أزمة العملة باليمن.. تدهور حاد للقوة الشرائية وتحذيرات من مجاعة
الحكومة الشرعية تصف إجراءات الحوثيين بمنع تداول الأوراق النقدية التي طبعتها بأنها مجرد "ابتزاز".
يهدد منع المليشيا الحوثية في اليمن تداول أوراق نقدية جديدة أصدرتها الحكومة المعترف بها دولياً بمضاعفة الأزمة الاقتصادية الحادة وبمزيد من المعاناة في البلد الغارق في الحرب منذ 5 سنوات.
ودخل قرار المنع حيز التنفيذ في 19 من يناير/كانون الثاني الماضي، وتوقف سكان صنعاء وأصحاب محلات الصرافة عن التعامل مع الأوراق النقدية الجديدة، خوفاً من عقوبات قد تصل إلى السجن عشر سنوات، بحسب مصادر مقربة من المليشيا الحوثية.
ووفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية، يصر المتمردون الحوثيون على أن قرار منع هذه العملات الجديدة، التي بدأت الحكومة بطباعتها في أوائل عام 2017، يهدف إلى حماية الناس من التضخم، فيما أكدت الحكومة الشرعية أن إجراءات الحوثيين مجرد "ابتزاز" للسكان.
وبلغ سعر الصرف في عدن 650 ريالاً يمنياً مقابل دولار واحد، بينما يعادل الدولار الواحد في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين نحو 600 ريال، حسب مصادر مصرفية.
وحسب وكالة الأنباء الفرنسية، تراجعت قيمة الريال اليمني نحو 15% في جنوب البلاد في الأسابيع الخمسة الماضية، ونحو 7% في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وذلك جراء انعدام السيولة النقدية في صنعاء، بعد منع العملة الجديدة.
تدهور القوة الشرائية
وفي أسواق اليمن، تتكدس أكشاك المحلات بالخضار، ومع تدهور قيمة الريال اليمني، يشعر السكان بالضيق إثر تراجع قدرتهم الشرائية المتدهورة أصلاً.
ويقول عبده عبيد في مدينة عدن "الأسعار مرتفعة للغاية ولم نعد نستلم الرواتب. الوضع متدهور وكل البلاد من سيئ إلى أسوأ".
وفي صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، اشتكى السكان أيضاً من منع تداول العملات الجديدة.
وقال المواطن عبدالعزيز علي إن المنع "شكّل ضرراً كبيراً علينا كمواطنين، الكثير منا يمتلكون نقوداً من الطبعة الجديدة، لكن أصبحنا غير قادرين على شراء قوت يومنا بهذه الأموال".
وحذر منسق الشؤون الإنسانية في اليمن راميش رجاسينغام، هذا الشهر، أمام مجلس الأمن الدولي، من خطر حدوث مجاعة جديدة في هذا البلد.
وقال المسؤول للمجلس عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة "مع التدهور السريع لقيمة الريال (اليمني) والاضطرابات في دفع الرواتب، نلاحظ مجدداً بعض العوامل الرئيسية التي جعلت اليمن على شفير مجاعة قبل عام. علينا ألا ندع ذلك يتكرر".
"ابتزاز" السكان
وتدير الحكومة المعترف بها دولياً البنك المركزي اليمني من عدن عاصمتها المؤقتة منذ 2016، بعدما اتهمت المتمردين الحوثيين باستخدام أموال المصرف لتمويل أنفسهم.
وأدى نقل عمليات المصرف المركزي إلى عدن لوجود مركزين ماليين يتعاملان مع عملة واحدة؛ الأول في المدينة الجنوبية، والثاني في صنعاء.
وأكد مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية في تقرير صدر أخيراً أن المواجهة على الأوراق النقدية الجديدة قد تؤدي إلى انهيار منظومة الريال اليمني، مشيراً إلى أنها دفعت البلاد بالفعل الى استخدام عملات صعبة خاصة الريال السعودي والدولار الأمريكي.
وبحسب التقرير، فإن "السكان الذين وصل الملايين منهم بالفعل إلى حافة الجوع سيتكبدون تكاليف زائدة وتدهوراً إضافياً في القدرة الشرائية وفي وضعهم المعيشي".
ويرى الباحث في المركز أنتوني بيزويل الذي شارك في كتابة التقرير، أنه في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين "يلجأ الناس إلى السوق السوداء على أمل الحصول على أوراق نقدية ويقومون بدفع تكاليف إضافية للحصول عليها".
أما في الجنوب، فيقول بيزويل إنه نظراً لكون المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية "ذات كثافة سكانية أقل ونشاط (اقتصادي) أقل، سيكون هناك فائض في الأوراق النقدية المطبوعة حديثاً ما سيؤدي إلى التضخم".
ونددت حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي بمنع الأوراق النقدية الجديدة، متهمة الحوثيين بـ"ابتزاز" اليمنيين.
وأكد وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني نجيب العوج أن "معين سعيد رئيس الوزراء قام بالتطرق لذلك مع سفراء الاتحاد الأوروبي. وفعلاً طالبنا بالضغط" على الحوثيين، لافتاً إلى أن الحكومة ستبحث الموضوع أيضاً مع الأمم المتحدة.