أطفال اليمن في رمضان.. طقوس تتناقلها الأجيال
يتجمعون قبيل مغيب شمس كل يوم، في أركان الحارات والأزقة المشرفة على المساجد، في انتظار أن يصدح أذان المغرب.
وبمجرد سماع صوت تكبيرة الأذان حتى يتسابق الأطفال اليمنيون صوب منازلهم ليبشروا ذويهم بحلول وقت الإفطار، وانتهاء صوم ذلك اليوم من رمضان، وهذا ديدن أطفال اليمن، نهاية كل يوم رمضاني، يترقبون أذان المغرب، ويوصلون أخباره إلى منازلهم، ورغم أن صوت الأذان يصل إلى البيوت، إلا أن تلقي الخبر من الأطفال يحمل طابعًا مغايرًا.
يتحدث المسن اليمني عبدالسلام مقبل، من أهالي مدينة عدن لـ"العين الإخبارية" عن حرص الأطفال على مشاركة ذويهم طقوس شهر رمضان الفضيل قائلا إن "الفتيات في المنازل يشاركنّ أمهاتهنّ التحضير للوجبات الرمضانية اليومية، ويساعدن في ترتيب اليوم الرمضاني بشكل عام، كما تحرص الفتيات الصغيرات على تعلم الصلوات وهنّ في سن صغيرة، وتقليد أهاليهنّ في الانتظام على أداء الصلاة، وتلاوة القرآن".
وأضاف "عبدالسلام" أن الفتيان الصغار يلتزمون بمرافقة آباءهم، ويذهبون معهم إلى المساجد، لأداء الصلوات، خاصةً صلاة التراويح، ذات الطابع الروحاني في شهر رمضان.
تنافس طفولي
وأشار إلى أن الأطفال لا يكفون عن التنافس فيما بينهم، فيما يتعلق بتأكيد كل منهم أنه يصوم أيام الشهر، ويقوم بتأدية صلاة التراويح في لياليه، وكشف عن طريقة يلجأ إليها الأطفال في عدن، وغيرها من المدن اليمنية، لتأكيد مدى صيام الطفل من عدمه، وذلك من خلال إخراج لسانه لأقرانه الأطفال، فإن كان لونه أبيضًا تأكد صيامه، بينما إن كان غير ذلك، فينكشف أمره أمام رفاقه!.
التنافس الآخر للأطفال في رمضان، تستضيفه المساجد، حيث يتسابق الصغار في مدى صمودهم بتأدية صلاة التراويح، التي تتكون عادة من إحدى عشر ركعة، وتُؤدى بعد صلاة العشاء مباشرة، وقال "عبدالسلام" إن "الأطفال يحاولون البقاء أكبر فترة ممكنة برفقة آبائهم في صلاة التراويح، والتي تتميز بطول ركعاتها، والإطالة في قراءة القرآن خلالها".
وبالإضافة إلى كل ذلك، يحرص أطفال اليمن على التواجد في كل أوقات الصلوات داخل المساجد مع آبائهم أو أقربائهم، يقرأون القرآن ويمارسون طقوس الشهر الكريم، واللافت في الطقوس الرمضانية للأطفال، التزامهم بالزي الإسلامي خلال أيام الشهر، وارتدائهم للثوب الطويل، والطاقية أو العمامة، بحسب عبدالسلام مقبل.
طقوس الأجيال
"أم علي"، من ساكني مدينة عدن، تكشف هي الأخرى لـ"العين الإخبارية" عن طقوس رمضانية خاصة بالأطفال، يحرص الأهالي على الحفاظ عليها، وتعليمها ونقلها للأبناء، مشيرةً إلى اهتمام الآباء والأمهات بدفع أطفالهم إلى ممارسة طقوس رمضان، كالمساعدة في إعداد الوجبات، أو الدفع بهم إلى المساجد، وتدريبهم على الصيام منذ الصغر.
وهو "صيام جزئي"، يدرب فيه الطفل على الصوم من بعد الفجر وحتى الظهيرة، حيث تقدم له وجبة خفيفة يتقوى بها، ليواصل الصيان بعدها إلى المغرب، وأكدت أن الآباء والأمهات مروا بكل هذه الطقوس عندما كانوا صغارًا، وعاشوا روحانيات رمضان بكل تفاصيلها؛ لهذا يحرصون على نقلها إلى أولادهم.
وبالإضافة إلى كل الطقوس المذكورة، تضيف "أم علي" طقسًا آخرًا، محببا عند الأطفال، يكمن في تكليفهم بإيصال وجبات صغيرة ترسلها الأمهات كهدايا يومية إلى الجيران والأقارب، لافتةً إلى أن الأطفال يتمسكون بهذه المهمة ويؤدونها يومياً بشغف وحرص، ويتسابقون إليها، بل وحتى يتفاخرون بها فيما بينهم.