ألغام حوثية في مشاورات الأردن.. طريق إمداد عسكري إلى تعز
ما تفتأ مليشيات الحوثي تضع العصي في دواليب أي مفاوضات مع الحكومة اليمنية، هذه المرة تدفن ألغامها في مشاورات الأردن باقتراح ممر أحادي.
فتزامنا مع انطلاق جولة جديدة، من مشاورات الأردن، لفتح الممرات الإنسانية، بدأت مليشيات الحوثي بفتح طريق إمداد عسكري يصل إلى قلب مدينة تعز المحاصرة.
وأعلن الحوثيون ما سموه "خطوة أحادية" عبر شق طريق في تلال جبلية تقع في الجهة الشمالية من مدينة تعز (جنوب) الخاضعة لحصار مشدد، تفرضه المليشيات منذ 7 أعوام ونصف العام وترفض فتح الشرايين الرئيسية.
وفجرت الخطوة الحوثية الاستباقية بشق طريق عسكري يقع على بعد 30 كيلومترا من أطراف المدينة غضبا شعبيا واسع النطاق، واعتبرها ناشطون يمنيون لغما جديدا، يفخخ مشاورات الأردن لصالح فتح طرق للإمداد العسكري.
ويستهدف اختيار الحوثي شق طريق ثانوي في الجهة الشمالية بالفعل تعبيد طريق للالتفاف على معسكر للدفاع الجوي، الخاضع لقوات الحكومة اليمنية، لإسقاطه لاحقا حال انتهت الهدنة إلى طريق مسدود.
كما يبحث الحوثيون عن طريق يظل تحت رحمة نيرانهم، إضافة إلى أنهم يخترقون التلال للوصول إلى جبل "جرة" المحاذي لمعسكر الدفاع الجوي، وهو جبل ظل عصيا على السقوط وشكل رمزية مهمة في معركة صمود تعز.
وجاءت خطوة الحوثيين تزامنا مع بدء الجولة الثانية لمشاورات الأردن لفك حصار الحوثيين على تعز، التي تنطلق اليوم الأحد، وتسعى لإيجاد خارطة توافق بين وفدي الحكومة اليمنية والانقلابيين لفتح طرق رئيسية.
وتناور مليشيات الحوثي بشأن فتح الطرق إلى مدينة تعز، إذ كانت تقترح فتح طريقين فرعيين في جولة المفاوضات الأولى، وهو ما رفضه المجلس الرئاسي الذي تمسك بفتح جميع الطرق الرئيسية التي كان يسلكها المواطنون قبل اجتياح تعز في 2015 واعتبره استحقاقا بموجب الهدنة.
شرعنة الحصار
يرى ناشطون وسياسيون يمنيون أن خطوة الحوثيين تسعى لتمهيد الطريق للمعدات العسكرية في ظل الهدنة، ضمن معركة مقبلة تخطط لها المليشيات، وتستهدف اجتياح مدينة تعز الخاضعة للشرعية.
فيما اعتبرها مراقبون خطوة للمناورة وورقة ضغط يسعى خلالها الانقلابيون للمقايضة بفرض اشتراطاتهم الاقتصادية والإنسانية، بشأن الإيرادات مقابل رفع جزئي لحصار مدينة تعز التي تبتز بها الحكومة اليمنية.
يرى آخرون أيضا أنه تكتيك سبق واتخذته مليشيات الحوثي في الحديدة بموجب اتفاق ستوكهولم، عندما أعلنت عن خطوة أحادية الجانب، لشرعنة سيطرتها على موانئ الحديدة وأدخلت الاتفاق الأممي نفقا مظلما.
وهذا ما ذهب إليه الناشط والإعلامي عبدالسلام القيسي في تصريح لـ"العين الإخبارية"، حيث قال إن "التنفيذ الأحادي الجانب لمليشيات الحوثي بفتح طريق ثانوي يمثل وجه آخر من شرعنة الحصار وبغطاء أممي، ويستهدف إسقاط الصفة القانونية، التي تصنف الحصار جريمة وعقابا جماعيا".
وأشار القيسي إلى أن الحوثيين يسعون إلى تقسيم جغرافية تعز، وفصل المدينة إلى مدينتين، وهم يهربون من تعهدات الطاولات إلى المناورة على الأرض كتكتيك لإبقاء سطوة حصارهم وإضفاء الحصانة لاحتلال مناطق خارج سيطرتهم.
معابر موت أخرى.. ومسرحية هزلية
يحاول الانقلابيون إعادة فتح معبر موت آخر، كانوا قد شيدوه في قلب مدينة تعز، ونجحت المحافظة في كسره عام 2016.
ووفقا للناشط في الحزب الاشتراكي اليمني مكين العوجري فإن إصرار الحوثيين على استمرار إغلاق الطرق الرئيسية، وشروعهم في شق طريق وعر على بعد 30 كيلومترا، يعد خطة إفشال مسبق للمفاوضات والهدنة، التي لم ينتج عنها أي خطوة ملموسة من قبل المليشيات.
من جهته، وصف المصور الصحفي أحمد الباشا إعلان الحوثيين تهيئة طريق فرعي تم شقه قبل أيام من الستين حتى الخمسين، ومنها إلى أسفل معسكر الدفاع الجوي ومن ثم مدينة النور، بأنه "مسرحية هزلية سوداء".
وكتب، في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي: "دون سابق إنذار وبعيداً عن المفاوضات التي تجري حالياً في العاصمة الأردنية عمان.. أبلغ الحوثيون سائقي الباصات أن الطريق سيكون متاحا للمرور، ولم يتم التنسيق مع أي طرف ليتم حشر المسافرين في طريق مغلق مزروع بالألغام ويعلنون بعدها أن الحكومة الشرعية ترفض فتح الطرقات".
وأضاف الباشا عبر حسابه على "فيسبوك"، أن "الحوثي يمارس حيلة جديدة والتفافا على مطالب الحكومة اليمنية، وخلفها جميع أبناء تعز بفتح الطرقات الرئيسية وإنهاء معاناة المدنيين".
وكانت مليشيات الحوثي خرجت على لسان قادتها بـ 3 مواقف جديدة حول الهدنة وفتح الطرقات وقضية المرتبات، وكل هذه المواقف الهدف منها نقل ملف المفاوضات حول إنهاء حصار تعز الى مربع آخر، وإفشال مفاوضات الأردن حول فتح طرقات تعز.
ووضعت المليشيات شرطا جديدا على طاولة المفاوضات يطالب بفتح الطرقات المغلقة على مستوى كل اليمن، والتي أساسا تقوم المليشيات ذاتها بإغلاقها منذ حوالي 8 أعوام وأكثر لتعود اليوم بالحديث عن ضرورة فتحها كاملة.
وتعاني مدينة تعز، ثاني كبرى مدن اليمن كثافة سكانية من حصار خانق، تفرضه مليشيات الحوثي منذ 7 أعوام ونصف، وترفض فتح الطرقات للمدينة من مناطق سيطرتها باستثناء طرق جبلية مميتة ووعرة تهدد بكارثة إنسانية.
ودخلت الهدنة الإنسانية حيز التنفيذ في 2 أبريل / نيسان الماضي، وتم تمديدها مجددا شهرين إضافيين قبل ساعات من انتهائها في 2 يونيو/ حزيران الجاري.
وفيما استوفت الحكومة اليمنية تنفيذ بنودها، ينفذ الحوثي حتى الآن أي التزام، بما فيه رفع حصار تعز وتسليم المرتبات.