أطفال اليمن "المجنّدون".. براءة يغتالها "الحوثي"
اغتالت براءتهم وانتهكت طفولتهم فجندتهم بساحات القتال ليكونوا رأس حربة ودروعا في حرب مثقلة بالفظاعات.
انتهاكات وثقها تقرير حقوقي يمني، أكد تعرض ألفين و233 طفلا للتجنيد من قبل مليشيات الحوثي على مدى عام ونصف.
والخميس، أطلقت منظمة "ميون" لحقوق الإنسان في اليمن تقريرا بعنوان "الأطفال المحاربون"، رصد تجنيد الأطفال في اليمن خلال الفترة من الأول من يوليو/تموز 2021 حتى ديسمبر/كانون أول 2022.
ويأتي صدور التقرير بالتزامن مع تفاقم الانتهاكات الحقوقية التي تمارسها مليشيات الحوثي ضد اليمنيين حاليا في العاصمة المختطفة صنعاء.
وتقرير منظمة "ميون" يعد الثاني من نوعه الذي تصدره المنظمة؛ إدراكا منها بخطورة انتهاكات تجنيد الأطفال في ظل الحرب، ولما لهذه الانتهاكات من آثار وتداعيات لعقود طويلة على أطفال اليمن.
بالأرقام
رئيس المنظمة، عبده علي الحذيفي، قال إن التقرير وثق 2233 طفلا تم استخدامهم بشكل مباشر في النزاع المسلح، مشيرا إلى أن الحوثيين مسئولون عن 98,9 % من تجنيد هذا الرقم من الأطفال في جبهات القتال.
وأضاف الحذيفي، في تصريح لـ”العين الإخبارية”، أن 60 % تقريبا من هذا العدد من الأطفال لقوا حتفهم في جبهات القتال، حيث تحقق التقرير من مقتل 1309 أطفال، أحدهم صومالي الجنسية، وإصابة 351 آخرين بتشوهات.
ولفت إلى أن الفئة العمرية للأطفال الأكثر عرضة لانتهاكات التجنيد من قبل الحوثيين تراوحت بين سن 16 و17 عاما، كما وثق التقرير بلاغات بتجنيد 25 طفلا ينتمون للمهاجرين الأفارقة، تحقق من عدد منهم في صنعاء وحجة.
وأشار الحذيفي إلى أن التقرير وثق منح الحوثيين 556 طفلا قتلوا في صفوفها رتبا عسكرية موزعة بين ضابط وصف ضابط، ومنحت 753 طفلا قتيلا صفة جنود في كشوفاتها الرسمية، مؤكدا أن الحوثيين استخدموا الرتب الوهمية كإغراءات بهدف استقطابهم للتجنيد.
وكشف عن جهود حقوقية لإيصال هذه الانتهاكات إلى أعلى الهيئات الأممية والدولية المعنية بحقوق الطفل، مشددا على أهمية تشكيل وعي وضغط مجتمعي وشعبي لوقف جرائم الحوثيين ضد الطفولة.
منهجية دقيقة
ردا على سؤال ”العين الإخبارية” خلال المؤتمر الصحفي الخاص بإطلاق التقرير، حول منهجية تنفيذ عمليات الرصد والبحث والتوثيق، قال الاستشاري في منظمة ميون، وأحد منفذي الدراسة، أمين المشولي، إن التقرير اعتمد على منهجية المصادر المفتوحة، ثم العمل على التحقق منها عبر وسائل علمية دقيقة.
وأكد المشولي أن المنظمة تمتلك فريقا حقوقيا وقانونيا متمرسا وعلى قدر كبير من المهنية، وفق أعلى درجات الموثوقية والمعايير الدولية في رصد انتهاكات حقوق الإنسان، علاوة على امتلاكها لكادر فني ورقابي متخصص.
وأشار إلى أن الفرق المتخصصة تأكدت من بيانات عديد الأطفال الذين تعرضوا للانتهاكات من مصادرها الخاصة المتواجدة في عشر محافظات يمنية، كانت مسرحا لعملية الرصد والتوثيق الحقوقي.
استقطاب
التقرير خلص، وفقا لنتائج الرصد، إلى أن أعلى عشر محافظات استقطبت فيها مليشيات الحوثي الأطفال المجندين كانت صنعاء، حجة، ذمار، صعدة، أمانة العاصمة، عمران، إب، الحديدة، تعز، والمحويت.
كما رصد التقرير انخفاضا في عدد ضحايا الأطفال المجندين في صفوف الحوثيين خلال فترات الهدنة الأممية، التي بدأت في أبريل/ نيسان 2021، وتم تمديدها إلى مرحلتين، مقابل عدم توقف المليشيات عن الحشد والتعبئة والاستقطاب خلال تلك الفترة.
واستعرض التقرير أدوات ووسائل الاستقطاب لتجنيد الأطفال لدى الحوثيين، من ذلك استغلال الظروف المعيشية لأسر الأطفال، والتلقين العقائدي وخطاب الكراهية، والسيطرة على المؤسسات الدينية والتعليمية، واستغلال المراكز الصيفية، واستخدام الاختطاف والضغط على زعماء القبائل.
مطالبات وتوصيات
في ختام تقريرها، حثت منظمة ميون جميع الأطراف على الالتزام الكامل بالاتفاقيات الدولية، والتوقف الفوري عن تجنيد الأطفال، وتسريح كل من تم إشراكهم في النزاع المسلح، كما طالبت الحوثيين بالتوقف عن استغلال وتجنيد الأطفال والزج بهم في النزاعات المسلحة.
كما حثت المجتمع الدولي على ممارسة المزيد من الضغط على جماعة الحوثي بفرض عقوبات على المسؤولين المتورطين في تجنيد الأطفال، وأوصت المبعوث الأممي بزيارة اليمن للاطلاع المباشر وإجراء تقييم مباشر بشأن تجنيد الأطفال.
وأوصت كذلك بإعادة تأهيل الأطفال المجندين نفسيا واجتماعيا قبل دمجهم في المجتمع؛ تجنبا لممارسة العنف في بيئاتهم المحلية، كما دعت الحوثيين إلى منع استغلال المدارس والمراكز الصيفية في استقطاب الأطفال والتأثير عليهم فكريا.