخصا بين قتيل وجريح بينهم أطفال كانوا يلعبون قرب المكان.
2020 البداية كالنهاية
وافتتحت مليشيات الحوثي 2020، بارتكاب مجزرة مروعة بقصفها مسجدا لجنود مستجدين في مأرب بصاروخ باليستي، راح ضحيته 270 جنديا بينهم 120 قتيلا و150 جريحا.
وأواخر أيام أغسطس/آب الماضي، قصفت المليشيات أيضا مسجدا في محافظة مأرب بصاروخ باليستي، أسفر عن مقتل وإصابة 20 شخصا أثناء صلاة الفجر.
وقبل أن يطوي 2020 آخر أيامه مفسحا الطريق لدخول عام آخر، سعى الحوثيون لإطفاء آخر شمعة في ليالي اليمن الحالك عبر هجوم إرهابي ضرب مطار عدن الدولي لتصفية رئيس وأعضاء حكومة الكفاءات الجديدة، في مجزرة نجت منها الحكومة، لكنها أوقعت عشرات القتلى والجرحى بينهم مسؤولون محليون ورجال أمن وإعلاميون ومدنيون.
ولم تكتف الجماعة الانقلابية بذلك، بل سعت لملاحقة الحكومة إلى مقرها في "قصر معاشيق"، لكن دفاعات التحالف العربي تمكنت من تدمير واعتراض المسيرة الحوثية المفخخة.
ولم تعلن مليشيات الحوثي لأول مرة مسؤولية الجريمة الإرهابية الأخيرة، لكنها احتفت بالهجوم على وسائل إعلامها واعتبرته تتويجا لانتصارات مزعومة حققتها في 2020.
وفي تحد للمجتمع الدولي، أكدت جماعة الحوثي أن معركتها في 2021 "مستمرة" وأنها "لن تستسلم"، في إشارة مسبقة تشي بعام أعنف من ذي قبل للانقلابيين.
لكن على الطرف الآخر، هناك من يزرع الأمل في نفوس اليمنيين بعام خال من التطرف والإرهاب والحوثي، سواء التحالف العربي الذي وأد طموحات الهيمنة الإيرانية على اليمن وتحويله شوكة في خاصرة الخليج، أو الحكومة التي تزداد إصرارا وعزيمة رغم الصعاب.