سلام اليمن المتعثر.. دفعة أمل سعودية مرهونة بمعطيات محلية ودولية
رغم تداعيات هجمات الحوثي البحرية التي «اغتالت» المساعي الأممية والدولية، أعطت السعودية، دفعة أمل جديدة لليمن، بإنعاشها جهود السلام المتعثرة في هذا البلد.
فضمن مساعٍ سعودية لا تتوقف لإعادة هذا البلد لمسار السلام، أعادت الرياض بث الروح في خريطة الطريق، وهو ما أكده وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان، بالإشارة إلى «جاهزية خريطة الطريق اليمنية واستعداد المملكة العمل وفق مضامينها».
وفي تصريحات بُثت مساء الخميس، قال الوزير السعودي، إن بلاده تعتقد أنه «بالتوقيع على خريطة الطريق سيكون بوسعنا المضي قدما ونأمل أن يحدث ذلك عاجلاً وليس آجلاً»، معربا عن أمنياته بالتمكن من توقيع «خريطة الطريق اليمنية في أقرب وقت ممكن بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا ومليشيات الحوثي».
تأتي هذه التصريحات حول خريطة الطريق، تزامنا مع استمرار جولة مشاورات بين الحكومة اليمنية ومليشيات الحوثي حول ملف الأسرى والمختطفين في مسقط، وهو ملف يشكل جوهر بناء الثقة بين الأطراف والتمهيد للحل السلمي.
فما مضمون هذه الخريطة؟
لا زالت مسودة خريطة الطريق لم يعلن عنها رسميا، إلا أن الحديث عنها بدأ العام الماضي كامتداد للمبادرة السعودية التي أعلنت في مارس/آذار 2021، وجاءت تتويجا لجهود هدنة هشة تخللتها جولات مكّوكية من الرياض ومسقط وصنعاء وعدن برعايةٍ أممية ووساطةٍ سعوديةٍ عمانية.
وقالت مصادر حكومية لـ«العين الإخبارية»، إن الخطوط العريضة لمسودة الخريطة المطروحة كانت ترتكز على 3 مراحل المرحلة الأولى:
- تبدأ خلال عام بإجراءاتٍ إنسانية
- إعلان وقف إطلاق نارٍ دائم
- صرف المرتبات وفقا لكشوفاتِ 2014.
- تشملُ وصول السفن دون تفتيش إلى ميناءِ الحديدة وميناء عدن
- توسيع الرحلات من مطارِ صنعاء
- استئناف تصديرِ النفط.
- تشكيل لجان لمعالجة الملفات الاقتصادية والسياسية والعسكرية.
المرحلة الثانية:
- تكرس لمناقشة الانقسام الاقتصادي.
- عمل معالجات تحت إشراف الأمم المتحدة.
المرحلة الثالثة (الملف السياسي) وتتضمن:
- ترتيبات لحوار يمني – يمني
- فترة انتقالية مزمنة تنتهي بالاحتكام للانتخابات
وكشفت المصادر أنه لم يتم تنفيذ ما تضمنته الخريطة سواء فتح موانئ الحديدة وعدن دون تفتيش السفن في جازان وجيبوتي، فيما ساهمت هجمات الحوثي العدائية على السفن في تجميد العمل بمضامين الخريطة، بما في ذلك استئناف تصدير النفط مقابل توسيع الرحلات من مطار صنعاء.
هل ما زالت صالحة للعمل؟
يقول المسؤولين اليمنيون إن صيغة خريطة الطريق لم تعد تلقى ذات الدعم من المجتمع الدولي والدول الفاعلة في الملف اليمني كأمريكا وبريطانيا كما كان قبل أحداث غزة ودخول المليشيات الحوثية كلاعب رئيسي ضمن ما يسمى «محور المقاومة» بقيادة إيران.
ولفتت المصادر أن واشنطن أبدت مخاوف أمنية متزايدة من استغلال مليشيات الحوثي لأي اتفاق سياسي للاحتماءِ به من أي ردودِ فعلٍ على هجماتها ضد السفن التجارية، ما جعل مسودة خريطة الطريق «صعبة التنفيذ».
وهو ما أكده مراقبون بأن خريطة الطريق وحلحلة الملف اليمني ككل «لا زال معقدا وشائكًا، ومرتبطًا بمتغيرات محلية وإقليمية ودولية، لا سيما فيما يخص الانتخابات الأمريكية والذي ستحدد استمرار ولاية جو بايدن أو عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض، حيث سيكون اليمن أحد أهم الملفات المطروحة بما فيه الرد على تهديد الحوثي للملاحة».
اعتراف أممي
وكان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ أعلن في ديسمبر/كانون الأول الماضي، توصل الأطراف اليمنية لـ«الالتزام بمجموعة من التدابير»، ضمن خريطة الطريق للحل السلمي، ما لقي ترحيبًا سريعًا من قبل الحكومة اليمنية والسعودية وعمان والإمارات وقطر، فيما تجاهله الحوثيون الذين ذهبوا لمواصلة التصعيد في البحر الأحمر.
لكن هذا الاختراق الأممي سرعان ما تبدد مع تصاعد هجمات الحوثيين ضد السفن، فاعترف غروندبرغ في إحاطته لمجلس الأمن في مايو/أيار الماضي أن «التوصل إلى اتفاق حول خريطة الطريق تعثر، إثر قصف الحوثي للسفن التجارية، والتي عقدت مساحة الوساطة بشكل كبير».
وحول مضمون اتفاق خريطة الطريق، قال إنها تتضمن «تنفيذ وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، ودفع جميع رواتب القطاع العام، واستئناف صادرات النفط، وفتح الطرق في تعز وأجزاء أخرى من اليمن، ومواصلة تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة»
كما «تتضمن آليات لتنفيذ عملية سياسية يقودها اليمنيون برعاية الأمم المتحدة»، وفقا للمبعوث الأممي هانس غروندبرغ.
موقف اليمن
اتخذت الحكومة اليمنية موقفا ثابتا بالترحيب بكل جهود السلام بما في ذلك خريطة الطريق والوساطة السعودية العمانية، تحت إشراف الأمم المتحدة، رغم تجاربها الطويلة مع الحوثيين ونقضهم للهدن والاتفاقات.
وكان آخر المواقف الحكومية حيال خريطة الطريق، ما قاله رئيس الوزراء اليمني أحمد بن مبارك في مارس/آذار الماضي، إن «حكومته كانت قد رحبت بالخريطة الأممية وأي جهود سلام، لكن العمل بهذه الخريطة توقف إثر تصعيد الحوثي في البحر الأحمر وتهديد الملاحة الدولية وتصنيف الجماعة كإرهابيين دوليين».
وأكد بن مبارك أن «توقف خريطة الطريق ساهم في تراجع أفق الحل السياسي» في البلاد، وهو موقف أعاد التذكير به المجلس الرئاسي مؤخرا بشأن توقف جهود السلام على مختلف المسارات، باستثناء ملف الأسرى والمختطفين.
ماذا عن الحوثي؟
كعادته لم يوافق زعيم مليشيات الحوثي الذي يمسك قرار الجماعة على خريطة الطرق، ووجه قياداته لاسيما العسكرية العاملة في الجبهات برفع الجاهزية والبقاء في حالة تأهب ورفض خريطة الطريق الأممية، ردا على إعلان المبعوث الأممي في ديسمبر/كانون الأول الماضي توصل الأطراف لاتفاق.
وأكدت مصادر عسكرية وسياسية في صنعاء لـ«العين الإخبارية»، أن زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي رفض -آنذاك- صيغة خريطة الطريق، ووجه قياداته بعدم الحديث عن السلام وأن «صنعاء غير معنية بهذه المسودة المعلنة».
كما أكد أنه «حتى لو تم التوقيع من قبل مفاوضي المليشيات على اتفاقات سياسية وإنسانية واقتصادية» فإن من وصفهم بـ«المجاهدين» غير معنيين بذلك، وأن مهمتهم تتعدى البحث عن رواتب للموظفين إلى «السيطرة على كل البلاد»، في إشارة لمواصلة التصعيد نحو المناطق المحررة، وفقا للمصادر.
aXA6IDMuMTQ1LjE5Ni4xNTAg
جزيرة ام اند امز