تأسيس كليات عسكرية باليمن.. استراتيجية لسد الفجوة ومواجهة الانقلاب
قوة السياق تفسر أحيانا أخبارا تبدو للوهلة الأولى عادية، وتمنحها أبعادا ثلاثية، وتأسيس كليات عسكرية في اليمن مثالٌ على هذه القاعدة.
فالحاجة لدماء جديدة وجيل جديد من الضباط المؤهلين، دفع اليمن إلى تشييد كليات عسكرية بالمناطق المحررة في مسعى لـ"سد فجوة عناصر القيادة الميدانية"، وفق مراقبين.
ورغم أن هذه الكليات تأسست على عجل وبإمكانات متواضعة، فإنها توجت نقاشات مطولة للمجلس الرئاسي سعت لإعادة فتح الكلية الحربية في عدن، وتشييد كلية للطيران والدفاع الجوي في مأرب، وكلية الشرطة في حضرموت.
ومن المتوقع أيضا، أن يتم تشييد كلية بحرية في الساحل الغربي، وفقا لمصادر يمنية تحدثت لـ"العين الإخبارية".
اندفاع نحو التعليم العسكري في اليمن، يعكس خطوة جديدة على طريق استعادة الدولة من قبضة الانقلاب الحوثي.
ويرى مراقبون أن حيث فتح الكليات العسكرية يهدف إلى تأهيل ضباط مقاتلين يكونوا قادرين على القيادة الميدانية والاستراتيجية والحفاظ على أعلى مستوى من الكفاءة القتالية في السلم والحرب.
وأكد خبراء، أهمية متابعة ملف الكليات ومعاهد التأهيل الأمني والعسكري في المحافظات المحررة من قبل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا باعتبارها الخطوة الأولى لبناء المؤسسات العسكرية والأمنية في البلاد.
الحاجة لجيل جديد
ومع فتح أبواب الكليات العسكرية في اليمن للمرة الأولى منذ 9 أعوام، تبرز الحاجة لجيل جديد يدرك جيدا الاستراتيجيات الكبرى والأمن القومي إلى جانب التدرب على الجوانب التكتيكية بإشراك خبرات عربية ودولية، وفقا لخبراء عسكرين.
وقال الضابط اليمني المقدم أحمد العاقل، إن بلاده "تحتاج ليس فقط لأكاديميات عسكرية لتلقين الجوانب التكتيكية، وإنما إلى تحويل الضباط لمخططين استراتيجيين قادرين على ربط مهماتهم العملية ببيئتهم الجيوسياسية والأهداف العليا للسلطة السياسية".
وأوضح في حديث لـ"العين الإخبارية"، أنه في ظل الوضع الذي تعيشه البلاد حالياً ولاسيما مع انتشار وتعدد الوحدات العسكرية، "أصبح من الواجب الوطني أن يتم الإسراع في إعادة فتح الكليات الأمنية والعسكرية كخطوة أولى لبناء قوة وطنية تواجه الانقلاب والإرهاب".
وأكد أن الأولويات في اليمن تتمثل في "مواجهة الانقلاب والإرهاب والتدخلات الإيرانية، ثم الحفاظ على الهوية العربية اليمنية، إلى جانب تشيد قوة عسكرية وطنية تعتمد على نفسها في حماية البلاد والأمن القومي العربي".
وأشار إلى أن فتح الكلية الحربية، والكلية البحرية، وكلية الطيران والدفاع الجوي، وكلية الشرطة، والكلية البحرية، يهدف إلى "مد الوحدات العسكرية بدماء جديدة وشابة ومؤهلة تواكب متغيرات المرحلة من إعداد وتجهيز وتدريب في شتى النواحي العسكرية وفي مختلف الميادين".
كما لفت إلى أن إعادة فتح الكليات العسكرية والأمنية للعمل "سوف يساعد على سد الثغرات داخل بنية القوات المسلحة في مختلف الجبهات وسوف تعود ثقة المجتمع بالوحدات العسكرية من جديد".
سد الفجوة
ومن شأن الكليات العسكرية في اليمن أن تحقق أهدافها عندما تصبح جزءاً من دوائر سياسات صنّاع القرار انطلاقا من الدروس العسكرية المستمدّة من حرب مليشيات الحوثي وتنظيم القاعدة.
ووفقا للخبير في الشؤون العسكرية اليمنية، المقدم وضاح العوبلي، فإن إعادة تدشين الكليات العسكرية "يأتي لمواكبة الحاجة المتزايدة لتغطية الوحدات العسكرية بالضباط المؤهلين والمتخصصين من فئة الشباب، وهو ما تتطلبه كل الوحدات العسكرية القائمة لاسيما مع طول فترة الحرب المستمرة منذ 9 أعوام".
وقال العوبلي في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن القيادة اليمنية تدرك أهمية مخرجات الكليات العسكرية لسد الفجوة الملحوظة في عنصر القيادة الميدانية، وهو ما دفع تلك القيادات لاتخاذ الخطوات الأولى نحو إعادة تدشين وتفعيل الكليات العسكرية وفق الإمكانات المتوفرة".
وبيّن أن إنشاء وتفعيل الكليات العسكرية يتطلب الكثير من المتطلبات والبنى التحتية التعليمية والتدريبية، وكذلك هيئات تدريس تتشكل من عدد من الكوادر الأكاديمية المؤهلة علمياً وعسكرياً على المستويين النظري والعملي.
وكان رئيس هيئة الأركان في اليمن، الفريق الركن صغير بن عزيز، أكد في وقت سابق، الحرص على تطبيق شروط ومعايير التسجيل والقبول في الكليات العسكرية بما يجعلها نموذجاً في الانضباط والتعليم والتأهيل والمخرجات النوعية.
ولفت إلى الخسائر التي تكبدتها البلاد إثر انقلاب مليشيات الحوثي الإرهابية، وتعمدها تدمير ونهب المؤسسات العسكرية ومقدراتها.
وثمّن "بن عزيز" اهتمام ورعاية القيادة اليمنية العليا، ومواقف الأشقاء في تحالف دعم الشرعية، الداعمة للشعب اليمني وقواته المسلحة في مختلف المجالات.