صور: "عاصمة البن".. مباني المخا اليمنية إرث تاريخي مهدد بالاندثار
تشير الزخارف المنحوتة على الخشب في واجهة القنصلية الإيطالية بمدينة المخا اليمنية، لمدى حاجة ذلك المبنى إلى ترميم يحافظ على بقائه.
ويواجه المبنى كغيره من المباني الأثرية والمساجد التاريخية ذات الإرث التاريخي الكبير في عاصمة البن، خطر الاندثار.
يعود المبنى الذي يتكون من 3 طوابق إلى القرن الـ17، عندما كان ميناء المخا يصدر البن إلى العالم، إذ بني من الياجور وهو تراب يعجن ثم يتم تعريضه لدرجات حرارة عالية لتكسبه صلابة متينة.
وتتألف مدينة المخا التاريخية من قلعتين تطلان على البحر الأحمر وتسمى الأولى "قلعة طيار" والأخرى "عبدالرب بن الشيخ الشاذلي"، كما تضم بيوتا وسورا كان يحتوي على 5 أبواب، وفقا للمراجع التاريخية.
وتتبع المخا إداريا محافظة تعز، جنوبي البلاد، وتشتهر باسم "موكا" ويتميز موقعها الاستراتيجي بموقعه على بعد 75 كيلو متر مربع من مضيق باب المندب الدولي، كما تضم ميناء حيويا يعد من أقدم موانئ شبه الجزيرة العربية.
وحسب تصريحات مدير مكتب السياحة في مديرية المخا، جلال منصور لـ"العين الإخبارية"، فإن أغلب المباني التاريخية التي يصل عمرها إلى أكثر من 400 عاما، باتت معرضة لخطر الانهيار.
المسؤول اليمني أشار إلى أن أخشاب بعض المباني المدمرة تعرضت للنهب، وهي أخشاب من نوعية "الساج" المتينة التي كان يتم استيرادها من الهند لتغطية أسطح المباني العتيقة.
ولا تملك السلطة المحلية بالمخا الأموال لإعادة ترميم هذه المباني، كما أنه لا يوجد جهة ما قادرة على القيام بمقام الدولة في الظروف الحالية، طبقا لمنصور.
تاريخ عاصمة البن
شيدت أغلب المباني الأثرية في المخا في القرنين الـ15 و الـ17 الميلادي، عندما اكتسبت المخا شهرة عالمية بتصدير البن إلى العالم وكانت تعرف بمدينة "مخن".
وتتميز مباني المخا التاريخية بشكلها المطرز الجميل والمطلية بمادة "الجص الأبيض"، وشيدت عبر بنائين يمنيين، حيث كان هذا الطراز من البناء سائدا في غالبية مناطق الساحل الغربي لليمن.
كما تتميز تلك المباني بمقاومة الحرارة، إذ اعتمد أهالي المخا قبل مئات السنين على الياجور في بناء منازلهم للتغلب على الطقس الحار، إذ يمتاز الياجور ببقاء غرف المنازل باردة، مقارنة بمواد البناء الأخرى كالبردين مثلا.
ولا يوجد إحصاء محدد بعدد المباني المتبقية حتى الآن، والتي تعود بعض بيوتها لأسر ثرية كانت تعمل في تجارة البن، أو في مناصب رفيعة بميناء المخا، أقدم موانئ الجزيرة العربية، كما لا يُعرف عدد المباني التي اندثرت من الوجود.
وحسب مؤرخ مدينة المخا القاضي عادل حسين، فإن أغلب المباني توجد في المدينة القديمة للمخا فضلا عن المساجد الأثرية، وهي بحاجة ماسة إلى إعادة ترميم للحفاظ عليها.
يضيف حسين لـ"العين الإخبارية" أن مدينة المخا التاريخية تعد إرثا تاريخيا لحقبة زمنية لا ينبغي محوها من ذاكرة اليمن نظرا لما ترمز إليه من رخاء أثناء فترة تصدير البن إلى الخارج.
جهود إنقاذية
باستثناء مسجد الشاذلي التاريخي، فإن فريقا هندسيا متخصصا بالآثار بدأ قبل أيام في إعداد دراسة لإعادة تأهيل أقدم المساجد التاريخية في المخا وهي مهمة تعد بمثابة إنقاذ لهذه المدينة المنسية.
وحسب نائب مدير الأوقاف في محافظة تعز، شهاب هزاع، فإن قيادة المقاومة اليمنية المشتركة هي من تمول عملية إعداد الدراسة الإنقاذية.
وأوضح المسؤول الحكومي لـ"العين الإخبارية"، أن المرحلة الأولى من عملية التمويل تستهدف الأماكن والمباني الأكثر تأثيرا من الإهمال وحرب مليشيا الحوثي.
وانهارت الكثير من المباني التاريخية، إذ تعرضت للتدمير بسبب قذائف وصواريخ مليشيا الحوثي، والتي أمطرت المنازل بالمئات من قذائف الهاون الثقيلة إبان تحرير المدينة من قبضة الإنقلابيين 2017، وفقا لهزاع.
وتأتي الجهود الإنقاذية عقب حملة واسعة لنشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، للتذكير بوضع المدينة القديمة وحاجتها إلى الترميم الذي يحافظ على بقائها من الاندثار.
وبث النشطاء مجموعة من الصور القديمة لتلك المباني والمدينة التي كانت يوما ما وجهة التجار القادمين من دول أوروبية عدة ومن العاملين في تجارة البن.