اليمن والتغيرات المناخية.. خسائر بشرية ومادية في 2023
على مدار عام 2023 تسببت التغيرات المناخية في زيادة حدة أزمة الأمن الغذائي في اليمن بما فاقم الوضع الإنساني وأثر سلبًا على الزراعة.
ويعد اليمن من أبرز البلدان التي طالتها التغيرات المناخية، مع تنامي الظواهر الجوية المتطرفة، مخلفة آثارا صحية وإنسانية هائلة.
وفي هذا التقرير تسلط "العين الإخبارية" الضوء على تداعيات الأمطار الغزيرة والفيضانات والأعاصير والصواعق الرعدية التي شهدها اليمن، وما تركته من آثار وأضرار فاقمت الوضع الإنساني بعموم البلاد.
آثار وخسائر بشرية
أودت تقلبات الطقس المتطرفة الناتجة عن التغيرات المناخية بحياة 67 شخصا على الأقل غالبيتهم من النساء والأطفال، وهذا خلال الأشهر الـ11 الماضية، وبالتحديد في محافظات الحديدة، والبيضاء، والجوف، وإب، وشبوة، وأمانة العاصمة، وصنعاء، والمحويت، وصعدة، وريمة وذمار، والمهرة، وتعز.
وفي 17 أغسطس/آب الماضي، تسببت الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة التي شهدتها محافظة صعدة شمال اليمن بوفاة 3 مواطنين وإصابة 8 آخرين، بينهم نساء وأطفال إثر انهيار منازلهم بسبب الأمطار.
تلك السيول جرفت أراض زراعية واسعة، وتسببت في انهيار عدد من المنازل في شعب حميد بمنطقة قحزة، الواقعة شمالي المحافظة.
وفي مارس/ آذار الماضي شهدت محافظة تعز اليمنية أمطارا غزيرة تسببت بوفاة طفلين في مديرية صالة شرقي المحافظة، وألحقت أضرارا بالغة بعشرات المنازل، كما تضررت أكثر من 40 أسرة في مديريات صالة والمظفر وجبل حبشي بتعز، خلال أول أيام بدء موسم الأمطار فقط.
كما انهار منزل قديم من 3 طوابق في ذات الشهر بالعاصمة صنعاء على ساكنيه، ما أدى إلى مقتل 5 أشخاص وجرح 2 آخرين في حارة "الفرقان" بحي حمير في مديرية شعوب بأمانة العاصمة.
وأدت الأمطار الغزيرة والسيول في إلى تضرر 7941 أسرة بشكل جزئي، بخلاف تضرر 256 أسرة بشكل كامل، بخلاف تسجيلها لإصابات عدة، فيما دمرت الرياح عددا من الخيام في مخيم "السويداء" بمأرب.
ولقي 9 أشخاص من أسرة واحدة مصرعهم، في أبريل/ نيسان الماضي، إثر هطول الأمطار الغزيرة في محافظة شبوة، جنوبي البلاد.
إلحاق الضرر بآلاف الأسر اليمنية
وألحقت الأمطار الغزيرة والفيضانات المدمرة والصواعق الرعدية والأعاصير الضرر بعشرات الأسر اليمنية، وبلغ عددها نحو 73854 أسرة تأثرت بسبب تلك الأمطار والفيضانات، فيما نزحت 24,000 عائلة في 12 محافظة يمنية، لذات السبب.
وتؤدي آثار الأزمات المناخية إلى تفاقم مخاطر كثيرة في صفوف النازحين، خاصة النساء والأطفال.
وزادت حدة التغيرات المناخية في اليمن خلال الأشهر الماضية من العام الجاري، نتج عنها زيادة كبيرة في درجة الحرارة، وتساقط الأمطار الغزيرة والسيول، وهبوب الأعاصير بما خلفته من فيضانات وكوارث طبيعية وإنسانية أخرى.
وكشف تقرير صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان عن أن الطقس القاسي في اليمن أجبر أكثر من 200 ألف شخص على النزوح منذ بداية العام الجاري، ونزوح العديد منهم للمرة الثانية أو الثالثة بسبب حرب مليشيات الحوثي منذ أكثر من 8 سنوات.
وتؤكد تقارير دولية أن الفيضانات أثرت على 21 محافظة من أصل 22 محافظة في اليمن منذ بداية العام الجاري، بما في ذلك الضالع، وعدن، والبيضاء، والحديدة، والجوف، والمهرة، والمحويت، وعمران، وذمار، وحضرموت، وحجة، وإب، ولحج، ومأرب، وريمة، وصعدة، ومدينة صنعاء، ومحافظة صنعاء، وشبوة، وسقطرى، وتعز.
أضرار إعصار تيج
أدى إعصار "تيج" الذي ضرب اليمن خلال أيام 23 و24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى إلحاق أضرار فادحة باليمنيين، إذ دمّر في محافظة أرخبيل سقطرى وحدها نحو 500 منزل كليا أو جزئيا.
فيما تسبب الإعصار في نزوح 192 أسرة تحتوي على مئات الأطفال الذين شُردوا خوفا وهلعا من آثار الإعصار.
إعصار تيج تركز في أرخبيل سقطرى، ومحافظة المهرة جنوب البلاد، وامتدت أثاره إلى عدة مناطق ومدن شرق وجنوب البلاد، خاصة حضرموت، والمكلا، وشبوة، وأبين، ولحج، وعدن.
وتسبب إعصار تيج بسقوط حالتي وفاة من النساء في محافظة المهرة، وإصابة 150 شخصا بينهم نساء وأطفال، ونزوح 1700 أسرة إلى المدارس الحكومية، خاصة في مديريات حصوين والغيضة.
ورافقت الأعاصير التي ضربت اليمن كميات كبيرة من الأمطار وصلت لنحو 800 ملم، والتي نتج عنها فيضانات واسعة ومدمرة لمنازل المواطنين والأراضي الزراعية والممتلكات والشوارع الرئيسية.
كما رافقتها رياح شديدة متغيرة الاتجاهات، وذات سرعة عالية، والتي نتج عنها كوارث طبيعية وتدمير للبنية التحتية وممتلكات المواطنين في محافظتي سقطرى والمهرة، وأدت إلى انهيار الوضع الصحي من خلال الأوبئة والأمراض التي تخلفها، وتدمير المرافق الصحية.
تأثير تغير المناخ يصل إلى الأطفال
تأثيرات تغير المناخ لم تقتصر على السيول والفيضانات والأعاصير فقط، بل امتدت إلى الجفاف وتوسع رقعة التصحر، وهو ما يشكل أعباء إضافية على اليمنيين خاصة الأطفال، الذين يعيش نسبة كبيرة منهم في الأرياف، ويعانون من شح مياه الشرب، وتراجع إنتاج المحاصيل الزراعية وهو مصدر غذائهم الوحيد.
واحتل اليمن المرتبة الثالثة بآثار التغيرات المناخية التي تطال الأطفال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من بين أعلى 10 دول عربية في تعرض أطفالها لصدمات بيئية ومناخية.
آثار زراعية
أثّرت التغيرات المناخية التي شهدها اليمن خلال الأشهر الماضي على قطاع الزراعة بشكل مباشر، وعلى صعيد إنتاج الفرد من محاصيل الحبوب والفواكه والخضراوات.
وأدت تلك التغيرات إلى إعاقة المزارعين من ممارسة نشاطهم الزراعي في كثير من المناطق الزراعية في اليمن، كما تسببت بتوسع رقعة التصحر بعموم المحافظات.
كما تتسبب تلك السيول والفيضانات الناتجة عن تغير المناخ بانهيارات هائلة في السدود، وإلحاق أضرار في شبكات المياه والري في مختلف الأودية والمساحات الزراعية في عموم البلاد.
وعندما تتساقط الأمطار الغزيرة في المناطق الجبلية، ترافقها غالبا فيضانات كبيرة، تلحق أضرارا في الأراضي الزراعية والمناطق الساحلية والوديان، وتدمير البنية التحتية.
وتسيطر زراعة الحبوب على أغلب مساحة الزراعة في اليمن، بنحو يصل إلى 57 %، بينما تبلغ مساحة البقوليات 3%، وبقية المساحة 40% تستخدم في زراعة كل من الفاكهة والخضروات والمحاصيل النقدية والأعلاف والقات.
وتقدر بيانات رسمية، أن إجمالي ما يتم زراعته من أراضي اليمن الزراعية لا يتجاوز مليونا و600 ألف هكتار، والتي تمثل نحو 3% فقط من إجمالي المساحة الزراعية في عموم البلاد.
aXA6IDMuMTI4LjIwMS4yMDcg جزيرة ام اند امز