مدارس اليمن.. انتظام بمناطق الشرعية وتزييف طائفي بمدن الانقلاب
أجواء مستقرة لأطفال اليمن في مناطق الشرعية ومستقبل مخيف للأطفال في مناطق الانقلاب
تستعد جميع المدارس اليمنية في المناطق المحررة، غدا الأحد، لاستقبال آلاف الطلاب في أول أيام العام الدراسي الجديد ٢٠١٧- ٢٠١٨، فيما أعلن الانقلابيون أن الدراسة ستبدأ في المناطق الخاضغة لهم أواخر شهر سبتمبر/أيلول الجاري.
وفيما يشهد العام الدراسي الجديد، استقرارا كبيرا في المناطق الخاضعة للشرعية، جنوب وشرقي البلاد، سيعيش ملايين الطلاب في المناطق الخاضعة للانقلابيين، عاما دراسيا صعبا، مع إصرار مليشيا الحوثي على تعديل المنهج الدراسي بإدخال أفكار طائفية.
وبالإضافة إلى تعديل مناهج التعليم، يرفض الحوثيون صرف رواتب المعلمين في مناطقهم منذ قرابة عام، وهو ما أثر على مستوى التعليم، مع غياب غالبية المعلمين عن المدارس، وتوجههم لوظائف خاصة من أجل كسب قوت معيشتهم.
مناطق الشرعية
في المحافظات الخاضعة للشرعية، استكلمت وزارة التربية والتعليم، كل الترتيبات لاستقبال العام الدراسي الجديد الذي سينطلق غدا الأحد، استعدادت مكثفة منذ منتصف أغسطس الماضي.
وقالت وزارة التربية والتعليم بالحكومة الشرعية، في بيان، حصلت عليه "بوابة العين" الإخبارية، إنها قامت بتجهيز التقويم الدراسي للعام الجديد، والذي يحدد مواعيد المباشرة للهيئات الدراسية والتعليمية، والمواعيد الزمنية الفعلية للفصليين الدراسيين، وكذا مواعيد اختبارات النقل والإجازة والامتحانات النهائية لكل طلاب المراحل التعليمية.
وأسهمت دول مجلس التعاون الخليجي، هذا العام، في استقرار العام الدراسي وذلك بتمويل سخي لطباعة الكتاب المدرسي بشكل خال من أية تدخلات للانقلابيين، الذين يسيطرون على مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء.
ووفقا لوزارة التربية، فقد تم الانتهاء من تجهيز وإعداد طباعة 70 بالمئة من الكتب الدراسية في المطابع الحكومية التابعة للكتاب المدرسي بالعاصمة المؤقتة عدن، وكذلك محافظة حضرموت، بدعم سخي من الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي.
وكانت عملية طباعة الكتاب المدرسي من أكبر العوائق التي تواجه الحكومة الشرعية، في ظل سيطرة الانقلابيين على التمويلات المقدمة من منظمة اليونيسف، خلال العام الماضي، من أجل طباعة الكتاب، وقيامهم بعد ذلك بإدخال تعديلات تحمل أفكارا شيعية وطائفية، وفقا لمصادر تربوبة لـ"بوابة العين" الإخبارية.
ومطلع أغسطس/آب الماضي، تعهد مكتب تنسيق المساعدات الخليجية لليمن، بتقديم 10 ملايين دولار، لدعم تمويل طباعة الكتاب المدرسي، في خطوة قوبلت بترحيب كبير من الحكومة الشرعية والوسط التعليمي.
ويرى "محمد الحسيني"، وهو مدرس لغة عربية في محافظة لحج، جنوبي البلاد، أن هناك استقرارا كبيرا في العام الدراسي هذا العام، مقارنة بالعام الماضي، وهو ما سينعكس بشكل جيد على أداء الطلاب وتحصيلهم الدراسي.
وقال الحسيني، لـ"بوابة العين" الإخبارية: "أرسلت لنا المليشيا الانقلابية كتبا دراسية مولتها اليونيسف، وتفاجأنا بأنها محرفة وفيها أفكار طائفية تدمر الأجيال والنسيج الاجتماعي فقمنا برفضها وشهدنا معاناة في توفير الكتاب للطلاب، ودعم الأشقاء في دول الخليج أزاح عن كاهلنا هذا العام الهم الأكبر".
وأضاف: "أيضا، هناك استقرار هذا العام في صرف رواتب المعلمين، بعد تقطع خلال العام الماضي، وهو ما سينعكس على مستوى العام الدراسي بشكل عام".
- دعم إماراتي فاعل
خلافا للدعم الخليجي في طباعة وتوفير الكتاب المدرسي بعيدا عن تدخلات الانقلابيين والحفاظ على الأجيال اليمنية، أسهمت دولة الإمارات بدور فاعل في التهيئة للعام الدراسي بالمناطق المحررة، وتوفير الأجواء المناسبة لاستقبال الطلاب.
ووفقا لمسؤولين في الهلال الأحمر الإماراتي، لـ"بوابة العين" الإخبارية، فقد تم تأهيل مئات المدارس في المناطق المحررة، وتجهيزها بكل الوسائل التعليمية بعد أن تعرضت للتدمير والنهب من قبل مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية.
كما قامت الإمارات بتوفير عشرات من حافلات النقل للطلاب والمناطق التعليمية في عدد من المحافظات المحررة، بما يزيل معاناة الطلاب في التنقل، كدعم سخي لتطبيع الحياة التعليمية.
مناطق الانقلابيين
بعيدا عن مناطق الشرعية، لا تتوفر أدنى المؤهلات لانطلاق عام دراسي لائق في المحافظات الخاضعة لمليشيا الحوثي وصالح، والتي تقطن فيها الكثافة الأكبر من الطلاب اليمنيين.
ويعيش تحالف الانقلاب صراعا داخليا بشأن تعديل الكتاب المدرسي، ففي حين تصر مليشيا الحوثي على إدخال تعديلات طائفية، أعلن حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح، رفضه لذلك جملة وتفصيلا.
وتستهدف مليشيا الحوثي تدمير النسيج الاجتماعي وطمس الهوية الوطنية لملايين الطلاب، وظهر ذلك في إعطاء حقيبة وزارة التربية، لشقيق زعيم الجماعة، يحي بدر الدين الحوثي.
واعترفت المليشيا بالتعديلات على الكتاب المدرسي، وقال إنه شمل مناهج المرحلة الأساسية، من الصف الأول الابتدائي وحتى الصف الـ6 الابتدائي.
وقالت مليشيا الحوثي، إن التعديلات، شملت مقررات "اللغة العربية، والرياضيات، والعلوم"، وأنهم لم يتمكنوا حتى الآن من طباعتها لعدم توفر النفقات.
وذكر الباحث التربوي محمد عبدالواحد، أن الحوثيين يقولون إن التعديلات التي أدخلوها تزيل بعض فقرات التعصب المناطقي والإسقاط المذهبي ضدهم، لكنها تعديلات تغرس الطائفية في بعض الكتب، وتثير السخرية في كتب أخرى.
وقال عبدالواحد، لـ"بوابة العين": "في بعض الكتب، وكما تناقلت وسائل إعلامهم، قاموا بإضافات طائفية، تدرس للطلاب بأنه من الضرورة الصلاة على النبي محمد وآله والتطرق إلى علي والولاية، وتعليم الطلاب طقوس الصلاة على الطريقة الشيعية التي تلزم المصلي بعدم الضم أثناء قراءة الفاتحة، بل مد يديه إلى الأسفل أو ما يسمى بالسربلة".
وأضاف "أيضا هناك تعديلات مثيرة للسخرية وتكشف أنهم قادمون من خارج العصر؛ حيث قاموا بإلغاء مفردات "بابا وماما" من الرسوم الحركية لطلاب الصف الأول، بحجة أنها ألفاظ لا تليق بالمجتمع اليمني".
وأثارت التعديلات على الكتاب المدرسي مخاوف غالبية أولياء الأمور في صنعاء والمناطق الخاضعة للانقلابيين، والذين امتنعوا عن تسجيل أطفالهم في مدارس حكومية خاضعة لمليشيا الحوثي بشكل مباشر، وقاموا بتسجيلهم في المدارس الأهلية التي تعتمد كتب إنجليزية في الغالب.
وإضافة إلى التعديلات، سيكون آلاف المعلمين دون رواتب للعام الثاني على التوالي، بعد نهب مليشيا الحوثي للإيرادات ورفض تسليم رواتب الموظفين، وهو ما سيؤثر على مستوى التعليم هذا العام، وفقا لمراقبين.