أبواق التطرف تحت "نيران ناعمة".. قيادية يمنية تقاضي صحيفة إخوانية
"نيران ناعمة" تلفح أبواق التطرف في اليمن لتعري زيف حملات تشهير كيدية ضد الحركة النسوية والحريات وتفضح حقيقة تنظيم راديكالي.
القيادية اليمنية ألفت الدبعي أكدت أنها قررت رفع قضية أمام المحكمة المختصة عقب انتهاء الإجازة القضائية ضد صحيفة "أخبار اليوم"، إحدى أهم الأذرع الإعلامية للإخوان، وذلك على خلفية تبنيها حرب تحريض مفتوحة ضد نساء اليمن لا سيما العاملات في المنظمات الحقوقية.
ومؤخرا، تعرضت الدبعي، عضو "هيئة التشاور" للمجلس الرئاسي اليمني، لحملة إعلامية واسعة من على منابر المساجد، سرعان ما انتقلت إلى مواقع التواصل الاجتماعي قبل أن تتبنى الصحيفة الإخوانية الهجوم على لسان سكرتير سابق للداعية اليمني المتشدد عبدالمجيد الزنداني.
وفي عددها رقم (5469) الصادر في 18 أبريل/نيسان الجاري، أفردت الصحيفة الإخوانية صفحة كاملة تحت عنوان "ألفت الدبعي الناشطة المتسولة باسم المرأة والمتلونة حسب المصالح"، لكاتب متشدد يدعى محمد مصطفى العمراني، اتهم الدبعي باستهداف الدين والشريعة الإسلامية من خلال الأنشطة المدنية والسياسية.
وأشعل ذلك غضب نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي ممن أطلقوا حملة تضامن واسعة، فيما اعتبرته "الدبعي" تحريضا خطيرا وتشهيرا كيديا يستهدف الحركة النسوية اليمنية، وهجوما يتوفر فيه القصد الجنائي وأركان جريمة جنائية وسياسية كاملة.
حراس الدين
مراقبون أرجعوا دوافع الهجوم الإخواني إلى وقوف "الدبعي" خلف حملة "جوازي بلا وصاية"، التي نجحت في انتزاع دعم قوي من الحكومة المعترف بها دوليا، وألغت قيود الوصاية التعسفية للسفر، وهو ما أكدته القيادية اليمنية كأحد الداعمين الرئيسيين للحملة الحقوقية النسوية.
وفي مقابلة مع "العين الإخبارية"، يُنشر نصها كاملا لاحقا، قالت الدبعي: "كنت داعمة رئيسية لـ(جوازي بلا وصاية)، لكني لست مؤسستها كما يُعتقد، بل يعود ذلك لجهد مجموعة من النساء والرجال من أبناء تعز، وقد تفاعلت معهم وساندت إنجاح الحملة عبر إيصالها إلى مراكز صنع القرار".
وأضافت أن "طبيعة القضية التي تناولتها حملة (جوازي بلا وصاية) هي قضيتي وقضية الحركة النسائية في اليمن من زمن طويل، وهناك جهد تراكمي في هذا المجال".
وانتقدت الدبعي من وصفتهم بـ"حراس الدين" البعيدين عن فهمه، معتبرة أن حملة مماثلة تشكل "أبسط حقوق المرأة في دولة المواطنة والدولة المدنية" المكفولة قانونيا، إذ إن القانون اليمني لم يميز بين الذكور والإناث عند استخراج وثيقة السفر (الجواز)".
وشددت على أن "كل المواقف السابقة عبر مصلحة الجوازات اليمنية والاشتراطات لتقييد حق حصول المرأة لجواز سفر، كانت مخالفة للقانون وتتم لصالح العادات والتقاليد وتحت مبررات دينية لا أساس لها في الدين سوى تسويق مفاهيم تزيف الوعي الديني وتقدم الإسلام كأنه دين تخلف وأنه ضد المواطنة وحقوق الإنسان".
حسابات مزورة
وفي معرض حديثها عن موقف رجال الدين من توجيهات الحكومة اليمنية بإلغاء القيود، أكدت أن "المتطرفين دينيا لجأوا للتحريض عن طريق عمل حسابات مزورة في مواقع التواصل لبث الشائعات حول تسفير بنات عبر منظمات وإفسادهن، زاعمين أن السبب هو منحهن حق الحصول على جوازات" للسفر.
ولفتت إلى أنها تصدت بقوة لهذه الحسابات الوهمية، ودحضت الشائعات المروجة باعتبارها تبث القلق بأوساط الأسر، واستهدفت خلق "ضغوط اجتماعية أكبر على النساء بعد فشلهم في التأثير على إصدار القرار".
واتهمت الدبعي الداعية الإخواني المتشدد عبدالله العديني وأتباعه بتبني هذه الشائعات والترويج القوي لها ومساندتها، مستدركة: "لكن عندما تبنيت الرد عليهم وفضح أساليبهم ظهر لي السكرتير السابق للشيخ الزنداني ورئيس تحرير صحيفة أخبار اليوم التي كانت مدعومة من نائب الرئيس السابق علي محسن الأحمر".
وفيما دحضت الدبعي ما نشرته الصحيفة مؤكدة أنه "تحريض وتضليل ومعلومات كاذبة"، أكدت أن ما نشر كان دليلا على أن هناك حملات منظمة لهذا التيار (الإخوان)، هدفه استخدام وسائل التواصل لمزيد من التضييق الاجتماعي على النساء خصوصا العاملات منهن في المنظمات المدنية.
وحذرت من "خطورة تلك الشائعات على"المجتمع وأمنه واستقراره خاصة في ظل استغلالهم للدين والمفاهيم الدينية بطريقة سطحية وتحريضية تجعل النساء ومنظمات المجتمع المدني هدفا رئيسيا للجماعات المتطرفة".
الحوثي على الخط
وحسب الدبعي، فإن "هذا الأمر دفعني إلى قرار رفع قضية أمام المحكمة المختصة على صحيفة أخبار اليوم وما نشر فيها وعلى رئيس تحريرها، بحيث يكون لنا دور في فضح تزييف الوعي الذي يمارسونه وخطورة الحملات التي يتبنونها على منظومة الحقوق والحريات في هذا البلد".
واستغربت القيادية اليمنية من تزامن هذا الخطاب والهجوم البائس مع قيود متشددة فرضتها مليشيات الحوثي وقضت بمنع سفر أي امرأة بين المحافظات عبر وسائل النقل إلا عبر بعد تقديم موافقة من ولي أمرها، معتبرة أن في ذلك "ردة مخيفة لحقوق المواطنة".
وأشارت إلى أن المتشددين في اليمن (الحوثي والإخوان) يعتقدون أن "عجلة التغيير ستعود للوراء، ولكن هذا حلم لهم لن نسمح بعودته أبدا، فالدولة المدنية ودولة النظام والقانون والحقوق والحريات هي خيارنا الذي لن نحيد عنه أبدا".
والدكتورة ألفت الدبعي؛ أستاذة علم الاجتماع في جامعة تعز، كانت عضوا في مؤتمر الحوار الوطني، وعضوا في لجنة صياغة الدستور اليمني الجديد، كما تعد عضوا في "هيئة التشاور والمصالحة" أهم المكونات المساندة لمجلس القيادة الرئاسي وتعتبر قيادية بارزة في شبكة التضامن النسوي.