عبداللطيف السيد.. اغتيال غادر يغيّب قاهر إرهاب القاعدة باليمن
خسارة فادحة تعرضت لها قوات الحزام الأمني باليمن باغتيال العميد عبداللطيف السيد قائد الحزام الأمني في أبين.
فالفقيد أتى من الصف الأمامي لمحاربة الإرهاب وصعد إلى سلم القيادة، صقلته السنوات وخبرته الميادين كخصم تاريخي لتنظيم القاعدة الإرهابي.
ويعد العميد عبداللطيف محمد حسين بافقيه السيد قاهر الإرهاب في جنوب اليمن، ويوصف بأنه الرجل الذي طالما أفلت من الموت بأعجوبة لمرات عدة، قبل أن يترجل عن صهوة جواده.
ففي 5 أغسطس/آب 2012 تسلل انتحاري من تنظيم القاعدة إلى مخيم عزاء أقامه عبدالله اللطيف السيد إثر مقتل نجل أخيه قبل أن يفجر الانتحاري نفسه، ما أدى إلى مقتل 45 شخصا وإصابة 34 آخرين بينهم القائد الأمني الذي أفلت من الموت.
وفي مارس/آذار 2022، قاد انتحاري سيارة مفخخة استهدفت اغتيال قائد الحزام الأمني في أبين العميد عبداللطيف السيد الخصم التاريخي للقاعدة، لكنه نجا بأعجوبة من الموت في هجوم خلف عديد القتلى والجرحى.
الحادثان كانا من بين أدمى هجمات تنظيم القاعدة التي حاولت اغتيال عبداللطيف السيد، والذي تعرض لسلسلة من عمليات الاغتيال قبل مقتله اليوم الخميس، بتفجير إرهابي نفذه تنظيم القاعدة عن بعد في مديرية مودية وسط أبين.
وأكدت مصادر أمنية رفيعة لـ"العين الإخبارية" مقتل العميد عبداللطيف السيد مع عدد من مرافقيه، بينهم قيادات، جراء تفجير خلال مرور مواكبهم في وادي الرفض في مديرية مودية والمصنف بأنه أحد أبرز معاقل تنظيم القاعدة الإرهابي.
وبحسب المصادر ذاتها فقد أسفر التفجير عن مقتل قيادات أمنية وقبلية كانت برفقة العميد السيد، وهم: الشيخ محمد كريد، وعبد الله علي أحمد لعمس، وعبدالله سعيد كريد، وحسين محمد دمبا صالح.
ومن بين القتلى كذلك، أركان حرب قوات الحزام الأمني في أبين صلاح اليوسفي اليافعي.
من هو عبداللطيف السيد؟
يعد القائد الأمني الشاب عبداللطيف السيد هو الأب الروحي للجان الشعبية في محافظة أبين، خاصة في مدينتي زنجبار وجعار اللتين سطر فيهما أروع التضحيات من أسرته وأقاربه.
فالسيد، وهو ابن أبين، يعد مؤسس اللجان الشعبية من قبائل أبين لمحاربة تنظيم القاعدة بدعم من قائد المنطقة العسكرية الجنوبية اللواء الركن سالم قطن، إذ قدم في معركة واحدة عام 2011 أكثر من 49 قتيلا في مواجهات دارت رحاها شرقي زنجبار، فيما سقط العشرات في معركة أخرى لمنع التنظيم الإرهابي من اجتياح "مدينة لودر" في العام نفسه، وسجل أبناء المنطقة الوسطى ملحمة فريدة ما زالت تروى حتى اليوم.
وكان العميد السيد في ذلك الوقت على رأس "اللجان الشعبية" التي شاركت في تحرير محافظة أبين 2012 من القاعدة، قبل أن يعيد التنظيم الإرهابي ترتيب صفوفه في محافظة البيضاء وشن سلسلة من العمليات الإرهابية لاغتيال كبار القادة العسكريين والأمنيين من أبناء أبين وشبوة والجنوب كافة.
وعاد التنظيم الإرهابي مجددا إلى أبين، سيما بعد اغتياله اللواء سالم قطن في ذات العام، لكنه اصطدم مجددا بـ"باللجان الشعبية"، التي قادها على الأرض العميد عبداللطيف السيد وأطرها لاحقا ضمن القوات الجنوبية.
ونجحت هذه القوة النوعية ضمن قوات الحزام الأمني وبدعم سخي من قوات التحالف العربي من تطهير محافظة أبين للمرة الثانية 2016 من تنظيم القاعدة الإرهابي، قبل أن يعود بعد عامين من ذلك لبعض المناطق بسبب تواطؤ إخوان اليمن ورعايتهم للإرهاب.
وكان رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزبيدي قد عين عبداللطيف السيد قائداً للحزام الأمني بمحافظة أبين في 3 أغسطس/آب الجاري.
وإلى جانب دوره الأمني والعسكري لعب عبداللطيف السيد منذ كان رئيسا للجان الشعبية دورا محوريا في مكافحة الإرهاب بمحافظة أبين وحل مشاكل القبائل ومشاكل الثأر وإنصاف المواطنين وقاد حملات لترتيب وتحسين الأسواق وحركة النقل ودعم الفقراء والاهتمام بالجانب الرياضي والفعاليات الجماهيرية للترويح عن المواطنين.
حزن يعم اليمن
وعقب الإعلان عن اغتيال العميد عبداللطيف السيد عم حزن كبير في اليمن على الخصم التاريخي لتنظيم القاعدة، إذ نعاه المجلس الانتقالي ووصفه بـ"القائد الاستثنائي".
وقال بيان المجلس الانتقالي إن "المصاب جلل والخسارة كبيرة وفادحة على شعبنا وقواته المسلحة، باستشهاد قائد بحجم البطل عبداللطيف السيّد، الذي نذر نفسه لمعركة اجتثاث الإرهاب، متقدما الصفوف في الدفاع عن الجنوب، وحفظ أمنه واستقراره بكل صدق وإخلاص وشجاعة".
ورغم الخسارة الفادحة إلا أن المجلس الانتقالي تعهد بعدم التراجع عن خوض المعركة حتى استئصال شأفة الإرهاب وتجفيف منابعه من كل شبر في جنوب اليمن.
من جهته، قال قائد الأحزمة الأمنية في جنوب اليمن العميد محسن الوالي إن "عبداللطيف السيد كان رمزاً للشجاعة والتضحية، حيث قدم حياته في سبيل محاربة الإرهاب وكان يشكل قوة رائدة في تنظيم وقيادة الحزام الأمني، وكان مصدر إلهام وقدوة للعديد من الشباب الذين تلقوا تدريباً تحت إشرافه، وآمنوا بأهمية المعركة ضد الإرهاب الذي استفحل في محافظة أبين منذ سنوات".
وأضاف أن خسارة السيد فادحة كونه كان ركيزة أساسية في محاربة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار في محافظة أبين.
الحاجة لجهد استخباراتي
ويترك رحيل العميد عبداللطيف السيد فراغاً كبيراً في صفوف الحزام الأمني، حيث كان قائداً عظيماً له تأثير كبير في تعزيز الأمن وتحقيق النصر على الإرهاب.
وقال الخبير العسكري اليمني المقدم وضاح العوبلي، لـ"العين الإخبارية"، إن استهداف القاعدة قائد الحزام الأمني في أبين العميد عبداللطيف السيد يؤكد مدى حاجة العمليات العسكرية القائمة ضد تنظيم القاعدة لجهد استخباراتي نوعي ومتقدم.
وأضاف أن "السيد يمثل أحد القادة الذين قارعوا تنظيم القاعدة في أبين منذ وقت مبكر، سبق انطلاق عملية سهام الشرق بسنوات عدة، وأعتقد أن الرجل قام بجهد جبار في حقل أمني شائك ومضطرب بين عامي 2016 -2023م، لا سيما مع ما شهدته أبين من تجاذبات واضطرابات بين أجنحة الشرعية والانتقالي وبينهما تنظيم القاعدة".
وأوضح أن السيد وقواته المتمثلة بالحزام الأمني في أبين قد قام بجهد جبار في ظروف صعبة وأوضاع شائكة، تعرض خلالها للكثير من محاولات الاغتيال ولكنه استطاع خلالها تأمين عدد من المديريات على رأسها زنجبار وجعار وخنفر قبل انطلاق عملية سهام الشرق الذي التحم وقواته ضمنها، حتى لحظة استشهاده.
يشار إلى أن السيد قتل وهو يقود حملة "سيوف حوس" العسكرية، والتي حققت نجاحات مهمة أبرزها اعتقال القيادي الميداني بتنظيم القاعدة الإرهابي "سعيد علي سعيد" المكنى بـ"أبوالقعقاع" وتحرير عديد المعسكرات في وادي رفض ووادي جنين في مديرية مودية.
ويأتي مقتل السيد عقب سلسلة من العمليات الإرهابية التي نفذها تنظيم القاعدة في مودية، كان آخرها الإثنين الماضي، عقب مقتل جندي وإصابة 10 آخرين، في انفجار عبوة ناسفة لتنظيم القاعدة في ذات المديرية الواقعة وسط أبين.
والسبت الماضي، قال مصدر لـ"العين الإخبارية"، إن هجوما للقاعدة أسفر سقوط قتيل و7 مصابين بصفوف القوات الجنوبية.
ومطلع أغسطس/أيار الجاري قتل 5 جنود وأصيب 4 آخرون في هجوم مسلح لتنظيم القاعدة الإرهابي في "وادي عومران"، شرقي مديرية مودية في محافظة أبين المطلة على بحر العرب.
aXA6IDMuMTM4LjE3NS4xMCA= جزيرة ام اند امز